"إسقاط الجنسية" يزيد الغضب الداخلي والخارجي ضد النظام المصري

"إسقاط الجنسية" يزيد الغضب الداخلي والخارجي ضد النظام المصري

24 سبتمبر 2017
ينتظر المشروع موافقة البرلمان المصري (فرانس برس)
+ الخط -

تحوّل تعديل قانون الجنسية المصرية، الذي أقره مجلس الوزراء المصري، يوم الأربعاء الماضي، لتوسيع حالات نزع الجنسية ربما عن المعارضين وبشكل جماعي، أسير الانتقادات الدولية لسلوك النظام في عناوين الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية، ومن المحتمل أيضاً ازدياد المعارضة الداخلية للنظام. وتضمّن التعديل إضافة حالة جديدة لسحب الجنسية ممن "اكتسبها عن طريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة، أو صدور حكم قضائي يثبت انضمامه إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، أياً كانت طبيعته أو شكله القانوني أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد أو خارجها، وتهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة، أو بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة". كما نصّ التعديل على "زيادة المدة التي يجوز خلالها سحب الجنسية المصرية من الأجنبي الذي اكتسبها بالتجنس أو بالزواج لتكون 10 سنوات بدلاً من 5 سنوات، وزيادة المدة التي يكتسبها الأجنبي للجنسية المصرية تبعاً لوالدته لتكون سنتين بدلاً من سنة، وحذف اكتساب الأولاد البالغين للجنسية تبعاً لذلك والاكتفاء بالأبناء القصر". وشمل التعديل إضافة حالة جديدة لحالات إسقاط الجنسية متعلقة بصدور حكم بالإدانة في جريمة مضرّة بأمن الدولة من جهة بالخارج أو الداخل. وكي يصبح مشروع القانون نافذاً، فإنه في حاجة إلى موافقة مجلس النواب ومصادقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومن ثم نشره في الجريدة الرسمية.

في المقابل، أبدى عدد من البرلمانيين المستقلين، وتحالف 25-30 المعارض داخل البرلمان، رفضه تلك التعديلات، فأكد أحد أعضاء التحالف على خطورة تمرير مثل هذا القانون، مصنفاً إياه بأنه "بمثابة محاكم تفتيش جديدة". وشدّد على أن "ذلك القانون سيستخدم بحق أي معارض سياسي، خصوصاً في ظل حالة التربّص الإعلامي من جانب وسائل إعلامية محسوبة على النظام، تؤخوِن مَن تشاء وتخوّن من تشاء، ويصل الأمر في بعض الحالات للتكفير أيضاً". وأوضح أحد النواب لـ"العربي الجديد"، بأنه "خلال اتصاله بعدد كبير من نواب الائتلاف المعارض تحت قبة البرلمان، أكدوا رفض القانون وضرورة مواجهته داخل مجلس النواب".

من جهته، أفاد مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عزت غنيم، بأن "القانون الجديد الذي أقرّته الحكومة كخطوة أولية لعرضه على البرلمان لاحقاً، يأتي في إطار مساعي النظام المصري لملاحقة المعارضين السياسيين، سواء داخل مصر وخارجها لتضييق الخناق عليهم".

وأشار غنيم إلى أنه "في حال إسقاط الجنسية عن مواطنين مقيمين في مصر يستوجب ذلك الطرد خارج البلاد، أما في حالة إقامتهم خارج الأراضي المصرية فإن القانون الدولي يجيز لهم طلب الحصول على جنسية البلاد المقيمين فيها".

في المقابل، دعا مصدر قضائي بارز مجلسَ القضاء الأعلى وكافة الهيئات القضائية في مصر، إلى مواجهة مثل هذه القوانين التي وصفها بـ"المشبوهة"، مشدّداً على أن "قانوناً كهذا يضع القضاء في مواجهة المصريين، فهو بذلك تكون الأحكام القضائية والقضاء بمثابة عصا في يد النظام يرهب بها معارضيه".



دولياً، انتقد السيناتور الجمهوري جون ماكين المحاكمات الجماعية في مصر، داعياً الكونغرس إلى فرض معايير أكثر شدة تربط المساعدات إلى مصر بوجوب احترامها لحقوق الإنسان. وأضاف في بيان له، أن "المئات من المواطنين، بينهم الأميركي أحمد عطيوي، تمّت محاكمتهم بطريقة غير عادلة"، مشيراً إلى أن "محاكمتهم أثبتت قصوراً في تطبيق العدالة في مصر".

ودعا ماكين العدالة المصرية إلى "التمتع بالمصداقية والاستقلالية عن النظام السياسي، وتمكين المتهمين من محاكمة عادلة وفق القوانين الدولية". وأوضح أن "نحو 20 مواطناً وعاملاً في منظمات غير حكومية وآلاف المصريين يقبعون في السجون بسبب منعهم من حقهم في التظاهر".

في غضون ذلك، كشفت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، النقاب عن مذكرة قدمها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، إلى الكونغرس، في 22 أغسطس/آب الماضي، اتهم فيها السلطات المصرية بـ"الفشل في حماية حرية التعبير، والأقليات، والإخفاق بالتحقيق في انتهاكات قوات الأمن".

وانتقدت المذكرة التي كشفتها الوكالة الأميركية قبل ساعات قليلة من لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره الأميركي دونالد ترامب، في نيويورك على هامش أعمال الدورة الـ72 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما وصفته بـ"عمليات الاحتجاز، والاعتقالات التعسفية، وحالات الاختفاء المستمرة في مصر"، مشيرة إلى "وجود تقارير تتحدث عن عمليات قتل خارج إطار القانون، وعن حالات تعذيب وقتل يتعرض لها الموقوفون أثناء الاحتجاز".

بدوره، انتقد مصدر سياسي مصري مقرّب من النظام توقيت موافقة مجلس الوزراء المصري على ذلك القانون، واصفاً إياه بـ"السخيف". ورأى بأنه "ما زلنا في دوامة القرار الأميركي بتجميد جزء من المساعدات، ونجاح بعض التحركات الدولية ضد النظام في خلق رأي عام سلبي بين نواب الكونغرس الأميركي وبعض المنظمات البارزة ذات الصلة بصناعة القرار الأميركي والدولي". ورجّح المصدر السياسي أن "يتم إدخال هذا القانون إلى الثلاجة"، في إشارة إلى تجميده في أدراج البرلمان، في ظل التعليقات الدولية على أحوال حقوق الإنسان في مصر.