المقاربة الدولية لاحتجاجات إيران: مسارعة أميركية لاستغلالها وتريث أوروبي

المقاربة الدولية لاحتجاجات إيران: مسارعة أميركية لاستغلالها وتريث أوروبي

02 يناير 2018
ترامب: واشنطن تراقب عن كثب ما يجري(نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -
لم يتأخر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في إبداء موقفه من الاحتجاجات التي تشهدها إيران، مؤكداً مراقبة بلاده لما سمّاها "الاحتجاجات الضخمة" في إيران، مدعوماً بمواقف حلفائه الجمهوريين التي وصلت حد المطالبة بدعم المحتجين، ليُسجل ترامب موقفاً جديداً مناقضاً لسلفه باراك أوباما الذي كان أكثر تريثاً في مقاربة تظاهرات 2009 الإيرانية حين كان في الحكم. ومقابل الحماسة الأميركية للاحتجاجات، فإن الموقف الأوروبي كان بمجمله أكثر تريثاً بعدم صدور تعليق سريع على هذه التطورات، باستثناء وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الذي أعلن صراحة قلق بلاده مما يجري وتشديده على حق الإيرانيين بالتظاهر السلمي. 

وحظيت التطورات الإيرانية بأكثر من تعليق من قِبل ترامب، كان أبرزها قوله في تغريدة عبر "تويتر" أمس الإثنين، إن "زمن التغيير" حان في إيران. وكتب ترامب: "الشعب الإيراني العظيم مقموع منذ سنوات وهو متعطش إلى الغذاء والحرية. ثروات إيران تُنهب، وكذلك حقوق الإنسان. حان زمن التغيير". وأضاف: "إيران تفشل على كل الصعد رغم الاتفاق الرهيب الذي وقّعته معها إدارة أوباما"، مشيراً بذلك إلى الاتفاق النووي.
وكان الرئيس الأميركي قال في تغريدة يوم الأحد: "احتجاجات ضخمة في إيران... الشعب أدرك أخيراً كيف أن أمواله وثروته تُسرق وتهدر على الإرهاب". وأضاف "يبدو أنهم لن يقبلوا بهذا أبداً بعد ذلك. الولايات المتحدة الأميركية تراقب عن كثب انتهاكات حقوق الإنسان". ولم تتأخر السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، لدعم موقف ترامب، قائلة في بيان إن "الحكومة الإيرانية تتعرض لاختبار من مواطنيها. ندعو الله أن تنتصر الحرية وحقوق الإنسان".

كذلك جاءت مواقف الجمهوريين داعمة للتصعيد الأميركي، فحث السيناتور الجمهوري البارز لاندسي غراهام، ترامب على التصرف "بخلاف سياسة أوباما الإيرانية الفاشلة" والتشدد مع طهران. وأضاف "على ترامب شرح الوضع للأميركيين وللكونغرس والأوروبيين أيضاً، ووضعهم أمام خيارين: إما العمل على إنجاز اتفاق نووي أفضل، وإما الانسحاب منه والوقوف مع الشعب الإيراني". من جهته، رأى رئيس الأركان الأميركي السابق مايك مولن، أن على واشنطن "أن تعمل هذه المرة على دعم الحركة أكثر مما فعلت خلال أحداث 2009"، من دون أن يستبعد أن "تتطور الأمور وتؤدي إلى ردود عنيفة" وأن تتمدد رقعة المواجهة.


لكن مقابل الآمال والرغبات في واشنطن باحتمالات التغيير في طهران أو على الأقل تليين سياساتها، بدا أن التوقعات لم تصل حد المراهنة على ذلك. ووفق فيليب غوردن، المساعد السابق لأوباما، الباحث حالياً في "مجلس العلاقات الخارجية"، فإن ما يجري الآن "محدود وغير مؤكدة وقائعه، قد يؤدي إلى تراكمات، لكن من السابق لأوانه إدراجه في خانة الثورة".
وأضاف المسؤول الأميركي السابق "أنا أيضاً أريد أن أرى حكومة طهران تضعف أو تنهار، لذا فإننى أوجه نصيحة لترامب: ابق هادئاً ولا تفعل شيئاً".
وفيما دعت وزارة الخارجية الكندية، الحكومة الإيرانية، إلى احترام حقوق الإنسان والديمقراطية، كان التريث واضحاً في أوروبا في ما يتعلق بمقاربة هذه التظاهرات، باستثناء وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، الذي أعلن متابعته للاحتجاجات باهتمام، معرباً عن قلق لندن إزاء هذه التطورات. وأضاف في تغريدة على "تويتر"، أن "للمواطنين الإيرانيين الحق في التظاهر سلمياً". يُذكر أن جونسون زار إيران، الشهر الماضي، والتقى عدداً من مسؤوليها، مؤكداً أن "بلاده معنية باستمرار العمل بالاتفاق النووي"، ومبدياً رغبة بريطانيا في دخول قطاع الاستثمارات الإيرانية، واصفاً الاتفاق بـ"الإيجابي كونه يفتح الباب لفرص اقتصادية وتجارية".

كذلك برز موقف ألماني لافت، ففي بيان وزارة الخارجية الألمانية الموجّه إلى رعاياها بخصوص السفر إلى إيران، قالت إنه "يجب أن يوضع في الحسبان وجود تظاهرات ذات دوافع سياسية في كل أنحاء البلاد، ويرافق هذه التظاهرات عدد كبير من قوات الأمن". حديث برلين عن "دوافع سياسية" للتظاهرات، رافقته دعوة الخارجية الألمانية، طهران لاحترام حقوق المتظاهرين "والتصرف بشكل متعقل"، ومطالبة "كل المشاركين (في الاحتجاجات) بالتعبير عن مطالبهم بسلمية". في حين اكتفت روسيا، بدعوة رعاياها في إيران إلى الابتعاد عن أماكن الاحتجاجات.