بريطانيا والاتحاد الأوروبي يستأنفان مفاوضات "بريكست"

جولة ثالثة من مفاوضات "بريكست": تباين بالأولويات وتخوّف من المقايضة

28 اغسطس 2017
بارنييه (يمين) وديفيس سيفتتحان جولة المفاوضات (تيري شارلير/فرانس برس)
+ الخط -
تُعقد، اليوم الإثنين، في بروكسل، جولة جديدة من المفاوضات بين البريطانيين والاتحاد الأوروبي، بشأن "بريكست" وسط تباينٍ بين الجانبين حول أولويات عملية الانفصال، وتخوف من مقايضة بشأن بعض النقاط العالقة.

ويفتتح الجولة، اليوم الإثنين، الفرنسي ميشال بارنييه المكلف بالمفاوضات باسم الاتحاد الأوروبي، ووزير "بريكست" البريطاني ديفيد ديفيس، في مقرّ المفوضية الأوروبية، على أن تختتم الخميس المقبل.


وحددت الدول الـ27 التي ستبقى في الاتحاد الأوروبي، ثلاث أولويات مطلقة هي: الفاتورة التي يتوجب على المملكة المتحدة دفعها عند مغادرتها الاتحاد، ومصير المواطنين الأوروبيين على الأرض البريطانية، ومستقبل الحدود بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية.

من جهتها، تسعى بريطانيا إلى مناقشة اتفاقيات تجارية مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، والذي يشترط بدوره تحقيق "تقدم كاف" في الأولويات الثلاث، للانتقال إلى المرحلة الثانية.


"هوّة كبيرة"

ويبدو أنّ الوقت يضيق لتنظيم الانفصال غير المسبوق لبريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، والذي يفترض أن يُنجز في مارس/ آذار 2019.

إلا أنّ مسؤولاً أوروبياً كبيراً قال، الجمعة، إنّه "ليس ضيق الوقت هو ما يمنعنا من التقدّم حتى الآن، بل السطحية". مضيفاً: "إذا نظرتم إلى ما نحن عليه الآن وما كان يجب أن نكون عليه (...) فستجدون هوّة كبيرة"، معتبراً أنّ احتمال ردم هذه الهوة "ضئيل".

ورد مصدر حكومي بريطاني قائلاً، إنّه "على الجانبين أن يعتمدا ليونة، وأن يسعيا إلى التوصّل إلى تسويات"، مؤكداً أنّ "كلا الجانبين يجب ألا يماطل".

وتعتبر لندن من جهتها، أنّها "بذلت جهوداً شاقة"، كما قال، الإثنين، وزير "بريكست" البريطاني ديفيد ديفيس، مذكّراً بأنّ حكومته نشرت للتو سلسلة وثائق عن موقفها في مختلف المجالات المرتبطة بعملية الانفصال عن الاتحاد. مضيفاً "نحن مستعدون أيضاً للعمل من جديد".

لكنّ المفوضية الأوروبية ترى أنّ معظم النصوص التي نشرتها لندن، تعالج "العلاقة المقبلة" مع الاتحاد الأوروبي، وهذا ما يرفضه الأوروبيون بشكل قاطع قبل تسوية أولوياتهم الثلاث.


التسوية المالية... ومقايضة؟

وفي السياق، قال مسؤول أوروبي رفيع المستوى، إنّ البريطانيين "وعدوا بتقديم عرض شفهي لتحليلهم القانوني" للتسوية المالية لـ"بريكست"، وهو ملف شائك دانت فيه المفوضية لندن مراراً بسبب صمتها.

إلا أنّ المفاوضين الأوروبيين قالوا إنّهم لا يتوقعون "أي اختراق" خلال الجولة، اليوم الإثنين، والتي تهدف إلى الاتفاق بسرعة مع لندن على طريقة حساب بدون ذكر أرقام.

وذكرت الصحف البريطانية، أنّ المبلغ الشامل الذي سيكون على المملكة المتحدة دفعه لاحترام تعهداتها المالية في الاتحاد، قُدّر بمئة مليار يورو من قبل الأوروبيين، بينما ترفض لندن دفع أكثر من أربعين ملياراً.

وحول القضية الإيرلندية، أوضح مسؤول أوروبي، أنّ الاتحاد "قلق قليلاً" من قيام لندن بالربط بين "مستقبل عملية السلام الإيرلندية والعلاقات المستقبلية" مع الدول الـ27. وأضاف "من المهم جداً ألا تصبح عملية السلام عملية تبادل".

وحول حقوق المغتربين الأوروبيين بعد بروكسل، ما زال أحد أسباب التعطيل الأساسية رفض بريطانيا أن تضمن محكمة العدل الأوروبية، بشكل مباشر حقوق هؤلاء الأوروبيين على الأرض البريطانية.


وكان ميشال بارنييه قد عبّر عن أمله، في أن يتمكن قادة الدول الـ27 من حسم مسألة "التقدم الكافي" خلال قمتهم في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، والذي سيسمح بإجراء مفاوضات موازية حول العلاقات التجارية المستقبلية مع لندن.

لكن مصدراً دبلوماسياً قال، إنّ كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي عبّر مؤخراً عن شكوك في هذا البرنامج الزمني بسبب التقدّم الضئيل الذي تحقق في المفاوضات.

وخلال الجولة الثالثة من المفاوضات، سيستقبل رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. وقال ناطق باسم السلطة التنفيذية الأوروبية إنّه يجب ألا يُنظر إلى ذلك على أنّه "مؤامرة".


وفي عودة لافتة إلى العمل السياسي على الساحة البريطانية، دعا بلير، في فبراير/ شباط الماضي، مؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي إلى "انتفاضة" لوقف "بريكست".


ورفع بلير، نبرة التحدي لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، باتهامها "بالسعي إلى إخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بأي ثمن". وأكد أنّ "مهمته هي إقناع البريطانيين للانتفاض وتغيير موقفهم بشأن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي".