الرهانات السياسية والاقتصادية على جولة نتنياهو اللاتينية

الرهانات السياسية والأمنية والاقتصادية على جولة نتنياهو اللاتينية

صالح النعامي

avata
صالح النعامي
12 سبتمبر 2017
+ الخط -
في نظر صناع القرار في تل أبيب، فإن الجولة التي يقوم بها حاليًّا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أميركا اللاتينية تكتسب أهمية تاريخية؛ ليس فقط لأنها الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي لهذه القارة، بل أيضًا بسبب الرهانات الكبيرة على دورها في تحقيق مصالح إسرائيل في الحلبة الأممية، وتحسين مكانتها الدولية وأوضاعها الاقتصادية، وتوثق التواصل مع الجاليات اليهودية المهمة في بعض دول هذه القارة. 

وكما يقول مساعد وكيل الخارجية الإسرائيلية، مودي إفرايم، فإن الهدف السياسي الرئيس للجولة، التي تشمل الأرجنتين، كولومبيا، المكسيك؛ يتمثل في محاولة إقناع حكومات هذه الدول بتفهم مصالح إسرائيل السياسية والأمنية، ودفعها لعدم التصويت لصالح مشاريع القرار التي تقدم ضد إسرائيل في المحافل الدولية.


وفي لقاء متلفز عرضه مساء أمس موقع "القناة السابعة"، أشار إفرايم إلى أن السعي لتحقيق هذا الهدف يكتسب أهمية استثنائية بسبب الدور الذي باتت تلعبه دول القارة في المحافل الدولية، مدعيًا أن إسرائيل حققت بعض الإنجازات المهمة على هذا الصعيد. وأشار بشكل خاص إلى أنماط تصويت الأوروغواي في المحافل الدولية، حيث باتت تعارض بشكل تلقائي مشاريع القرار "المعادية لإسرائيل".

وحسب إفرايم، فإنه يفترض أن تفضي الجولة إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل، لافتا إلى أن الجولة ستشهد التوقيع على عدد كبير من الاتفاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول الثلاث "ستدر على خزينة الدولة أموالاً طائلة". ومما يدلل على البعد الاقتصادي لهذه الجولة حقيقة أن 30 من رجال الأعمال الإسرائيليين، يعملون في مجالات "السايبر" (الفضاء الإلكتروني)، وتقنية المياه، والزراعة، يرافقون نتنياهو.

لكن ما تجنب إفرايم الإقرار به، أوضحه جدعون ألون، المعلق السياسي لصحيفة "يسرائيل هيوم"، الذي يرافق نتنياهو في جولته، والذي أشار إلى أن أحد أهم أهداف الجولة هو محاولة منع إيران من التسلل إلى أميركا اللاتينية.

وفي تقرير نشره موقع الصحيفة، ظهر اليوم الثلاثاء، أشار ألون إلى أن نتنياهو حرص في كل التصريحات والكلمات التي ألقاها حتى الآن، على هامش زيارته للأرجنتين، على التأكيد على "خطورة الإرهاب الشيعي" الذي تقوده إيران، وحث دول العالم على "التجند" لمحاصرتها وتقليص قدرتها على المناورة.

من جهته، يرى البرفسور آرييه كوتيشبيتش، المحاضر في الجامعة العبرية، والمتخصص في شؤون أميركا اللاتينية، أنه بخلاف زيارة كل من المكسيك وكولومبيا، فإن زيارة نتنياهو للأرجنتين تكتسب أهمية رمزية، بسبب التوتر الذي ساد العلاقات بين الجانبين منذ التفجير الذي دمر مقر السفارة الإسرائيلية في بيونس آيريس في مارس/آذار 1992، إلى جانب أن الزيارة تعبر عن رغبة القيادة الإسرائيلية في التواصل مع الجالية اليهودية في الأرجنتين، التي تضم 300 ألف شخص، وتعد أكبر جالية يهودية في أميركا اللاتينية.

وفي حلقة نقاشية بثتها قناة "الكنيست"، الليلة الماضية، بشأن الجولة، نبّه كوتشبيش إلى أن الزيارة لكل من المكسيك وكولومبيا تكتسب أهمية اقتصادية، مشيرًا إلى أن إسرائيل تملك ثاني أكبر استثمارات في المكسيك بعد الولايات المتحدة.


وشدد على أن "العوائد الاقتصادية" لزيارة المكسيك يفترض أن تكون كبيرة بشكل خاص، لافتا إلى أن نتنياهو سيستغل الزيارة أيضًا في محاولة التخلص من الانطباعات "السلبية" التي تولدت لدى القيادة المكسيكية في أعقاب تغريدته التي كتبها قبل عام، والتي أيد فيها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عندما كان حينها مرشحًا للرئاسة، نيته بناء جدار على الحدود مع المكسيك.

ويرى أرييه كورزين، المعلق السياسي في قناة "الكنيست"، أن نتنياهو سيحاول إقناع القيادتين في كل من الأرجنتين والمكسيك بموقف حكومته الرافض لفكرة إقامة دولة فلسطينية، ولا سيما أن كلا من بيونس آيريس ومكسيكو صوتتا لصالح الاعتراف بهذه الدولة في الأمم المتحدة.

وفي ما يتعلق بكولومبيا، فإن التحديات التي تواجه نتنياهو في زيارته ستكون محدودة للغاية، على اعتبار أن هذه الدولة، مثلها مثل الأورغواي وهندوراس، تصوت بشكل تقليدي لمصلحة إسرائيل في المحافل الدولية.

لكن نظرة متأنية تدلل على أن رهانات إسرائيل على هذه الجولة مبالغ فيها إلى حد ما، نظرًا لأن الجولة تخلو من محطّة البرازيل، التي تعد أكبر دول القارة وأهمها من ناحية سياسية واقتصادية. فقد باءت الجهود التي بذلتها إسرائيل لإقناع البرازيل بتحسين علاقاتها معها بالفشل.

ومن الشواهد على توتر العلاقة بين الجانبين، رفض البرازيل، قبل عام، رغم محاولات نتنياهو، اعتماد تعيين داني ديان، الرئيس الأسبق لمجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، سفيرًا في البرازيل. وتسجل إسرائيل أن البرازيل الأكثر حماسًا من بين دول القارة في دعم القضية الفلسطينية، فقد استدعت سفيرها من تل أبيب في صيف 2014 احتجاجًا على الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة. 

ويرى كثير من المراقبين في إسرائيل أن بعض مظاهر احتفاء نتنياهو بجولاته الخارجية، وضمنها الجولة الحالية في أميركا اللاتينية، يرجع إلى محاولته تحسين صورته، في ظل تركيز الإعلام الإسرائيلي على تورطه وعائلته في قضايا فساد تحقق الشرطة فيها حاليًّا.

ومن الشواهد التي تبرر الحذر في تبني النظرة التفاؤلية الإسرائيلية من الجولة الحالية؛ حقيقة أن نتنياهو حرص، قبل شهرين، بشكل تظاهري، على الاحتفاء بموافقة دولة "توغو" الأفريقية على استضافة قمة أفريقية إسرائيلية. وقد تبين في ما بعد أن الاحتفاء سابق لأوانه فقد ألغيت القمة بسبب اعتراض الكثير من الدول الأفريقية عليها، إلى جانب حدوث تطورات داخلية في توغو نفسها.

وفي ما يتعلق بالسعي لتجفيف بيئة العمل الدبلوماسي لإيران، فقد تبين أن إسرائيل فشلت في إحداث تغيّرات على مواقف الدول الأفريقية من طهران، ولا يوجد سبب يدعو للاعتقاد بأنها ستحقق نتيجة أفضل في أميركا اللاتينية.


ذات صلة

الصورة

سياسة

قرّرت شعبة الأمن في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن تغلق مؤقتاً 28 سفارة إسرائيلية حول العالم، تحسباً لإقدام إيران على الانتقام لغارة دمشق.
الصورة

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعليق مغادرة جنود الوحدات القتالية ثكناتهم العسكرية مؤقتاً، وذلك بناء على تقييمه للوضع، مؤكداً أنه في حالة حرب
الصورة
عزمي بشارة (العربي الجديد)

سياسة

قال المفكر العربي عزمي بشارة إن جهات عديدة في أوروبا والولايات المتحدة تعمل منذ عقود بشكل منظم على تحويل التضامن مع الشعب الفلسطيني إلى حالة دفاع عن النفس
الصورة
وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو (إكس)

سياسة

دعا وزير إسرائيلي متطرف، الجمعة، إلى "محو" شهر رمضان وعدم التخوف من تصاعد التوتر بالضفة الغربية والقدس الشرقية خلال الشهر، نتيجة الحرب على قطاع غزة.

المساهمون