السيسي يسيطر على الأجهزة القضائية استعداداً للانتخابات أو الاستفتاء

السيسي يحكم سيطرته على الأجهزة القضائية استعداداً للانتخابات الرئاسية أو الاستفتاء

01 أكتوبر 2017
ستشرف الهيئة الوطنية على الانتخابات (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

انتهى وزير العدل المصري، حسام عبد الرحيم، من إعداد البيئة التشريعية والقضائية اللازمة لتتحكم دائرة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في الهيئة الوطنية للانتخابات، التي ستشرف على الانتخابات الرئاسية المقبلة، حال إجرائها في موعدها الدستوري المحدد ابتداءً من 8 فبراير/شباط المقبل، والتي من المنتظر أن تشرف أيضاً على استفتاء التعديلات الدستورية حال إجرائه بدلاً من الانتخابات الرئاسية، فضلاً عن إشرافها على الانتخابات البرلمانية والمحلية.

وقال مصدر قضائي في وزارة العدل إن عبد الرحيم، الذي اقترب بعد توليه المنصب من شقيق السيسي القاضي في محكمة النقض، أحمد السيسي، أعد قائمة نهائية بأعضاء الهيئات القضائية، المرشحين إلى عضوية مجلس إدارة الهيئة، وكذلك المرشحين لتولي المناصب الفنية، مثل الأمين العام للهيئة ومساعديه والمنتمين بدورهم إلى هيئات قضائية وجهات تنفيذية أخرى، وأنه استبعد جميع المرشحين الذين رفضت الأجهزة الأمنية اعتمادهم، واختار بدلاً منهم عدداً من القضاة الذين عملوا معه في وزارة العدل، فضلاً عن آخرين أظهروا ولاءً للنظام أثناء عملهم في جهات حكومية أخرى.

وبناء على توجيهات الأجهزة الأمنية، استبعد وزير العدل نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، المستشارة نادية الشهاوي، من ترشيحات عضوية مجلس إدارة الهيئة، لسبب واحد يبدو غريباً، وهو أنها شقيقة زوج المستشارة نهى الزيني، الباحثة الإسلامية التي سبق وفضحت وقائع التزوير لصالح مرشحي الحزب الوطني المنحل في انتخابات مجلس الشعب في العام 2005، رغم أن الزيني لم تحاكم تأديبياً ولم تعاقب، وأثبتت التحقيقات صحة أقوالها عن وقائع التزوير. وعلى الرغم من أن العلاقة بين الشهاوي والزيني ليست ودية كما هو معروف بين أعضاء النيابة الإدارية، وأن الشهاوي معروفة بتبعيتها المطلقة للنظام، وكذلك علاقة زوجها المحامي كمال الإسلامبولي بعدد كبير من النواب والمسؤولين، إلا أن وزير العدل حسم أمره باستبعادها من الترشيحات "منعاً لاعتراضات الدوائر العليا من الأجهزة الأمنية" بحسب وصف المصادر، واختار بدلاً منها عضواً آخر في النيابة الإدارية، عمل معه لفترة طويلة في وزارة العدل، هو المستشار خالد عراق، الذي كان معاوناً لوزير الشؤون النيابية الحالي، عمر مروان، واختار معه مستشاراً آخر من النيابة الإدارية هو محمد أبو ضيف، المعروف أيضاً بتأييده للنظام. وبذلك يكون عبد الرحيم قد اختار بنفسه 8 أعضاء من بين العشرة الذين سيشكلون مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات على النحو التالي: من محكمة النقض، كل من المستشار لاشين إبراهيم لاشين (صديق الوزير وصديق شقيق السيسي) والمستشار محمود الشريف (صديق الوزير والأخ الشقيق للنائب أحمد حلمي الشريف عضو الأكثرية النيابية "دعم مصر")، ومن محاكم الاستئناف كل من المستشار محمود عبد الحميد (صديق الوزير وعمل سابقاً في وزارة العدل)، والمستشار أبو بكر مروان (شقيق وزير الشؤون النيابية)، ومن هيئة قضايا الدولة كل من المستشار عبد السلام محمود والمستشار هاني محمد علي (مؤيدان للنظام وعملا من قبل في الوزارة)، ومن النيابة الإدارية المستشارين خالد عراق ومحمد أبو ضيف.


أما مجلس الدولة فهو الهيئة الوحيدة التي فشل الوزير في التحكم في اختياراتها لعضوية مجلس إدارة الهيئة، إذ أجبر شيوخ أعضاء المجلس رئيسه المعين باختيار السيسي، المستشار أحمد أبو العزم، بعرض وظيفة عضو مجلس الإدارة على قضاة المجلس بترتيب الأقدمية، واعتذر بالفعل اثنان، واستقر الاختيار على اثنين، هما المستشار فارس فام والمستشار أحمد عبود. ولن ينال استقلال مجلس الدولة في اختياراته من حقيقة تحكم الوزير، ومن خلفه دائرة السيسي، في الهيئة التي سيكون لها السلطة التحكمية العليا في الانتخابات والاستفتاءات، ذلك لأن القانون ينص على أن يترأس أقدم ممثل لمحكمة النقض مجلس الإدارة، وهو المستشار لاشين إبراهيم، وهو ليس صديقاً للوزير ولشقيق السيسي فحسب، بل سبق له العمل مديراً للمكتب الفني للوزير ومساعداً مباشراً له أثناء توليه منصب رئيس محكمة النقض. كما أن تبعية 8 أعضاء للوزير من بين العشرة يضمن له أغلبية مريحة عند اتخاذ القرارات الجدلية. وسيكون لمجلس الإدارة سلطة قبول ورفض أوراق الترشح للانتخابات، والفصل في التظلمات، وتوقيع الجزاءات العقابية على المرشحين، ثم إعلان النتائج التمهيدية والنهائية في جميع الانتخابات والاستفتاءات، وهي المرة الأولى منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي تكون فيها الجهة المسيطرة على الانتخابات مكونة من قضاة بالاختيار، وليس بالأقدمية المطلقة، وهو اتجاه يتماشى مع سياسة السيسي في إنهاء استقلال السلطة القضائية والتحكم في قيادتها بواسطة التعيين ومنع أعضائها من اختيار رؤسائهم.

أما الأمانة العامة للهيئة، والتي ستعرف باسم الجهاز التنفيذي، فاختار وزير العدل لأعلى منصب فيها قاضياً شاباً قريباً له، هو أحمد محمد رفعت، والذي يشغل حالياً منصب القائم بأعمال الأمين العام للجنة العليا للانتخابات التي سيتم حلها بمجرد صدور قرار تشكيل المجلس الأعلى للهيئة الوطنية للانتخابات. واختار الوزير مساعدي رفعت من بين القضاة الذين سبق لهم العمل في الوزارة، لضمان عدم اعتراض الأجهزة الأمنية عليهم. ولم تقف خطة تأمين السيسي للجهات التي ستدير الانتخابات عند هذا الحد، بل امتد الأمر لتأمين المحكمة التي ستتولى، وفق قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، نظر الطعون على القرارات التي ستصدر من الهيئة بشأن المرشحين أو العملية الانتخابية، وكذلك الاستفتاءات، إذ صدرت منذ أيام الحركة القضائية الجديدة للمحكمة الإدارية العليا بإشراف ورئاسة رئيس مجلس الدولة المعين من قبل السيسي المستشار أحمد أبو العزم. وتضمنت الحركة إسناد جميع المنازعات الخاصة بالانتخابات والاستفتاءات إلى الدائرة الأولى بالمحكمة التي سيترأسها أبو العزم بنفسه. وبذلك يكون السيسي قد عين بنفسه رئيس المحكمة الذي سيتولى النظر في الطعون الانتخابية التي قد يقيمها السيسي أو منافسوه في الانتخابات الرئاسية. وقام أبو العزم بدوره بضم 12 قاضياً للدائرة سبق لهم جميعاً العمل تحت رئاسته ويدينون له بالولاء، وأخرج من الدائرة جميع القضاة الذين شاركوا في إصدار حكمي القضاء الإداري والإدارية العليا ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وتم توزيعهم جميعاً على دوائر أقل أهمية وبعيدة تماماً عن قضايا الرأي العام.

المساهمون