محافظ حضرموت يسعى للتخلص من تركة سلفه

محافظ حضرموت يسعى للتخلص من تركة سلفه: تنسيق مع الشرعية ومحاربة الفساد

18 اغسطس 2017
ساهم البحسني بقيادة معركة استعادة المكلا من "القاعدة"(فرانس برس)
+ الخط -
يسعى محافظ حضرموت اليمنية المعين حديثاً، اللواء الركن فرج سالمين البحسني، لإدارة هذه المحافظات من خلال سياسة نقيضة لما اتبعه سلفه المحافظ السابق، اللواء أحمد بن بريك، وعبر تجاوز بعض الاختلالات الإدارية والفنية التي شهدتها المحافظة خلال عام ونصف عام من حكم بن بريك. والبحسني هو المسؤول اليمني الوحيد حالياً الذي يجمع بين منصبين عسكري ومدني، إذ يحتفظ إلى جانب منصبه كمحافظ لحضرموت بقيادة المنطقة العسكرية الثانية التي تتخذ من المكلا مقراً لها. وهو حاصل على ماجستير من أكاديمية "فرونزا" للدراسات العسكرية في روسيا عام 1983، وأحد القادة العسكريين الذين أعادتهم الحرب في اليمن إلى الواجهة بعد قرابة 20 عاماً في المنفى، إذ غادر البلاد مع عشرات من القادة والمسؤولين الجنوبيين بعد حرب الانفصال في صيف 1994.

وقاد البحسني مع مجموعة من الضباط معركة استعادة المكلا من قبضة تنظيم القاعدة في أبريل/نيسان 2016، قبل أن يعينه الرئيس عبد ربه منصور هادي، قائداً للمنطقة العسكرية الثانية. وفي أواخر يونيو/حزيران الماضي، أصدر الرئيس قراراً بتعيين البحسني محافظاً لحضرموت ضمن حزمة قرارات أطاح خلالها الرئيس بمحافظين انضموا لما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي". وعلى الرغم من ظهور البحسني إلى جوار المحافظ السابق خلال أكثر من عام، في معظم الأنشطة والمحافل، وانطباع صورة لدى الشارع أن الرجلين على تنسيق كامل، إلا أن ممارسة البحسني لمهامه أظهرت أن سياساته مغايرة تماماً عن سياسات سلفه.

ويبدو أن أبرز ملامح إدارة البحسني لمحافظة حضرموت، كبرى محافظات اليمن على مستوى الثروة والمساحة، هو التقرب والتماهي مع توجهات السلطات الشرعية والحكومة بخلاف سلفه الذي توترت علاقته بالحكومة إلى حد تهديده لها بإيقاف تصدير النفط ما لم تستجب لبعض المطالب التي تقدم بها. وفي نفس الإطار، سمح البحسني بتنفيذ قرارات حكومية كان المحافظ السابق قد جمّدها، ويأتي في مقدمتها القرار الرئاسي بتعيين وكيل للشباب بالمحافظة، فهمي عوض باضاوي، الذي أوقفه المحافظ السابق. وعلى الجانب الآخر، ألغى المحافظ البحسني قرار سلفه بتعيين مدير لفرع وكالة الأنباء الحكومية بالمحافظة، بعد ثلاثة أشهر فقط من تعيينه من قبل المحافظ السابق، وذلك تماشياً مع توجهات الإدارة المركزية للوكالة التابعة للحكومة.


إلى ذلك، أعاد محافظ حضرموت الاعتبار إلى وكلاء المحافظة الذين انتزعت صلاحياتهم في عهد المحافظ السابق، وكانوا عملياً بلا مهام. وفي المقابل، جمّد عمل مجموعة من المستشارين الذين عينهم سلفه في مناصب تبدو شرفية وتحمل صبغة "المجاملات" أكثر منها تنفيذية. كما سمح المحافظ الجديد بتطبيق قرارات تعيين أخرى في مكاتب فروع الوزارات بالمحافظة كان سلفه قد جمدها بحجة عدم تنسيق الحكومة معه بخصوصها.

من جهة أخرى، شكل البحسني لجاناً لدراسة الوضع القانوني والفني لمشاريع عقارية اعتمدت في عهد بن بريك ودارت حولها شكوك وتهم بالفساد. وفي ذات الاتجاه، أحال ثلاثة مسؤولين للتحقيق في قضايا فساد بعد رفع تقارير تدينهم من قبل فرع جهاز الرقابة والمحاسبة، في سابقة نادرة يمنياً.

وعلى المستوى الإعلامي، يحرص محافظ حضرموت على تجنب الخوض في غمار السياسة في خطاباته وتصريحاته والتركيز على العمل التنموي والخدمي، على عكس سلفه بن بريك، الذي لا تخلو خطاباته من مطالبات سياسية تتعلق بشكل الدولة، والعلاقة مع الأحزاب والتيارات السياسية، فضلاً عن إعلانه الانضمام لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الأمر الذي تسبب بإقالته.

ويبدو واضحاً أن محافظ حضرموت الجديد يحاول التخلص من تركة ثقيلة لسلفه عبر انتهاج سياسة تقوم على الالتزام بالخط العام للحكومة الشرعية ومحاربة الفساد والعشوائية التي طغت في عهد المحافظ السابق، فضلاً عن تجنب تأدية أدوار سياسية. وحول محاولاته خلق واقع جديد يختلف عن السابق، كتب رئيس تحرير موقع "المكلا اليوم"، الصحافي سند بايعشوت، إن من يأتي خلفاً للمحافظ السابق سيأخذ مزيداً من الوقت لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي والقانوني وسيتعب من تلك القرارات والتعيينات التي تمت في عهد بن بريك، وفق تعبيره. وأضاف بايعشوت في منشور على صفحته في "فيسبوك"، أخيراً، أن "المحافظ السابق تحكمه العاطفة وأحياناً الحماسة في إصدار قرارات ليس لها مكان البتة في حضرموت، فمثلاً على سبيل المثال، تعيين مدير جديد لمؤسسة الثورة التي جمدت عملها في المكلا عقب اندلاع الحرب، والتي تصدر منها الصحيفة التي أصبحت لسان حال الحوثيين ولا علاقة لها بالمكلا"، بحسب قوله. وأوضح أن محافظ حضرموت الحالي بدأ بالتصحيح وسيتعب كثيراً إذا لم يشكِّل مكتباً فنياً لفريق عمله، مشيراً إلى أن تكليف وكيل لقطاع النفط والطاقة يجعل الأمور أكثر تنظيماً بدلاً من العشوائية والازدواجية السابقة في التخصصات والصلاحيات. ولفت الصحافي إلى أن "وكلاء المحافظة يعتريهم نوع من الركود والضعف والقطيعة المجتمعية واستهجان المجتمع وإدراكه أنهم بلا صلاحيات، بعدما جعلهم العهد السابق كائنات حية (صورية) لتجميل وتحسين الصورة"، على حد وصفه.