اتفاق عدم التصعيد في الغوطة لن يتحول إلى "مصالحة"

اتفاق عدم التصعيد في الغوطة لن يتحول إلى "مصالحة"

17 اغسطس 2017
من غارات شنها النظام على حي جوبر(عمار سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
بعد مضي أكثر من شهرٍ على سريان الاتفاق الأميركي-الروسي-الأردني لخفض التصعيد في جنوب سورية، تواصل إسرائيل التي تعتبر نفسها معنية بالاتفاق لكون منطقته تقع على حدودها، تحركاتها وضغطها لتعديل صيغته، خاصة في ما يتعلق بوجود المليشيات المدعومة إيرانياً قرب حدودها، وهو ما سيكون محور محادثات لمسؤولين من تل أبيب مع نظرائهم الأميركيين في واشنطن خلال هذا الأسبوع. وفي حين تشهد مناطق جنوبي سورية حالة من الهدوء، منذ ما بعد سريان الاتفاق في الأسبوع الأول من شهر يوليو/ تموز الماضي، فإن اتفاق الغوطة الشرقية الذي تم توقيعه بعد ذلك بنحو أسبوعين، لا يزال محل جدل. فهجوم قوات النظام السوري في عين ترما وجوبر لم يتوقف منذ سريان الاتفاق حتى اليوم، بذريعة أن الاتفاق لا يشمل مناطق وجود "هيئة تحرير الشام" التي تتكون بشكل أساسي من عناصر "جبهة فتح الشام" (النصرة)، في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر إعلامية مقربة من النظام عن أن مباحثات "مصالحة" برعاية روسية، تجرى مع وجهاء في حرستا ودوما، وتشمل إمكانية فتح الأوتوستراد المغلق حالياً والممتد من منطقة القابون إلى مخيم الوافدين ويمر عبر مدينتي حرستا ودوما، الأمر الذي نفته المعارضة السورية.

وفي ما يتعلق باتفاق جنوبي سورية، وعلى الرغم من أن كبرى وسائل الإعلام الإسرائيلية ذكرت أن مسؤولي تل أبيب الأمنيين، كانوا على اطلاع بتفاصيل المحادثات التي جرت في العاصمة الأردنية، عمان، وأفضت للاتفاق لاحقاً في السابع من يوليو/تموز الماضي، إلا أن إسرائيل وعلى لسان كبار مسؤوليها، عادت وأبدت اعتراضاً على الاتفاق. وأعلنت أنه لم يأخذ بعين الاعتبار هواجس تل أبيب الأمنية، في ما يتعلق بوجود المليشيات المدعومة من إيران، والتي كانت دولة الاحتلال تطالب بإبعادها لمسافة لا تقل عن خمسين كيلومتراً عن الحدود، وهو ما لم يحققه الاتفاق لاحقاً. ويبدو أن هذا الموضوع سيكون محور لقاءات سيجريها مسؤولون إسرائيليون في واشنطن خلال هذا الأسبوع، مع مسؤولي البيت الأبيض. وتريد تل أبيب مراجعة بنود هذا الاتفاق، خاصةً في ما يتعلق بتقليص وإضعاف نفوذ المليشيات الإيرانية التي تساند قوات النظام السوري وتنتشر في محافظتي درعا والقنيطرة جنوب غربي سورية.

وبحسب صحف إسرائيلية، فإن الوفد سيضم رئيس جهاز "الموساد" يوسي كوهين، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية هرتسي هليفي، ومدير الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الحرب، زوهر بليتي. وسيلتقي الوفد بمستشار الأمني القومي في البيت الأبيض، هربرت ماكماستر، ومسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية. وذكرت تقارير إعلامية أن المحادثات سيكون محورها اتفاق جنوب سورية والترتيبات الأمنية في هذه المنطقة خصوصاً، وما سُمي بالمتطلبات الأمنية لإسرائيل، والمتعلقة بسورية ولبنان.


معارك الغوطة
وواصلت قوات النظام السوري هجماتها وقصفها لمناطق تسيطر عليها المعارضة السورية في غوطة دمشق. وأدى قصف مدفعي إلى مقتل مدني وجرح آخرين يوم أمس الأربعاء، في حوش الصالحية وكفربطنا، كما جرح مدنيون آخرون بقصفٍ مماثل طاول بلدة عين ترما المتاخمة لحي جوبر شرقي العاصمة السورية.

وتتزامن هذه الهجمات العسكرية التي لم يوقفها النظام، على الرغم من دخول اتفاق تخفيف التصعيد حيز التنفيذ منذ أكثر من أسبوعين، مع ورود أنباء ذكرتها صحيفة "الوطن" شبه الرسمية التابعة للنظام قبل أيام، عن محادثات تجري برعاية روسية مع وجهاء من مدينتي حرستا ودوما. وأضافت الصحيفة أن البحث شمل إمكانية "فتح الأوتوستراد الدولي المغلق حالياً، والممتد من حي القابون إلى منطقة مخيم الوافدين شمال دوما"، مضيفة أنه "خلال الأيام المقبلة ستتضح الرؤية حول إمكان تحقيق مصالحة في حرستا ودوما بالغوطة الشرقية".

لكن رئيس الهيئة السياسية لـ"جيش الإسلام"، محمد علوش، نفى في تصريحات صحافية، وجود محادثات بهذا الشأن، مبيناً أنها عارية عن الصحة تماماً. وأكد أن الاتفاق الذي وقعه فصيله مع روسيا لا يمكن اعتباره صلحاً أو تسوية، بل هدنة، تتوقف معها الأعمال القتالية، ويتم فتح طرقات آمنة، لدخول المواد الغذائية والإغاثية لسكان الغوطة، وفق قوله.

وكان اتفاق تخفيف التصعيد الذي وقعه "جيش الإسلام" مع الجانب الروسي، قد دخل حيز التنفيذ في الغوطة الشرقية في 22 يوليو/تموز الماضي. ويقضي بوقف الأعمال القتالية ودخول المساعدات الإنسانية وتخفيف الحصار المفروض على الغوطة الشرقية، وتأمين خروج المصابين الذين يحتاجون للعلاج من الغوطة الشرقية. ولم يتم إدخال "فيلق الرحمن"، ثاني أكبر فصائل الغوطة في هذا الاتفاق. وعلى الرغم من أن هذا الفصيل وعلى لسان المتحدث باسمه، رحّب بالاتفاق لاحقاً، لكنه أبدى قلقه من عدم التزام النظام به، خصوصاً أن قوات النظام واصلت مهاجمة مناطق سيطرة "فيلق الرحمن" في الغوطة الشرقية، بذريعة وجود عناصر "هيئة تحرير الشام" فيها.

المساهمون