أفكار جديدة للحل اليمني: إجراءات تستهدف المستفيدين من الحرب

أفكار جديدة للحل اليمني: إجراءات تستهدف المستفيدين من الحرب

10 اغسطس 2017
يتدهور الوضع الإنساني في اليمن بشكل متسارع(عبدو حيدر/فرانس برس)
+ الخط -
تتكثّف وتيرة التحركات الدولية الرامية إلى إعادة الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة، في ظل جهود علنية وأخرى سرية يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بهدف بلورة مضامين خطة جديدة تمهد للحل وتضم بنوداً عدة، لا تقتصر على مقترحات سابقة تتعلق بتجنيب ميناء الحديدة، الذي يعد المرفأ الأول في البلاد والخاضع لسيطرة الحوثيين، لعملية عسكرية في موازاة حل أزمة الرواتب لموظفي الدولة المنقطعة منذ أشهر.

ونشط المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في حراك دبلوماسي مكثف منذ أيام بهدف محاولة إحياء المفاوضات، الأمر الذي قاده إلى العاصمة العُمانية مسقط، وانتقل بعدها إلى الأردن وأخيراً الرياض، إذ عقد المبعوث الأممي، أمس، اجتماعاً مع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في العاصمة السعودية. وكانت الأنباء قد أفادت بأن ولد الشيخ أحمد سيقوم خلال اللقاء، بتسليم نسخة من الخطة الأممية الجديدة كمدخل لاستئناف مفاوضات السلام للوصول إلى حل شامل في البلاد.

وكان ولد الشيخ أعلن عن بوادر استضافة مسقط لقاءات يمنية، في إطار الدور الحيادي الذي تؤديه. وترجح مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد"، أن تكون اللقاءات في مسقط بين المبعوث الأممي ووفدي الحوثيين وصالح، ما لم يرفض الأخيران الحضور إلى مسقط، ويطالبا المبعوث الأممي بزيارة إلى صنعاء، علماً أن الطرفين كانا قد أعلنا رفضهما لخطة الحديدة. وما لم تكن هناك تعديلات جديدة يمكن أن تغير موقفهما الرافض، فإن من المتوقع أن يستمر، كما كان الحال عليه في الأشهر الماضية.

وإلى جانب اللقاءات العلنية التي يقوم بها ولد الشيخ أحمد لإحياء المفاوضات المباشرة، شهدت الأيام الماضية مشاورات سرية إضافية، في إطار مساع تهدف إلى بلورة تصورات إضافية تساهم في إنهاء الحرب  تأخذ بعين الاعتبار التعقيدات التي تعطل أي محاولة للحل.

وبعد قرابة عامين ونصف على توليه مهامه كمبعوث أممي لليمن بالتزامن مع اشتعال الحرب في البلاد، بات لدى إسماعيل ولد الشيخ أحمد وفريقه إدراكاً كافياً في ما يتعلق بحدود رغبة كل طرف في إنهاء الحرب فعلياً. كما يعي الفريق الأممي الدوافع السياسية والعسكرية والاقتصادية المختلفة التي تطيل أمد الحرب، وما هي "الأثمان" التي يسعى كل طرف للحصول عليها قبل التوقف عن عرقلة فرص وضع حد للأزمات المعيشية والإنسانية التي تنهك المواطنين في ظل استمرار أزمة الرواتب وانتشار الكوليرا وانهيار الخدمات الصحية.

وتنطلق محاولات بلورة تصورات جديدة تسرّع فرص بدء الحل من عدد من المسلمات، أولها ضرورة العمل على تفكيك، ولو بشكل تدريجي، لعقد الحرب اليمنية وفي مقدمتها الحد من الأرباح التي تجنيها لوبيات فساد موزعة على معسكري الانقلابيين والشرعية على حد سواء، ترى في استمرار الحرب وانقسام مؤسسات الدولة ووجود كيانات وهياكل إدارية موازية خارج إطار الدولة، بعيداً عن أي رقابة عليها، فرصة لتحقيق المزيد من الأرباح المالية.

ولهذا السبب فإن الأفكار التي تناقش باتت تأخذ بعين الاعتبار ضرورة أن تطاول أي إجراءات في ما يتعلق بتجفيف منابع الفساد وأرباح اللوبيات معسكري الشرعية والانقلابين، وتتجاوز مقترح إيجاد آلية للإشراف والرقابة على ميناء الحديدة مقابل حل أزمة الرواتب التي توجد قناعة بأنها مفتعلة لا تتعلق بنقص في الإيرادات بقدر تحولها إلى ورقة ضغط يستخدم فيها المواطن، خصوصاً إذا ما تمت مقارنة كلفة الرواتب الشهرية لموظفي الدولة بحجم الإيرادات التي تُجبى شهرياً. وفيما كان البرلمان اليمني، المحسوب على الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح قد أطلق أخيراً مبادرة تضمنت "دعوة إلى الأمم المتحدة لوضع آلية مناسبة لمراقبة سير العمل في كافة المنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية في أنحاء الجمهورية اليمنية دون استثناء"، لا يستبعد أن تتبنى الخطة الأممية جزءاً من هذه المبادرة. وتدرك البعثة الأممية صعوبة فرض رقابة كاملة متزامنة مقابل إمكانية أن يتم هذا الأمر بشكل تدريجي، على أن يشمل أولاً ميناء الحديدة فضلاً عن أحد أبرز المنافذ البرية مع السعودية على أن توسّع الخطة تباعاً في ما لو كتب لها النجاح ولم تتعثر على غرار جميع المحاولات السابقة.

وكانت جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة منذ تصاعد الحرب في اليمن قبل ما يقرب من عامين ونصف العام، دخلت في مرحلة جمود منذ مطلع العام الحالي، عقب فشل المنظمة الدولية بالحصول على موافقة الأطراف على خطة أعدتها نهاية العام الماضي، واستوعبت المقترحات التي عُرفت بمبادرة وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري.

في موازاة ذلك، شهدت الأزمة اليمنية خلال الأيام القليلة الماضية، اختراقاً لافتاً، تمثل بزيارة هي الأولى من نوعها، لرئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي إلى اليمن، أنتونيا كالفو بيورتا، للعاصمة صنعاء، بعد أن كانت الأخيرة واقعة تحت ما يشبه مقاطعة دبلوماسية من أغلب البعثات الدبلوماسية الغربية والعربية التي غادرت البلاد في فبراير/ شباط 2015، عقب أيام من اكتمال انقلاب جماعة أنصار الله (الحوثيين) وإصدارهم ما سُمي بـ"الإعلان الدستوري".

وكشفت مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد"، عن أن زيارة الدبلوماسية الأوروبية إلى صنعاء، تأتي في إطار الجهود الدولية الرامية لإعادة الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات وترجيح المسار السياسي بتشجيع طرفي الانقلاب على العودة إلى التفاوض تحت رعاية الأمم المتحدة، في ظل المواقف الأوروبية التي يعتبرها الحوثيون وحلفاؤهم إيجابية، بالدعوة إلى وقف الحرب، والتأكيد على ألا حل عسكرياً في البلاد.

وعقدت رئيسة البعثة الأوروبية قبل أيام سلسلة لقاءات، بما فيها مع رئيس حكومة "الإنقاذ" التي شكلها الانقلابيون، عبدالعزيز بن حبتور، ووزير الخارجية في حكومته هشام شرف، بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب، يحيى الراعي، والعديد من اللقاءات الأخرى، في حين لم يُعلن رسمياً عن لقاءات مع الوفد المشترك للحوثيين وحزب المؤتمر الذي يترأسه علي عبدالله صالح. وجاء ذلك في ظل أنباء عن جهود تقوم بها بيورتا لإقناع الطرفين بالتعامل الإيجابي مع مقترحات الأمم المتحدة الأخيرة، الخاصة بمحافظة الحديدة، والتي أعلن الحوثيون وحزب صالح رفضها في وقت سابق.

وتعد بيورتا أول دبلوماسية أوروبية تزور صنعاء منذ إغلاق أغلب البعثات الدبلوماسية أبوابها في صنعاء في فبراير/ شباط 2015 ومع بدء العمليات العسكرية بقيادة السعودية في 26 مارس/ آذار من العام نفسه، وكانت السفارة الروسية التي بقيت أبوابها مفتوحة حتى اليوم، هي الوحيدة تقريباً من بين سفارات الدول المهمة، غير أن زيارة رئيسة البعثة الأوروبية من شأنها أن تكسر الحظر الدبلوماسي المفروض على صنعاء منذ أكثر من عامين، وقد أعلنت رئيسة البعثة أن الاتحاد الأوروبي سيقوم بجهود لإيقاف الحرب من خلال التواصل مع مختلف الأطراف بما في ذلك السعودية والإمارات.