كشمير... قصة الفرص الضائعة لا تتوقع حلاً قريباً

كشمير... قصة الفرص الضائعة لا تتوقع حلاً قريباً

17 سبتمبر 2017
صدامات في كشمير بين الجيش الهندي والانفصاليين (فيصل خان/الأناضول)
+ الخط -

ثلاث حروب خاضتها كل من الهند وباكستان منذ عام 1974، ولا تزال قضية كشمير، والشطر الذي تسيطر عليه الهند تحديداً، محور الفرص الضائعة للحل السلمي، مع عودة الاشتباكات المسلحة بين الطرفين بشكل دوري، وكان آخرها مقتل أحد أفراد حرس الحدود الهندي، بعد أن أطلق جنود باكستانيون النار على العديد من المواقع على طول الحدود المضطربة في قطاع أرنيا في كشمير يوم الجمعة الماضي. في هذا السياق، يتهم خبراء ومحللون ومسؤولون سابقون في نيودلهي كلاً من الهند وباكستان وأيضاً الانفصاليين الكشميريين بالتسبب في الوضع الذي تعيشه كشمير الآن، والذي يجعل تلك المنطقة من آسيا "نقطة صدام نووي"، بسبب عدم استمرار المبادرات التي تم تحقيق النجاح فيها في مرحلة ما، والمضي قدماً إلى مرحلة أخرى لإيجاد حلّ نهائي مقبول لجميع الأطراف، ذلك أنه منذ بداية القرن الحالي، تم تحقيق نجاحات عديدة، جرى التراجع عنها مرات عدة.

وجديد الأزمة، كان وصول وزير الخارجية الهندي، راج ناث سينغ، إلى كشمير هذا الأسبوع مختتماً جولته الأربعاء. كان الوزير الهندي متفائلاً بقوله إن "الوضع في الإقليم يتحسن، وإن حكومة نيودلهي ترحّب بالمفاوضات مع أصحاب المصالح، لإحلال السلام في وادي كشمير". وأعلن أيضاً أن "الحكومة الهندية ستدفع تعويضات مالية لأسر الذين قُتلوا في انتهاكات وقف إطلاق النار على أيدي القوات الهندية أخيراً".

وأتت زيارة الوزير الهندي عقب موجة جديدة من أحداث العنف في جامو وكشمير، أي الشطر الذي تسيطر عليه الهند. ورداً على ما أدلى به سينغ بأنه "يرحّب بالمفاوضات مع جميع الأطراف في كشمير"، قال المسؤول السابق في سلاح الجو الهندي، كابيل كاك، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "حين كان الوزير الهندي يدلي بمثل هذه التصريحات، كان يتم اعتقال جميع الزعماء المتمردين والانفصاليين الكشميريين، أو يتم سجنهم في منازلهم أثناء زيارته. علماً أن سينغ لم يجتمع مع أي من الانفصاليين أثناء زيارته". وكابيل كاك بعد تقاعده من سلاح الجو الهندي أصبح أحد أبرز الهنود العاملين مع مجموعات التأثير والضغط الناشطة لحل سلمي لقضية كشمير. ويشدّد على أن "لا حلّ إلا بالتواصل مع الكشميريين سياسياً، وأن نتجه إلى باكستان للمفاوضات. لا بدّ لباكستان أيضاً أن تفهم أن هناك مشاعر تتعزز ضدها في الإقليم على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب، وأنه لا بد أن تتخلى عن هذه السياسة لكي تستمر المفاوضات بين البلدين". وختم كاك حديثه متشائماً لأنه "في ضوء الوضع الحالي لا أرى أنه يوجد أي حل لقضية كشمير في العقد المقبل على الأقل".



منطقة كشمير يصفها كثيرون بأنها "جنة على الأرض"، موقعها استراتيجي ويربط جنوب آسيا بآسيا الوسطى. شطره الأكبر تسيطر عليه الهند، ويسمى إقليم جامو وكشمير، وشطره الآخر مع باكستان يسمى آزاد كشمير. هنالك أيضاً شطر ثالث اسمه آكسي تشن، وتسيطر عليه الصين.

أغلبية سكان كشمير مسلمون، بالتالي فإن الهند لا تريد أن تفتح باباً لمزيد من حالات الانفصال على أساس ديني أو عرقي بعد استقلال باكستان كبلد مسلم. ففي ذلك الحين، تمّ إجراء استفتاء في الهند لتحديد المناطق التي تريد البقاء في إطار الدولة الهندية، والمناطق الراغبة في الانضمام إلى باكستان. حينها قررت سلطات كشمير ضمّ المنطقة إلى الهند، في تجاهل لكون غالبية سكان هذه المنطقة من المسلمين، ولم يجر استفتاء لآرائهم.
بعدها، نشبت الحرب بين الهند وباكستان واحتلتا شطر كل واحد منهما، وأعطت باكستان جزءاً مما احتلته من كشمير إلى الصين. رفع رئيس الوزراء الهندي الأول، جواهر لال نهرو، القضية إلى الأمم المتحدة، التي اتخذت القرار بإجراء استفتاء في كشمير لحلّ هذه القضية. غير أنه في قرار آخر دعت الأمم المتحدة إلى مفاوضات ثنائية لحل القضية بين الهند وباكستان. كما وقّع البلدان على اتفاقية "شيملا" التي تنصّ على حل القضية بالحوار الثنائي.



منذ ذلك الوقت، شهد الشطر الهندي لكشمير أحداثاً دامية في فترات متقطعة. وبحسب إحصائيات وزارة الداخلية الهندية، فإن 13936 مدنياً كشميرياً قُتلوا منذ اندلاع العنف والتمرّد العسكري في كشمير بين عامي 1990 و2016. وسقط أيضاً 5043 عنصراً من القوات الهندية. لكن بحسب إحصائيات الانفصاليين الكشميريين، فقد بلغ عدد القتلى الحقيقي في هذه الفترة أكثر من 90 ألف عنصر. وكان البرلمان الهندي قد اتخذ قراراً قال فيه إن "كشمير بكاملها جزء لا يتجزأ من الهند"، ولم يعارض هذا القرار أي عضو في البرلمان.

وكانت الموجة الأخيرة للأحداث الدامية في كشمير بدأت في يوليو/تموز 2016 حين قتلت شرطة جامو وكشمير ثلاثة من المتمردين، بعدها قُتل أكثر من مائة محتج كشميري برصاص القوات الهندية، وبلغ عدد الجرحى أكثر من 15 ألف شخص، حتى شهر مايو/أيار الماضي.

بدورها، كشفت رئيسة "مركز الحوار والتصالح" في نيودلهي، سوشوبها باروي، أن "مركزها نظّم 17 مؤتمراً حوارياً حتى الآن بين الخبراء والسياسيين والمسؤولين والإعلاميين من الهند وباكستان، للبحث عن سبل التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، منها إيجاد حل لقضية كشمير". وقالت باروي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "هناك الكثير من الفرص التي أضعناها لحل قضية كشمير وإحلال السلام بين الهند وباكستان"، لافتة إلى أن "كلا من الهند وباكستان والكشميريين مسؤولون عن إضاعة فرص بعضها كانت ذهبية".

وأشارت بالتحديد إلى "فترة حكم الجنرال برويز مشرف في باكستان، حين تحققت بعض النجاحات لحل نزاع كشمير والخلافات الحدودية الأخرى. لكن الحكومة التالية رفضت أن تبدأ من المرحلة التي وصلت إليها كل من الهند وباكستان، ومنذ تولّي ناريندرا مودي منصب رئيس الوزراء في الهند، جاء ببعض المبادرات لإحلال السلام مع باكستان ثم تراجع عنها، ليحصل الاعتداء على مواقع في الهند واتهام باكستان بالوقوف خلفها وتتلاشى آثار استئناف المفاوضات والجلوس على الطاولة". وختمت باروي قائلة إنه "ليس هناك أي مجال إلا العودة إلى طاولة المفاوضات بين البلدين. يمكن للهند أن تبدأ المباحثات مع الكشميريين في جانب ومع باكستان في جانب آخر".