استعجال واشنطن تجميد المساعدات الأميركية لمصر: الفرضية الكورية تتقدم

استعجال واشنطن تجميد المساعدات الأميركية لمصر: الفرضية الكورية تتقدم

31 اغسطس 2017
السيسي وترامب في لقائهما في مايو الماضي (Getty)
+ الخط -

كشف دبلوماسي أميركي في العاصمة المصرية القاهرة، عن السبب الحقيقي وراء القرار الأخير بتجميد المساعدات الأميركية المقدمة لمصر، قائلاً إن "معلومات موثّقة تجمّعت لدى الإدارة الأميركية، وحصلت عليها الاستخبارات، حول تواجد عدد كبير من الفنيين وخبراء تصنيع الأسلحة والصواريخ من كوريا الشمالية، يعملون في مصر في الوقت الراهن داخل منظومة التصنيع الحربي للقوات المسلحة المصرية. وهو ما أثار غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومؤسسات أميركية مهمة، كانت تمنح دعماً للنظام المصري الحالي في وقت من الأوقات".

وكانت الإدارة الأميركية قد أصدرت أخيراً قراراً بتجميد مساعدات موجهة لمصر بقيمة 295 مليون دولار، بعضها ذو طابع عسكري، نظراً لما وصفته واشنطن، مبررة إياه بأنه "يأتي نظراً لوجود مخاوف بشأن حقوق الإنسان في مصر". وفي الوقت الذي أعربت فيه الخارجية المصرية عن أسفها إزاء القرار الأميركي، أكدت أنه كان مفاجئاً بالنسبة لها وأن أيا من الإدارة الأميركية لم يبلغ مصر به بشكل مسبق.

وحول ما أُثير بشأن تجميد المساعدات الأميركية بسبب انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان، وإقرار قانون الجمعيات الأهلية الجديد، قال دبلوماسي أميركي لـ"العربي الجديد" في القاهرة، إن "هذا الأمر لم يكن سوى المحفز للقرار الأميركي الأخير"، مضيفاً أن "الملف الحقوقي في مصر تحوم حوله دوماً شبهات كبيرة، وكانت الإدارة الأميركية تكتفي فقط بالملاحظات".

وأقرّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 29 مايو/أيار الماضي، قانوناً مثيراً للجدل ينظم عمل المنظمات غير الحكومية في البلاد. وفرض القانون قيوداً على عمل المنظمات غير الحكومية في مجال التنمية والنشاط الاجتماعي، وحظر القانون على المنظمات غير الحكومية إجراء دراسات أو نشر نتائجها من دون موافقة الدولة. كما نص بند في القانون على إخضاع التمويل الأجنبي للمنظمات المحلية لإشراف السلطات، وسيطر بصورة صارمة على مصادر تمويلها ويعطي الدولة السلطة على مراقبة أنشطتها. ويُعاقب المخالف للقانون بأحكام بالسجن تتراوح بين عام وخمسة أعوام، وغرامة تتراوح ما بين 50 ألفاً ومليون جنيه مصري.

وكانت مصادر دبلوماسية مصرية في وزارة الخارجية قد كشفت لـ"العربي الجديد" عن "مساعي جهاز الاستخبارات المصري للتعاقد مع شركة جديدة في مجال العلاقات العامة من العاملين في الولايات المتحدة لمعالجة التدهور الأخير"، لافتة إلى أن "الجهاز يعمل في الوقت الراهن على مراجعة ملفات عدد من تلك الشركات للاختيار من بينها".

من جهته، أكد المتحدث باسم الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، أن "العلاقات بين الدول ذات الطبيعة الاستراتيجية مثل مصر وأميركا لا يجب التعامل معها بشكل سطحي مثلما حدث"، لافتاً إلى أن "قنوات الاتصال بين البلدين مفتوحة، وهناك آليات لإدارة الأزمة، وسيتم توضيح موقف مصر للإدارة الأميركية وإظهار الحقائق".

وأضاف في تصريحات إعلامية أن "العلاقات بين مصر والولايات المتحدة استراتيجية ومتشعّبة وتاريخية وليست سطحية أو وليدة اللحظة"، منوّهاً إلى أن "قرار الإدارة الأميركية بتعديل برنامج المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر يُظهر قدراً من التناقض في طبيعة العلاقة بين البلدين، وذلك لكونه لا يتسق مع ما تؤكده واشنطن من اهتمامها بدعم استقرار مصر في ظل التحديات التي تواجهها".

ولفت إلى أن "عملية صنع القرار في أميركا معقدة وتدخل فيها دوائر مختلفة، ونعتبر أن اتخاذ قرار تخفيض المساعدات مؤشر أو دلالة على عدم إدراك طبيعة الأوضاع في مصر، وبرنامج المساعدات تمت صياغته منذ عقود طويلة ليعكس مصلحة مشتركة للبلدين". وأوضح أنه "لا توجد هناك مشكلة تتعلق بوصول الرسالة المصرية إلى دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، والرسالة تصل من مستويات مختلفة من خلال الخارجية المصرية أو السفارة أو الزيارات الرسمية".

في غضون ذلك، تعرّضت الإدارة الأميركية لهجوم في وسائل الإعلام المصرية الرسمية وغير الرسمية بعد فترة غزل امتدت منذ وصول ترامب للبيت الأبيض، للدرجة التي دفعت بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام، إلى وصف العلاقة بين السيسي وترامب بالصداقة. واستنكر المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء طلعت موسى، تجميد الولايات المتحدة جزءاً من المساعدات المقدمة لمصر بذريعة عدم إحراز تقدم في مسألة حقوق الإنسان، معتبراً القرار "محاولة لإفشال الدولة المصرية وإضعاف مؤسساتها واقتصادها". وأضاف في تصريحات صحافية أن "استراتيجية أميركا تستهدف تفتيت الدول العربية وإضعافها، وهي لم تتغير حتى الآن".