خلافات داخل هيئة "الحقيقة والكرامة" تهدد مسار العدالة بتونس

خلافات داخل هيئة "الحقيقة والكرامة" تهدد مسار العدالة في تونس

21 سبتمبر 2017
بن سدرين تتهم بالتفرد بالرأي (ياسين القايدي/ الأناضول)
+ الخط -
تتواصل الخلافات الداخلية بين أعضاء مجلس هيئة الحقيقة والكرامة بتونس، والتي كانت قد بدأت بحرب البيانات لتمتد إلى الطعن في القرارات التي تتخذها الهيئة وإلى اتهام رئيستها، سهام بن سدرين، بالتفرد بالرأي، ويرى مراقبون أن الخلافات داخل الهيئة من شأنها أن تعطل مسار العدالة الانتقالية في تونس.


وأكد أربعة أعضاء من مجلس هيئة الحقيقة والكرامة (علا بن نجمة وصلاح الدين راشد وعلي رضوان غراب وابتهال عبد اللطيف)، في بيان أصدروه الثلاثاء، أن القرارات التي تم اتخاذها بمجلس الهيئة منذ شهر أغسطس/ آب الماضي غير شرعية لأن العدد القانوني لعقد الجلسة لم يتوفر.


وطالب الأعضاء المعنيون مجلس نواب الشعب بالتعجيل في سد الشغور داخل مجلس الهيئة وجعله من الأولويات باعتبار أن العدالة الانتقالية من أهم مهام المرحلة الانتقالية.


وأشار البيان إلى أن تفرد بن سدرين بسلطة القرار هو ضرب لاستقلالية أعمال اللجان وخاصة أعمال البحث والتقصي، مشددين رفضهم لما يحدث من ضرب لمبادئ الحوكمة الرشيدة والاستقلالية في معالجة الملفات، وتمسكهم بمطلب تحقيق الشفافية وإعادة توزيع المسؤوليات داخل الهيئة.


وقال عضو هيئة الحقيقة والكرامة، علي رضوان غراب، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ الخلافات قديمة ولكنها تطورت في الآونة الأخيرة، معتبراً أن القرارات التي اتخذها مجلس الهيئة غير قانونية، وأن احتجاج بعض الأعضاء عن مسائل تهم التسيير وتنتقد التجاوزات الحاصلة جعلهم يتعرضون إلى حملة ممنهجة ضدهم.


وأكد غراب، أنه لم يتم إعلامهم بقرارات المجلس ولا الملفات التي يتم تداولها في الوقت الذي ينص النظام الداخلي على تشريكهم في القرار وعدم التفرد بالرأي، معتبراً أن الهيئة لا يجب أن تسير بهذه الطريقة لأن الشخص المنتخب على رأسها عليه أن يقبل بالرأي والرأي المخالف.


وأشار إلى أن أعوان الهيئة يتعرضون إلى ضغوطات شبه يومية وأنّ عديد القضاة استقالوا نظراً لتردي ظروف العمل ما أدى إلى إفراغ الهيئة من الكفاءات إضافة إلى التدخل في عمل اللجان، مبيناً أن هذا الأمر من شأنه أن يضرب صورة الهيئة.


واعتبر نائب رئيس هيئة الحقيقة والكرامة ورئيس مجلس التأديب صلب الهيئة، صلاح الدين راشد، أن الخلافات كانت تلازم الهيئة منذ 3 أعوام أي منذ بداية عملها وأنّهم ظنوا أنه يمكن تجاوز الخلافات الداخلية وأن البعض سيتعلم من الأخطاء ولكن تطورت الخلافات وأصبحت الهيئة تحاكم أفرادها ما أدى إلى تعكر ظروف العمل داخل الهيئة.


وأوضح راشد لـ"العربي الجديد" أنه رغم كونه رئيس مجلس التأديب بالهيئة، أي أنه ليس ضد القوانين والانضباط، إلا أن المسألة أصبحت عبارة عن ممارسات ممنهجة من قبل رئيسة الهيئة، مبيناً أنه تلك مسائل لا يمكن السكوت عنها أكثر، خاصة وأن الزمن لم يعد في صالح الهيئة فعمر الهيئة قصير وبالتالي لابد من وضع حد للتجاوزات والأخطاء.


واعتبر أن ما يحصل مرتبط بشخصية بن سدرين وأفكارها حول العدالة الانتقالية وتعاملها مع المحيطين، وبين مسائل هيكلية تعود لأخطاء بعضها تسرب إلى القانون الداخلي؛ فقسم اللجان مثلاً تابع للإدارة التنفيذية وهذا خطأ ما كان يجب أن يحصل، لأن رئيسة الهيئة أصبحت تسيطر على كل اللجان، مبيناً أن تواصل تدخل الإدارة في الأعمال سيؤثر ويفشل عمل الهيئة.


واعتبرت هيئة الحقيقة والكرامة في بيان لها صدر أخيراً، ورداً على البيانات التي ما فتئ يصدرها الأعضاء الأربعة أنها تتعرض إلى "مؤامرة" تحاك ضدها من قبل بعض "اللوبيات المعادية لمسار العدالة الانتقالية"، مضيفة أنه حصل تواطؤ بين عضو الهيئة ابتهال عبد اللطيف، والمسؤول عن الإعلام بالهيئة سيف السوادني، وذلك بهدف إيقاف جلسات الاستماع العلنية.


وأوضحت الهيئة أن هذه "المؤامرة" تتمثل في قيام العضوين المذكورين "بتسريب كم هائل من الوثائق الداخلية والمعطيات الشخصية والأوراق المحاسباتية المجمّعة بشكل انتقائي والخارجة عن سياقاتها"، مبينة أنه تم استعمالها "بشكل تضليلي" ليظهر الهيئة "وكأنها بؤرة فساد مالي وإداري"، وأن الاتهامات الموجهة لأعضاء الهيئة عارية من كل صحة.


وباتصال "العربي الجديد" بالهيئة لمزيد الاستفسار والرد على البيان الذي صدر أمس والاتهامات الموجهة إليها تمت إجابتنا أنه لا رد على البيان.


من جهتها، عقبت عبد اللطيف، على الاتهامات التي طاولتها قائلة: "التشويه أصبح علنياً وإلى غاية اليوم لم يقع إعلامي بالاتهامات الموجهة إلي، فالاستهداف مس شخصي والآن أصبح يشمل بقية أعضاء الهيئة ممن تمسكوا بوضع حد للتجاوزات".


وأكدت عبد اللطيف لـ"العربي الجديد" أنها من الأشخاص الذين تصدوا لرئيسة الهيئة في العديد من المسائل تهم الجوانب المالية وسوء التصرف في المال العام وسوء التسيير، مبينة أنه ومنذ ذلك الوقت بدأت المضايقات وحملات التشويه ضدها".


وبينت عبد اللطيف، أن التحفظ يمنعها من ذكر طبيعة التجاوزات ولكنها ستكتفي بما يطاولها من مضايقات فقد تم تسريب بريدها الإلكتروني الخاص والرسائل الداخلية التي انتقدت فيها التجاوزات إلى رئيسة الهيئة من قبل بعض الأشخاص المقربين من رئيسة الهيئة والمتعاقدين معها، لتنطلق حملات التشويه ووصل الأمر إلى تهديدها بالعنف الجسدي وأن التهديد كان من داخل وخارج الهيئة لأنها رفضت تغيير مواقفها، بحسب قولها.

المساهمون