فقيه دستوري: حكومة السيسي تختار شعبها بدلَ أن يختارها

فقيه دستوري: حكومة السيسي تختار شعبها بدلاً من أن يختارها الشعب

21 سبتمبر 2017
النظام المصري يواصل تحديّ إرادة الشعب (الأناضول)
+ الخط -



طعن أستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق المصرية، محمد نور فرحات، بعدم دستورية التعديلات التي أدخلتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون الجنسية، مؤكداً أنها تخالف المادة السادسة من الدستور، بعدما أجازت إسقاط الجنسية الأصلية، حتى تسمح للحكومة بأن تختار شعبها، بدلاً من أن يختار الشعب حكومته.

ونص الدستور الصادر عن لجنة معينة من سلطة الانقلاب في العام 2014 على أن "الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به، ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه. ويحدد القانون شروط اكتساب الجنسية".

وقال فرحات، في تدوينة عبر صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك"، اليوم الخميس، إن "المشرع الدستوري لم يمنح المشرع العادي إلا سلطة تنظيم الجنسية المكتسبة (التجنس)، ولم يعط للمشرع سلطة سحب الجنسية الأصيلة (جنسية الدم)"، مؤكداً أن حرمان المصريين من جنسيتهم هو تعديل ظاهر في عدم دستوريته لكل ذي بصيرة أو فهم محدود للدستور.

وأضاف فرحات "إما أن يكون الأمر جهلاً من المستشارين القانونيين للحكومة، الذين أعدوا مشروع تعديل قانون الجنسية، وأجازوا إسقاط الجنسية الأصلية (من أبوين مصريين) على خلاف المادة الدستورية، وإما أن يكون نتيجة عدم اكتراث بمطالعة الدستور، وإما أنه جاء تنفيذاً لتعليمات، وهو الأرجح"، في إشارة إلى دائرة السيسي الاستخباراتية.

وأوضح فرحات، أن الدستور الصادر في العام 1971 كان يترك تنظيم أمر الجنسية برمته إلى القانون (المادة السادسة: الجنسية المصرية ينظمها القانون)، منوهاً إلى أن المادتين 15 و16 من القانون رقم 26 لسنة 1975 أجازت سحب الجنسية المكتسبة، وإسقاط الجنسية الأصلية في حالات محددة، من دون تعارض مع الدستور حينها.

وتابع: "هناك سبب آخر لعدم دستورية تعديلات الحكومة على القانون، يتمثل في منحها جهة الإدارة سلطة سحب الجنسية، وفقاً لمعايير مرنة فضفاضة تمكنها من إسقاط الجنسية عن المعارضين، وهو ما قضت بعدم دستوريته المحكمة الدستورية العليا مراراً في مجال التجريم".

وزاد فرحات: "رفقاً بالمصريين، وحرياتهم، ودستورهم.. الجنسية ليست منحة من أحد، بل هي الهوية.. ويقيني أن مجلس الدولة سينتهي إلى عدم دستورية مواد إسقاط الجنسية عند أخذ رأيه في هذا المشروع"، متسائلاً في لهجة استنكارية "هل سيلتزم برلماننا الموقر؟ لا أظن، إن كانت هناك تعليمات مخالفة".

واختتم الفقيه الدستوري، بقوله إن "الدولة (النظام) الآن لا تتوقف كثيراً أمام كون القوانين الصادرة مخالفة للدستور، لأنها تعلم أن طريق الوصول إلى الحكم بعدم الدستورية طويل وشاق".

ووافق مجلس الوزراء المصري، أمس الأربعاء، على إضافة حالة جديدة لسحب الجنسية "لكل من صدر بحقه حكم قضائي يثبت انضمامه إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، أياً كانت طبيعته، أو شكله القانوني أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد، أو خارجها، وتهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة، أو بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة".

وبحسب مراقبين، فإن التعديل يستهدف إسقاط الجنسية عن المنتمين لجماعة الإخوان، أو غيرها من تيارات الإسلام السياسي، أو المعارضة لسلطة الانقلاب الحاكمة، خاصة من الإعلاميين والنشطاء الحقوقيين المتواجدين في الخارج.

ومن المقرر أن يُحيل مجلس الوزراء تعديل القانون إلى مجلس الدولة، للنظر في مخالفته نصوص الدستور من عدمه، وإرساله مجدداً إلى الحكومة، التي سترسله بدورها إلى مجلس النواب، للمناقشة داخل اللجنة التشريعية بالبرلمان، الذي يُدار بواسطة الأجهزة الأمنية، إيذاناً بالتصويت النهائي عليه في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.