المعارضة السورية تواجه الضغوط: اجتماعات الرياض بحضور "المنصتين"

المعارضة السورية تواجه الضغوط: اجتماعات الرياض بحضور "المنصتين"

20 اغسطس 2017
توقّع دي ميستورا تحوّلات نوعية بالأزمة(سلفاتوري دي نولفي/فرانس برس)
+ الخط -
تبدأ في العاصمة السعودية الرياض، غداً الاثنين، اجتماعات بين وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية، ومنصة القاهرة، على أن تنضم منصة موسكو لهذه اللقاءات بعدما أسقطت اعتراضها السابق على مكان انعقادها، كما علمت "العربي الجديد"، فيما تستهدف هذه اللقاءات تقريب وجهات النظر بين أطراف المعارضة السورية وبحث إمكانية تشكيل وفد موحّد إلى مفاوضات جنيف المقبلة.

وتأتي هذه الاجتماعات، التي تأجلت إلى الاثنين بعدما كان من المقرر أن تبدأ اليوم الأحد، إثر ضغوط مكثفة يقوم بها المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، على المعارضة السورية بهدف دفعها إلى التعاطي بـ"واقعية" مع المعطيات السياسية التي أفرزها التفرّد الروسي بالملف السوري نتيجة تواصل الغياب الأميركي، إلا ما يخص محاربة تنظيم "داعش"، بالتزامن مع انكفاء إقليمي، إذ باتت تركيا تركّز على تحقيق مصالحها القومية، بينما تنشغل دول الخليج بأزمتها الخاصة، مع بروز معطيات عن "استدارة" سعودية باتجاه "الحل الواقعي" الذي باتت تتبنّاه بعض القوى الدولية، ويروج له دي ميستورا.

وأكدت مصادر مطلعة في الهيئة العليا للمفاوضات، لـ"العربي الجديد"، أن منصة موسكو وافقت على الحضور إلى مقر الهيئة في العاصمة السعودية الرياض لحضور اجتماعات تجمعها مع الهيئة ومنصة القاهرة. وكانت منصة موسكو التي يتزعمها قدري جميل، وهو مقرب من روسيا، قد اشترطت نقل مكان الحوار إلى جنيف، ولكنها وافقت أخيراً على الحوار مع الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض. ويهدف الاجتماع إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة حول مجمل قضايا التفاوض مع النظام، مع "بحث إمكانية توحيد وفد المعارضة الذي يتولى مهمة التفاوض مع وفد النظام تحت رعاية أممية في مدينة جنيف السويسرية". وكانت مصادر في الهيئة العليا كشفت لـ"العربي الجديد"، أن الهيئة شكّلت في الخامس من الشهر الحالي "لجنة للحوار مع منصتي القاهرة وموسكو"، موضحة أن اللجنة تضم كلاً من: جورج صبرا، أحمد العسراوي، رياض نعسان آغا، حسن إبراهيم، محمد عبد القادر مصطفى، عبد الحكيم بشار، أحمد حجازي، على أن "تتعاون" مع أمين سر الهيئة العليا للمفاوضات صفوان عكاش.

في موازاة ذلك، وفي ما يبدو بإطار الضغوط على المعارضة، أعلن دي ميستورا تأجيل المشاورات الفنية مع المعارضة السورية التي كانت مقررة هذا الشهر. واعتبر في مؤتمر صحافي في جنيف، أن التأجيل سيتيح فرصة مهمة للمعارضة من أجل إعادة تنظيم صفوفها، إذ تحتاج إلى بعض الوقت من أجل الوصول إلى مقاربة شاملة، لافتاً إلى أن "مباحثات جادة سوف تجري بين الهيئة العليا للمفاوضات ومجموعتي القاهرة وموسكو".

وتوقّع المسؤول الأممي أن تشهد "الأزمة السورية تحوّلات نوعية وحاسمة خلال الأشهر القليلة المقبلة"، مطالباً نظام بشار الأسد بإبداء جدية في المفاوضات. وفي تصوره لمجرى التطورات خلال الأشهر القليلة المقبلة، توقّع دي ميستورا انعقاد محادثات أستانة في أوائل سبتمبر/ أيلول المقبل، على أن تستأنف بعدها المفاوضات السياسية في جنيف بشكل جدي بين وفدي النظام السوري والمعارضة في أكتوبر/ تشرين الأول أو نوفمبر/ تشرين الثاني المقبلين. وأعرب عن أمله في أن تضغط روسيا وإيران على نظام الأسد في جولة جنيف المقبلة حتى يكون التفاوض أكثر جدية. وقال: "في ما يتعلق بنظام الأسد، نُعوّل كثيراً على روسيا وعلى إيران وعلى أيّ طرف له نفوذ كبير على النظام كي يكون مستعداً عند الدعوة إلى جنيف لبدء تفاوض حقيقي ومباشر مع أيّ منبر للمعارضة يحضر المفاوضات".

في غضون ذلك، توقّع دي ميستورا أن يكون هناك تصاعد في العمليات العسكرية في دير الزور والرقة، مشيداً باتفاقيات "خفض التصعيد" التي قال إنها أدّت للحد من العنف في بعض المناطق، وإن كان "الوقت مبكراً للحكم على فاعلية هذه المناطق"، بحسب قوله. وكشف أنه يتم حالياً تجهيز المساعدات لكل من مخيم اليرموك، جنوب دمشق، وكفريا والفوعة في إدلب بالشمال السوري. وكانت الجولة السادسة من محادثات السلام السورية أخفقت في تحقيق أيّ تقدم حقيقي، وتخللتها أربعة أيام من المحادثات غير المباشرة في جنيف بين نظام الأسد والهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة.


وعلّق كبير المفاوضين في وفد المعارضة محمد صبرا، على تصريحات دي ميستورا بشأن تأجيل المفاوضات الفنية "حتى تتمكن المعارضة من التوصل إلى رؤية واضحة"، بقوله "إن الدعوة إلى المفاوضات الفنية في جنيف لم يكن متفقاً عليها أصلاً وكانت دعوة على عجل".
ورفض صبرا في حديث لـ"العربي الجديد"، الخوض في ما إذا كان هذا التأجيل يندرج في سياق الضغط على وفد الهيئة لضم منصتي القاهرة وموسكو ولتقديم مقاربة سياسية مختلفة بشأن سبل الحل مع النظام باتجاه التخلي عن ثوابت الهيئة العليا للمفاوضات، قائلاً "الموضوع حساس بعض الشيء ومعقد، ولا أحبذ ضمن هذه الظروف الإدلاء بأي تصريح حول هذا الأمر".
وحول معنى تصريحات دي ميستورا بأن الفترة المقبلة ستكون حاسمة على صعيد "الأزمة السورية"، قال صبرا إنه ليست لديه أي فكرة عما قصده الرجل و"قد نحتاج إلى الضرب بالمندل لنعرف ماذا يخطط دي ميستورا".

من جهته، قال ‏الأمين العام لحزب التضامن‏ السوري المعارض، عماد الدين الخطيب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "ضعف الدول الداعمة للثورة السورية واختلاف أجنداتها، تسبب في تغوّل روسيا بالصراع السوري وفرض وجودها بتدخّلها بتفويض غير معلن من الإدارة الأميركية للحفاظ على نظام الأسد".
الخطيب الذي سبق أن وقّع على بيان مع عدد كبير من المعارضين والمثقفين والناشطين لمناشدة الهيئة العليا للمفاوضات عدم تقديم تنازلات تتعلق بمصير النظام، اعتبر أن "الخلاف الخليجي مع قطر ودخول تركيا طرفاً فيه جعل المعارضة السياسية في أسوأ أيامها"، متوقعاً أن تشهد المرحلة المقبلة تغيراً في الحل السياسي باتجاه القبول ببقاء بشار الأسد في السلطة خلال المرحلة الانتقالية أو حتى انتهاء ولايته عام 2021 مع البحث أو إعطاء وعود بعدم ترشحه للانتخابات المقبلة، وذلك من خلال الضغط لإشراك منصتي موسكو والقاهرة الوارد ذكرهما بالقرار الأممي 2254 وإضافة بعض الوجوه التي تقبل ببقاء الأسد في السلطة. وأشار الخطيب إلى أن موقف منصتي موسكو والقاهرة متباين حول بقاء الأسد، فمنصة القاهرة لا ترى ما يمنع من وجود بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، بينما منصة موسكو ترفض أصلاً بحث مستقبل الأسد في هذه المرحلة. وأضاف أن الموقف الفرنسي المعلن بأنه لا عداوة مع الأسد، كان له أثر سلبي على المعارضة، وكان من الطبيعي أن يتم البحث عن حلول وسطية من خلال الضغط وإقناع المعارضة بالقبول بالحدود الدنيا الممكنة والتي لا ترتقي لمبادئ جنيف أو القرار 2254.

ورأى الخطيب أن هيئة التفاوض اليوم "في وضع لا تُحسد عليه، ومع انكفاء سيطرة فصائل المعارضة على الأرض، وتقليص نفوذها وتوجّه أغلبها لإعلان الهدن مع روسيا والنظام، إضافة للاقتتال الحاصل بين بعض فصائلها وسيطرة هيئة تحرير الشام على إدلب، والخلافات الإقليمية، وتغير المزاج الدولي، كل ذلك أضعف دور الهيئة، ما سيؤثر سلباً على أهدافها، وبالتالي سوف تجد نفسها مضطرة للقبول بتغيير خياراتها".
واعتبر أن تصريحات دي ميستورا المتفائلة بحدوث تغييرات أساسية في المرحلة المقبلة، مبنية أساساً على التغيير المتوقع أن ينتج عن مؤتمر الرياض 2 وعن ضم منصتي موسكو والقاهرة، وعلى المتغيرات الدولية والإصرار الروسي على إنتاج حل سياسي يحقق من خلاله الرئيس فلاديمير بوتين نصراً يستثمره في الانتخابات الرئاسية مطلع العام المقبل في بلاده، في ظل موقف أميركي ضعيف يفوض روسيا بالحل من خلال التفاهم مع إسرائيل.

المساهمون