الراقص والسياسة

الراقص والسياسة

24 سبتمبر 2017
الشباب في صلب الحراك السياسي (ناصر طلال/الأناضول)
+ الخط -

عاد الفنان الكوريغرافي التونسي رشدي بلقاسمي، مرة أخرى في مهرجان قرطاج هذا الصيف، وتوقف مجدداً عند مسألة هامشية للغاية، تحوّلت إلى قضية رئيسية بالنسبة إليه وإلى عدد من أنصاره، عندما اعتبر أن عدداً من نائبات "حركة النهضة"، أدرن وجوههن عندما صعد ليرقص على مسرح المهرجان، بسبب لباسه الذي اعتبرنه غير لائق.

ففي قرطاج آلاف مؤلفة من المتفرجين في المدارج، ولكن الفنان الراقص "انتبه" فقط لعدد من النائبات، لم يعجبهن العرض أو جزء منه، وهو حق متاح لكل متفرج قد يبدي إعجاباً أو يصرخ مستهجناً أو يغادر. وربما يكون من حق الفنان أن ينزعج من بعض الجماهير، خصوصاً إذا كانوا يمثلون جهة أو رمزاً لأي شيء. ولكن أن يتحول هذا التفصيل إلى قضية سياسية وأن تتحول الرقصة إلى قضية يومية، فإن الأمر يصبح مملاً جداً ومزعجاً.

وبات كتدريب يتقنه التونسيون، أي تسييس كل شيء واستغلال كل الفرص لمهاجمة الخصم السياسي أو الفكري، فتحولت البرامج التلفزيونية إلى حلقات تصفية حسابات. وأتقن الجميع فكرة "تصنيف الجميع"، وانصرف الكثير إلى البحث في ماضي كل فرد، لأنك، بالنسبة إليهم "تابع لأحد ولا يمكن أن تكون خارج التصنيف".

غير أن هذا القدر من التسيّس الذي أصبح عليه التونسيون لا يتناسب مع عزوفهم عن الأحزاب والانتخابات، وهي قضية بحثها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في تونس خلال مؤتمره السنوي السادس لقضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي، فتوقف ملياً عند علاقة الشباب العربي والممارسة السياسية. كما كشف مدير فرع المركز بتونس، مهدي مبروك، أن "انسحاب الشباب من المناسبات السياسية الكبرى، لا يعني أن لا موقف أو التزام لهم. فالحركات الاجتماعية في تونس مثلاً، كأحداث الكامور في تطاوين في الجنوب التونسي، وحركة قبلي وحركة (مانيش مسامح) وغيرها، كشفت عن الالتزام المواطني السياسي. وهو نوع من الانتماء للسياسة، ولكن هذا الانتماء لم يكن على أساس الانتماء الحزبي والاصطفاف في الانتخابات السياسية". وعتبر أن "الشباب قد يكون غير معني بالانتخابات، ولكن له موقف من القضايا الراهنة كالفساد والبطالة وتوزيع الثروات. وهو ما يعني أن هناك خللاً كبيراً في الحياة السياسية لا بد من بحثه".

المساهمون