جبهة رفح المصرية: رسائل وأهداف

جبهة رفح المصرية: رسائل وأهداف الهجوم المتواصل للجيش

19 سبتمبر 2017
عاد الجيش إلى عادته بتفجير منازل المواطنين(عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -
بات واضحاً للمراقبين، أن ما يجري في مدينة رفح المصرية المحاذية لقطاع غزة ليس مجرد حملة عسكرية كما جرت العادة، إذ تتعرض المدينة لحصار شديد منذ 25 يوماً، عدا عن تهجير سكانها وتدمير منازلها، في إشعال واضح لجبهة المدينة التي شهدت هدوءاً تاماً منذ هجوم البرث، مطلع يوليو/تموز الماضي. واللافت أن الهجوم الذي تشنه قوات الجيش على مدينة رفح، أتى بقرار من الاستخبارات الحربية، وفق ما أكدت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، وهو الأمر الذي تأكد بمقتل المقدم تامر أبو النصر، أحد أبرز قادة جهاز الاستخبارات في سيناء، إذ قتل أثناء مشاركته الميدانية في الهجوم على المدينة. وأوضحت المصادر أن المدينة تتعرض لهجوم هو الأوسع منذ سنوات، من دون سبب واضح للقيام به، وهي المرة الأولى التي تتعرض فيها المدينة لحصار شديد، طاول كافة احتياجات المواطنين، وكذلك إصدار أوامر للمواطنين بترك منازلهم من دون مبرر، رغم بعدها عن المنطقة العازلة التي أنشأها الجيش منذ عامين.

ويظهر من الهجوم، أن الاستخبارات الحربية، وهو الجهاز الذي كان يترأسه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل تعيينه وزيراً للدفاع في عهد الرئيس المعزول، محمد مرسي، يتجه للاستعجال في توسيع المنطقة العازلة التي بدأ الجيش العمل فيها في أكتوبر/تشرين الأول العام 2014. وكانت أوامر رسمية قد صدرت أخيراً إلى مؤسسات حكومية في مدينة رفح تطالبها بإخلاء مبانيها، وتحويل العاملين فيها إلى نقاط عمل أخرى خارج حدود رفح، في إشارة إلى نية هدمها خلال الفترة المقبلة، عدا عن إجبار مئات المواطنين على ترك منازلهم باتجاه مدن العريش وبئر العبد والإسماعيلية. كما من المتوقع أن يكون من أسباب هذا الهجوم إبقاء منطقة الحدود مع قطاع غزة ملتهبة، الأمر الذي من شأنه منع تشغيل معبر رفح البري، كما جرى التوافق بين جهاز الاستخبارات المصرية وحركة "حماس" الفلسطينية، خلال الأسابيع الماضية، عبر التحجج بأن الوضع الأمني لا يسمح بتشغيل المعبر في الوقت الراهن، ما يجعل مصر تستفيد من التقارب مع "حماس" من دون دفع مقابل.


وفي ملف الحالة الأمنية في سيناء، فإن من شأن إشعال جبهة رفح أن يدفع تنظيم "ولاية سيناء"، المبايع لتنظيم "داعش"، إلى تركيز وجوده في منطقة واحدة، تتركز في مناطق جنوب وغرب العريش، بعيداً عن الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، التي يسعى الجيش المصري والاستخبارات إلى تأمينها، وكذلك بعيداً عن الحدود مع قطاع غزة، في محاولة منه لتجفيف منابع التنظيم بشكل كامل. يشار إلى أن الهجوم الحالي على رفح أحدث ضغطاً حقيقياً على التنظيم في مناطق رفح، ما حدا به إلى تحويل المعركة إلى مناطق غرب العريش، بهجومه النوعي على رتل للشرطة على الطريق الدولي الرابط بين مدينتي العريش وبئر العبد قبل أسبوع، ما أدى إلى مقتل 18 شرطياً وإصابة آخرين. كما حاول "ولاية سيناء" التصدي لهجوم الجيش برفح من خلال عدة هجمات على كمائن الجيش والقوات المشاركة في الهجوم، إلا أنها لم تحدث الضغط المطلوب لإجبار الجيش على وقف الهجوم كما جرى سابقاً في مناطق جنوب رفح والشيخ زويد.

وما استفز الاستخبارات الحربية أخيراً أن المهربين في رفح والعاملين على الحدود مع إسرائيل وقطاع غزة باتوا يستمعون إلى أوامر تنظيم "ولاية سيناء"، من دون إعارة الاهتمام للاستخبارات، كما جرت العادة على مدار السنوات الماضية، حيث كان مصدراً للرشوة بمبالغ طائلة للسماح لهم بالعمل. يشار إلى أن تنظيم "ولاية سيناء" يطبق رؤيته في العمل على المهربين وسكان المناطق التي يتواجد بها، إذ منع أخيراً كافة المشاركين في التهريب من العمل، رداً على حملة الاعتقالات في صفوف مناصريه في غزة، ومن يخالف الأوامر الصادرة عن التنظيم يلقى عقاباً شديداً وفق ما أكدت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد". وخلال هذا الهجوم عاد الجيش إلى عادته في تفجير منازل المواطنين، بعد عامين كاملين من توقف هذه السياسة، بإنجازه للمرحلة الثانية من المنطقة العازلة، إذ فجر خلال اليومين الماضيين عدداً من منازل المواطنين بعد تفخيخها من قبل قوات الهندسة التابعة إلى الجيش. ومن الواضح أن الجيش سيحقق جزءاً كبيراً من أهدافه في هذا الهجوم، أولها استكمال المنطقة العازلة بعد تهجير آلاف المواطنين من أماكن سكنهم، وإبقاء المنطقة المجاورة لقطاع غزة ملتهبة ما يمنع تشغيل معبر رفح، وإعادة فرض الاستخبارات سيطرتها على عمل المهربين مع إسرائيل وغزة، وإبعاد تنظيم "ولاية سيناء" عن الحدود مع إسرائيل كمرحلة أخيرة من العملية. يشار إلى أن الجيش المصري يشن هجوماً واسعاً منذ 25 يوماً على مناطق غرب وجنوب رفح، مع حصار شامل يمنع خلاله الحركة من المدينة وإليها إلا لحالات إنسانية قليلة، الأمر الذي أدى إلى نقص شديد في الاحتياجات اليومية للمواطنين، تزامناً مع انقطاع شبه تام للكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات والإنترنت عن المدينة.

المساهمون