سباق قوات النظام و"سورية الديمقراطية" يصل إلى نفط ديرالزور

سباق قوات النظام و"سورية الديمقراطية" يصل إلى نفط ديرالزور

24 سبتمبر 2017
أثناء تقدم قوات النظام بدير الزور أخيراً(جورج أورفليان/فرانس برس)
+ الخط -
تواصل قوات النظام السوري تقدمها عند محاور القتال مع تنظيم "داعش" في ريف الرقة الشرقي، إذ بسطت سيطرتها، أمس السبت، على قرى جديدة قرب بلدة معدان التي تبعد نحو 65 كيلومتراً شمال غرب مدينة دير الزور. وتسعى قوات النظام، وفق وسائل إعلام دمشق الرسمية، لبسط نفوذها على مزيدٍ من مناطق سيطرة التنظيم في الضفة الشرقية لنهر الفرات بريف دير الزور الشرقي، وهي المناطق التي باتت تشهد تسابقاً متسارعاً للاستحواذ على "تركة داعش"، بين قوتين رئيسيتين: جيش النظام وما يُطلق عليه "القوات الرديفة" المدعومة روسياً من جهة، مع "قوات سورية الديمقراطية" المدعومة أميركياً من جهة أخرى، خاصة أن المساحات التي تشهد هذا التنافس المحموم، مليئة بأهم آبار النفط والغاز في سورية. وتندرج الأنباء حول سيطرة قوات سورية الديمقراطية، المدعومة أميركياً، على أكبر آبار غاز سورية، بحسب وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، وهو حقل كونوكو، شرقي مدينة دير الزور، ليؤشر إلى أن السباق في المنطقة الشرقية بين قوات النظام، و"سورية الديمقراطية"، سيكون على النفط أولاً، قبل افتتاح معركة الحدود الصحراوية الشاسعة مع العراق، لجهة البوكمال. ويحتاج كل من الطرفين، قوات النظام و"سورية الديمقراطية" إلى الموارد المالية التي يمكن توفيرها من نفط المنطقة الشرقية، ودير الزور بالتحديد، وهو ما لا يقل أهمية عن السيطرة على الحدود مع العراق. ولطالما موّل تنظيم "داعش" عملياته في سورية العراق وخارجهما من العائدات النفطية تلك، التي شاركت في استيرادها أطراف عدة، من بينهما مجموعات محسوبة على النظام مباشرة.

وتأتي هذه التطورات فيما دخلت معركة تحرير الرقة مرحلتها الأخيرة، مع قرب بسط "سورية الديمقراطية" سيطرتها الكاملة على المدينة التي كانت أبرز معاقل "داعش" بسورية، قبل أن تبدأ دفاعات التنظيم تتداعى وتتقلص مساحات سيطرته تدريجياً هناك.

وكانت مصادر ميدانية وتقارير إعلامية قد ذكرت أن "قوات سورية الديمقراطية"، وعقب سيطرتها على حي الفردوس، فإنها اقتربت من حسم المرحلة الأخيرة من معركة الرقة ضد "داعش". وأكدت مصادر من حملة "الرقة تذبح بصمت" لـ"العربي الجديد" أن القوات المهاجمة في الرقة بدأت منذ صباح أمس السبت، قصفاً مدفعياً عنيفاً استهدف الأحياء التي لا تزال خاضعة لـ"داعش" غرب المدينة. وذكرت المصادر أن "القصف عنيف جداً منذ صباح السبت، بمعدل 10 قذائف كل دقيقة، تستهدف مناطق سيطرة داعش"، متحدثين عن أن هذه "المناطق تمتد بين حيي القطار والجميلي".

ويتضح من خارطة النفوذ والسيطرة في مدينة الرقة، أن نحو 90 إلى 95 بالمائة من الأحياء، باتت تحت سيطرة "سورية الديمقراطية"، فيما لا تزال تكهنات عديدة تدور حول مصير من تبقى من مقاتلي "داعش" الذين تضاءلت مساحات تحركهم، وهم أساساً محاصرون تماماً داخل مئات الأمتار فقط، ضمن مربعٍ ضيق. وكانت رشحت أنباء لم يتم تأكيدها رسمياً من أي جهة، عن إمكانية أن يتم نقل من تبقى من عناصر التنظيم إلى مناطق سيطرته بدير الزور.


وذكر "الإعلام الحربي المركزي" التابع للنظام السوري أن قوات الأخير قسمت ريف الرقة الجنوبي، الخاضع لسيطرة تنظيم "داعش" إلى جيبين، بعد جمود عسكري في المنطقة استمر نحو شهر. ويمتد الجيب الأول شمال غربي دير الزور، بينما يتركز الثاني من منطقة حماة الشامية وصولاً إلى منطقة السبخة والحويجة شرقاً، محاذياً لمناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية"، وصولاً إلى محيط مدينة دير الزور من الجهة الشمالية الشرقية.

في غضون ذلك، أعلن الموفد الأميركي إلى "التحالف الدولي"، بريت ماكغورك، أن "داعش" انسحب نحو آخر 3 أحياء له في الرقة، وأن هناك خطة إنسانية واسعة النطاق ستنفذ بعد الخروج الكامل للتنظيم من المدينة، مضيفاً أن نهاية المعركة بالرقة تلوح بالأفق.

وغير بعيدٍ عن مدينة الرقة، واصلت قوات النظام تقدمها في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، بحسب ما أكدت وكالة النظام الرسمية "سانا" التي نقلت عن مصدر عسكري صباح أمس، أن جيش النظام سيطر "على قريتي معدان عتيق ومظلوم بريف دير الزور وذلك فى إطار عملياتها المتواصلة لاجتثاث تنظيم داعش". وأضافت الوكالة أن العمليات العسكرية متواصلة على الضفة الشرقية من نهر الفرات، متحدثة عن أن "وحدات الجيش بالتعاون مع الحلفاء فرضت سيطرتها بالكامل على قرية مظلوم وعلى بعض النقاط في بلدة خشام بعد اشتباكات عنيفة مع تنظيم داعش، سقط خلالها العديد من إرهابييه قتلى ومصابين". وتابعت إن "سلاح الجو دمر مواقع محصنة وخطوط إمداد لتنظيم داعش الإرهابي في قريتي خشام وحطلة ومنطقة حويجة صكر وأحياء الحويقة والجبيلة والعرضي وكنامات فيما دمرت وحدة من (قوات النظام) سيارتين للتنظيم على الطريق العام بالريف الشرقي".

وأعلن تنظيم "داعش" عن مقتل أكثر من 30 عنصراً من قوات النظام والقوات الروسية في هجوم لمقاتليه على مواقعهم في قرية مظلوم بريف دير الزور. وذكرت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم، أن عناصره هاجموا نقطة تمركز للقوات الروسية وقوات النظام والمليشيات الداعمة لها، على أطراف القرية، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أكثر من 30 عنصراً من القوات التي هاجمها، وتدمير بعض معداتها، قبل انسحاب عناصر "داعش" الذين استولوا على أسلحة وذخائر، بحسب تلك الوكالة.

ومع تواصل عمليات قوات النظام العسكرية شرقي نهر الفرات، بالتزامن مع تقدم "قوات سورية الديمقراطية" هناك، وإعلانها قبل يومين السيطرة على حقل "كونيكو"، فإن سيناريوهات تسابق الجانبين على "تركة داعش" تبقى مفتوحة. وقال ناشطون متابعون لمجريات المعارك شرقي الفرات، إن "سورية الديمقراطية" استهدفت فعلاً خلال اليومين الماضيين، عناصر من قوات النظام، خلال عبورهم نهر الفرات بالقرب من قريتي مراط والجفرة، نحو قريتي خشام والمظلوم على الضفة الشرقية من النهر. وقال ناصر حاج منصور، من "قوات سورية الديمقراطية"، إن حقل غاز كونوكو أصبح خاضعاً لسيطرة قواته بشكل كامل يوم السبت. لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ظل ينفي، حتى عصر أمس، أن يكون مقاتلو "سورية الديمقراطية" سيطروا على حقل الغاز الطبيعي الذي تفيد تقديرات بأنه الأكبر في كل سورية. لكن بجميع الأحوال، باتت قوات "سورية الديمقراطية" على بعد 4 كيلومترات فقط من قوات النظام السوري، وفق اعتراف القيادي في القوات ذات الغالبية الكردية، أحمد أبو خولة لوكالة "رويترز"، وهو ما يزيد من احتمالات المواجهة بين الطرفين، التي يحفّزها أكثر وجود الجزء الأكبر من الثروة النفطية السورية فيها. 

وكان المتحدث باسم "قوات سورية الديمقراطية"، طلال سلو، تحدث عن استهداف قوات النظام لعناصر "قسد" منذ فترة، وأعرب عن اعتقاده بإمكانية حدوث مناوشات جديدة مع قوات النظام في حال استهدفت الأخيرة مجدداً "قوات سورية الديمقراطية" في ريف دير الزور الشرقي، وذلك في حديثه لوكالة "سبونتيك" الروسية أخيراً.

وتضم دير الزور حقول نفط وغاز من أكبر الحقول في سورية، من أهمها حقل العمر النفطي الواقع شمال شرق مدينة الميادين، وحقل التنك في بادية الشعيطات بريف المدينة الشرقي، إضافةً إلى حقل الورد بالقرب من قرية الدوير بالريف الشرقي، وحقل التيم قرب مدينة موحسن جنوب المدينة، والجفرة على بعد 25 كيلومتراً شرقًا، ومعمل غاز "كونيكو" ويبعد 20 كيلومتراً شرق المدينة.