انتصارات مشبوهة

انتصارات مشبوهة

07 سبتمبر 2017
لم يتم الالتفات إلى الدور النضالي لمصطفى (أحمد ديب/Getty)
+ الخط -

للمرة الأولى منذ اغتيال إسرائيل، في 27 أغسطس/آب 2001، الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو علي مصطفى، يخضع دمه للمحاكمة في أروقة تاريخ العلاقة الأردنية-الفلسطينية، من قبل مجموعات تجيد نبش التاريخ بهدف تسميم الحاضر وتأزيم المستقبل.

وتحت تأثير حملة مبرمجة على مواقع التواصل الاجتماعي، أصدر محافظ العاصمة الأردنية عمان، سعد شهاب، قبل يومين، قراراً يمنع فيه، تحت طائلة المسؤولية، حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني (وحدة) من إقامة حفل تأبين للشهيد، في الذكرى السادسة عشرة لاغتياله، في انتصار "مشبوه" لمن قادوا حملة التحريض على الشهيد، مستحضرين ذاكرة أحداث سبتمبر/أيلول 1970، التي كان أبو علي مصطفى خلالها قائداً عسكرياً لقوات الجبهة، من دون أن يتلفتوا ولو قليلاً إلى دوره النضالي في مواجهة الاحتلال الصهيوني.

ليست المرة الأولى التي يقرر فيها الحزب إحياء الذكرى، إذ دأب بشكل سنوي على إحيائها من دون اعتراض على المستوى الرسمي، أو بروز حملات تحريض على المستوى الشعبي، ما يجعل توقيت التحريض، الذي قاد إلى قرار المنع، مثار شبهة تتعدى الفعالية وموقف السلطة من الحزب، إلى الرغبة في خلق أجواء مشحونة، تزامناً مع توجّه الحكومة إلى إقرار حزمة جديدة من القوانين الاقتصادية ذات الأهداف الجبائية. كذلك، فإن المنع والأجواء التي خلقتها الحملة التي أسست للقرار، يصبّان في صالح الترتيبات التي يجري تهيئتها لعقد المؤتمر الإقليمي للسلام الذي يريده الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تحت عنوان "الصفقة الكبرى"، والذي يستوجب بالضرورة تهشيم رمزية المناضل وتفكيك الفكر المقاوم، والتشكيك في التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني. وعليه، ليس من العجب أن يوصف أبو علي مصطفى بـ"القاتل المأجور" و"المجرم"، ويجري ربط "خبيث" بينه وبين أبو مصعب الزرقاوي. لا يمكن اعتبار ما جرى أنه انتصار للأصوات التي عارضت التأبين، ببثها خطاب الفتنة، إذ لا يحفل تاريخ السلطة في الأردن بالاستماع إلى الأصوات المعارضة. ما جرى لا يتعدى مسرحية ممجوجة يعاد تمثيلها عبر أدوات السلطة كلما قررت ضرب الحريات ومخالفة القوانين، من دون أن تتورع أخيراً عن تحقيق انتصارات مشبوهة تتجاوز الخطوط الحمر باتجاه ضرب النسيج الاجتماعي.