كتاب "ماذا حصل؟"... ملاذ كلينتون لتبرير الهزيمة وتصفية حساباتها

كتاب "ماذا حصل؟"... ملاذ كلينتون لتبرير الهزيمة وتصفية حساباتها

13 سبتمبر 2017
كلينتون لن تترشح إلى الانتخابات بعد اليوم (ديمتريس كامبوريس/Getty)
+ الخط -
يعيد كتاب "وات هابند" (ماذا حصل؟)، للمرشحة الديمقراطية السابقة إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، هيلاري كلينتون، فتح السجال حول الدور الذي أداه رئيس وكالة الاستخبارات الفيدرالية (إف بي آيه) المقال، جيمس كومي، وروسيا في خسارتها الانتخابات، في الوقت الذي تتواصل فيه تداعيات الانتخابات الرئاسية، وما رافق حملات الرئيس الحالي دونالد ترامب، خصوصاً بعدما كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن مجموعة صغيرة من المحامين التابعين للبيت الأبيض حثوا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على الإطاحة بصهره جاريد كوشنر، لقلقهم من أن التحقيق الذي يجري بشأن ما إذا كانت حملة ترامب الانتخابية نسقت مع الروس قد يحد من قدرته على القيام بوظيفته.

كتاب "وات هابند"

بعد هزيمتها المدوية قبل عشرة أشهر أمام ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، نشرت كلينتون روايتها الشخصية للسباق ونتائجه، متحملة فيها قسطها من المسؤولية، لكنها رفضت في الوقت نفسه تبرئة الأطراف الخارجيين، وفي طليعتهم وكالة الاستخبارات الفيدرالية وروسيا والإعلام الأميركي.

ولا توفر كلينتون، التي تحتفل في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل بعيد ميلادها السبعين، انتقاداتها للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فتنعته بـ"الكاذب"، والمهين للنساء، وغير اللائق، وغير الكفوء، مبدية "ذهولها" حين سمعته يشرح أن مشكلة كوريا الشمالية "غير بسيطة".

ووصفت "صدمة" ليلة الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 (يوم صدور نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها ترامب) في غرفتها في فندق بنيويورك، و"الحزن" الذي لم يفارقها على مدى أسابيع. لكنها رفضت تناول الأدوية المضادة للانهيار واستشارة محللين نفسيين، موضحة أنها لجأت إلى عائلتها، ومارست تقنية تنفس لقّنتها إياها معلمتها لليوغا، كما استعانت بالنبيذ. وكتبت كلينتون، التي امتنعت طوال ربع قرن من الحياة العامة عن إبداء مشاعرها ونقاط ضعفها في العلن، "لم يمض يوم منذ الثامن من نوفمبر 2016، لم أتساءل فيه لماذا خسرت؟ أجد أحياناً صعوبة في التركيز على أي مسألة أخرى".

ولمناسبة صدور كتابها "وات هابند" (ماذا حصل؟)، تقوم كلينتون بجولة ترويج في الولايات المتحدة وكندا، فتعقد حفل توقيع في نيويورك مع صدور مقابلات معها و15 محاضرة مدفوعة الأجر، تستمر حتى ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وتثير هذه الحملة الإعلامية المكثفة بعض الاستياء من جانب الديمقراطيين الذين يفضلون أن يمضي حزبهم قدماً. لكن في مؤشر إلى احتفاظها بقاعدة متينة من المؤيدين، فإن العديد من محاضراتها باتت منذ الآن مكتملة الحضور.
وتصف كلينتون حفل تنصيب ترامب الذي شاركت فيه بصفتها سيدة أولى سابقة، بأسلوب يمزج ما بين المأساة والهزل، فتتصور الخطاب الذي كانت ألقته بنفسها لو فازت، وتقول إنها تبادلت نظرة ذهول مع السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما، وتسخر من أعضاء الكونغرس الجمهوريين الذي اقتربوا لإلقاء التحية عليها، مذكرة أحدهم بأنه قال عنها إنها "المسيح الدجال".
ولم ينج خصمها الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية، بيرني ساندرز، من انتقاداتها، إذ أخذت عليه نبرته العدائية خلال الحملة، ورددت نصيحة أسداها لها باراك أوباما "لا تحاولي مجاراة الشباب، أنت جدة".

وتناولت كلينتون العوامل التي ساهمت في هزيمتها، ومنها الرغبة في التغيير، والرفض لشخصها، والعداء للنساء، وإحساس شرائح من الطبقات الشعبية البيضاء بأنها على هامش الاقتصاد. لكنها نددت خصوصاً باستغلال ترامب "المخاوف العرقية والثقافية" لدى البيض. وكتبت إن "العديد من هؤلاء الناخبين كانوا يخشون أن يهدد السود والمكسيكيون والمسلمون نمط حياتهم". غير أن كل هذه العوامل لم تكن كافية وحدها، إذ بقيت متقدمة في استطلاعات الرأي حتى اللحظة الأخيرة.


وكلينتون على قناعة راسخة، بحسب الكتاب، بأن تدخل مدير الـ"إف بي آيه"، جيمس كومي، قبل 11 يوماً من الانتخابات هو الذي رجح الكفة، إذ دفع جزءاً من الناخبين في بعض الولايات الأساسية لمنح أصواتهم إلى ترامب، ما كان كافياً ليضمن له الفوز، وهي تستند في ذلك إلى تحليل لموقع "فايف ثيرتي إيت.كوم". وكان كومي أعلن، بصورة مفاجئة، إعادة فتح التحقيق في بريدها الإلكتروني الخاص، قبل أن يغلقه من جديد قبل يومين من الانتخابات. وإذ تزامن هذا الإعلان مع الرسائل الداخلية التي اخترقتها روسيا، ونشرها موقع "ويكيليكس"، فقد كان لإعادة فتح هذا الملف الساخن تأثير مدمر، ضاعفه تركيز الصحافة على القضية بصورة لامست الهوس، ووصفتها بأنها غير متناسبة مع الواقع. وقالت متهمة الإعلام إن "المشكلة الحقيقية أنهم لا يحتملون فكرة مواجهة مسؤوليتهم الخاصة في انتخاب ترامب"، موجهة سهامها أيضاً إلى صحيفة "نيويورك تايمز". واستشهدت كلينتون بفرنسا على سبيل المثال، إذ أحجم الإعلام عن تغطية القرصنة التي استهدفت فريق الرئيس إيمانويل ماكرون في اللحظة الأخيرة من حملة الانتخابات الرئاسية، التزاماً منه بالقانون الذي يحظر ذلك. وكتبت "يبدو أن الناخبين الفرنسيين أيضاً استخلصوا العبر من أخطائنا برفضهم (مارين) لوبان، مرشحة اليمين المؤيدة لموسكو. ما يعزيني أن ما حل بنا ساهم في حماية فرنسا وديمقراطيات أخرى. هذا على الأقل مكسب". أما بالنسبة إلى مشاريعها الحالية، تؤكد كلينتون أنها لن تترشح إلى الانتخابات بعد اليوم. وتختم "لكنني لن أبقى في الزاوية ولن أختفي. سأفعل كل ما بوسعي لمساندة المرشحين الديمقراطيين"، متجاهلة الأصوات داخل حزبها الداعية إلى طي صفحة عائلة كلينتون.

إلى ذلك، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أمس الثلاثاء، أن فريقاً من محامي ترامب بحث موضوع ما إذا كان على صهر الرئيس جاريد كوشنر مغادرة البيت الأبيض. ونقلت عن مسؤولين مطلعين على المباحثات، قولهم إن مجموعة صغيرة من المحامين التابعين للبيت الأبيض حثوا ترامب على الإطاحة بكوشنر، بسبب التحقيق بشأن ما إذا كانت حملة ترامب الانتخابية نسقت مع الروس في انتخابات الرئاسة في العام 2016. وأوضح المسؤولون أن بعض المحامين عبروا عن قلقهم من أن وجود كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي وصهره، خلق تعقيدات قانونية لترامب، فيما يهدد التحقيق بالحد من قدرة كوشنر على القيام بوظيفته.
وأوضحت "واشنطن بوست" أن المناقشات بشأن الموضوع جرت قبل تعديل الفريق القانوني للبيت الأبيض في يوليو/ تموز الماضي، لكن تم رفض فكرة الضغط على كوشنر للرحيل. واتهم محامي البيت الأبيض، تي كوب، موظفين سابقين في البيت الأبيض بالكشف عن موضوع المناقشات الداخلية من أجل تشويه صورة كوشنر، الذي وصفه بأنه "من أكثر مستشاري ترامب الموثوقين والماهرين والأذكياء". وأشار كوب، الذي تم تعيينه في يوليو الماضي لمواجهة التحقيق بالتدخل الروسي في الانتخابات، إلى أن "الأشخاص الذين كان جدول أعمالهم مخصصاً للتخريب عليه (كوشنر) وعلى عائلته لم يعودوا موجودين". وأكد محامي الرئيس الأميركي جون دود، أمس الأول، أنه تم طرح الموضوع، لكنه أشار إلى أنه رفض الإطاحة بكوشنر، وقال "هذا كل ما يمكنني قوله". وكان كوشنر التقى مع السفير الروسي السابق إلى الولايات المتحدة، سيرغي كيسلياك، ومدير تنفيذي لمصرف روسي.
(العربي الجديد، فرانس برس)