قاموس الخراب الجزائري

قاموس الخراب الجزائري

26 سبتمبر 2017
أويحيى حذر الجزائريين من الإفلاس (العربي الجديد)
+ الخط -
شاعر ورديء يستمد قاموسه من البذاءة والرداءة واللغة المغشوشة معنى ومبنى، أَوَيكتب قصيد مديح أو غزل؟؟... مستحيل، لكل بلد حطيئة، والحطيئة في الجزائر يقرأ شعره السياسي هذه الأيام في البرلمان بغرفتيه، أبيات من الشؤم وقصائد من خراب.

في غضون خمسة أشهر تحولت لغة الحكومة والمؤسسة الرسمية في الجزائر من قاموس الجنة إلى قاموس الجحيم، ومن مفردات البحبوحة إلى مفردات الإفلاس، من "السبهللة السياسية" لرئيس الحكومة الأسبق عبد المالك سلال إلى "الفنتازيا"، مع رئيس حكومة الشهرين ونصف الشهر عبد المجيد تبون، إلى "قفزة الجحيم" في عهدة رئيس الحكومة الجديد أحمد أويحيى.

قبل خمسة أشهر فقط، كان عبد المالك سلال يطمئن بتبختر الجزائريين بتوفر كل شيء، دعاهم إلى الأكل والزهو، ونصحهم بعدم الاستماع إلى تحاليل المعارضين والخبراء الذين كانوا ينذرون بحلول كارثة اقتصادية وإفلاس مالي، فقد كان سلال يتحدث عن جزائر لا يعرفها الجزائريون ولا يعيشون فيها. بعد انتخابات مايو/ أيار الماضي، تسلم عبد المجيد تبون دفة الحكومة، أنجز لغة أخرى، حاول الرجل أن يصنع من نفسه "دون كيشوت"، سلّ سيفاً صدئاً ضد رجال الأعمال دون ظهير سياسي، حتى أتته الطعنة من الرئاسة، وبدل أن يتمتع الجزائريون بأداء حكومي يقيهم شر الأزمة الخانقة، اختنقوا بغبار معركة حامية الوطيس بين الحكومة والكارتل المالي، لم يكن لهم فيها عير ولا نفير. الآن تسلم أحمد أويحيى الحكومة واستبدل لغة بلغة أخرى، ففي الجزائر لكل حكومة خط ولغة ومسار، وعلى الجزائريين أن يعيدوا مع كل حكومة، وقد بلغت 19 حكومة في عهد حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ عام 1999، إعادة ضبط المفاهيم والمفردات. أويحيى يحدث الجزائريين الآن عن "الإفلاس" و"مرحلة الجحيم" و"السكين الذي وصل إلى العظم"، وبأن "لا رواتب في شهر نوفمبر" وبأن "الخزينة لم يعد فيها ما يكفي"، وبأن "طبع مزيد من الأوراق المالية هو الخيار المتاح قبل الإفلاس"، وعليهم - الجزائريون - أن يفهموا كيف حدث كل هذا، وقد كانت الحكومة قبل أشهر قليلة تعدهم بالجنة وتطمئن بأن الجزائر بلد تمساح لا توخزه إبرة الأزمة بحكمة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكيف أضاعت الجزائر تلك الفرصة التاريخية للإقلاع والانبعاث الاقتصادي والسياسي، ولماذا أخطأت الطريق وقد كان كل شيء متاحاً لأن تحدث قفزة نحو النمو وليس إلى الجحيم.  

قبل أشهر فقط كان كل معارض أو خبير يتحدث عن مخاطر الإفلاس التي تتوجه إليها البلاد، هو في توصيف الحكومة وصحف الحكومة وزبائن الحكومة "خائن وعميل تحركه الأيادي الأجنبية"، لكن حين يحدث أويحيى الجزائريين عن مآلات الجحيم التي انتهت إليها البلاد، بفعل سياسات السلطة الفاشلة وهو جزء أصيل منها، يصبح الأمر مصارحة ومكاشفة.

يقول الفلاحون في الجزائر إن "علامات السنة الزراعية تظهر من أولها"، وخريف الجزائريين هذا العام لا يشبهه سوى خريف عام 1986.

المساهمون