العراق: قلق من أهداف خفيّة لاعتقالات وتهجير حزام بغداد

العراق: قلق من أهداف خفيّة لاعتقالات وتهجير حزام بغداد

15 اغسطس 2017
ارتكب أفراد من الجيش العراقي انتهاكات عدة (مارتن آيم/Getty)
+ الخط -
دخلت العمليات العسكرية لقوات الجيش العراقي ومليشيات "الحشد الشعبي" في مناطق حزام بغداد الغربي والشمالي، أسبوعها الثاني على التوالي، وسط عمليات اعتقال واسعة طاولت عشرات الفلاحين والقرويين وتجريف أكثر من 60 هكتاراً من البساتين والحقول الزراعية، تخللتها اعتداءات وانتهاكات واسعة ومطالبات سياسية من كتل وأحزاب مختلفة لرئيس الوزراء حيدر العبادي بالتدخل الفوري والكشف عن أسباب الحملة الجديدة، خصوصاً أن تلك المناطق تمر باستقرار نسبي ولا مؤشرات إلى وجود خلايا تابعة لتنظيم "داعش".

في هذا السياق، أفاد مسؤولون محليون وزعماء قبائل عراقية، بأن "قوات مشتركة من الجيش والشرطة نفذت عمليات اعتقال واسعة في الطارمية (20 كيلومتراً شمالي بغداد)، طاولت نحو 130 فلاحاً وقروياً من دون مذكرات اعتقال قضائية أو مسوغات قانونية، واقتادتهم إلى جهات مجهولة. كما قامت بتجريف عدد كبير من بساتين النخيل والحمضيات بواسطة الجرافات أو الحرق". وذكر عضو مجلس قضاء الطارمية، محمد عبد السلام المشهداني، لـ"العربي الجديد"، أن "العشرات من السكان تركوا منازلهم وانتقلوا إلى مدن ومناطق أخرى، خوفاً من أن تطاولهم عمليات الاعتقال". وأضاف أن "انتهاكات واسعة وقعت بالمنطقة، تمثلت بعمليات ضرب واعتداء على الرجال والنساء، كما شهدت عمليات سرقة وتعمد إتلاف محاصيل زراعية وممتلكات المواطنين في تلك المناطق". وكشف عن "العثور على عدد من المواطنين بعد يوم أو اثنين من اعتقالهم داخل المدينة، من بينهم رجل يدعى أنس نعمة واثنين من أبنائه وجدوا مقيّدين وعليهم آثار أعيرة نارية، وتمّت مشاهدتهم عندما اعتقلهم الجيش من منزلهم ليلاً".

من جانبه، أفاد العقيد فاضل عبد الهادي، من قيادة عمليات بغداد بالجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، بأن "العمليات الحالية تهدف لمنع عودة داعش إلى مناطق حزام بغداد، ومَن تمّ اعتقاله سُجّل اسمه ويخضع للتحقيق". ولفت إلى أنه "تمّ تجريف بساتين ومناطق أشجار كثيفة لمنع اتخاذها ملاذات من قبل مطلوبين للقضاء أو إرهابيين". ورفضت قوات الجيش و"حزب الله العراقي"، السماح لوسائل الإعلام بالدخول إلى منطقة الطارمية، في ظلّ إغلاق منافذ المدينة ومخارجها، ولا تسمح إلا لسكانها بالمرور من منافذ جديدة وضعتها خصيصاً لذلك.

وفي أبو غريب، غربي بغداد، التي شهدت محاولة اعتداء من قبل أحد الضباط على سيدة بعد اعتقال زوجها، تمكن رئيس الوزراء حيدر العبادي من تدارك الموقف والأمر باعتقال الضابط، عقب بيان لعشيرة زوبع ذكرت فيه أن "الضابط حاول الاعتداء على شرف إحدى نساء القبيلة بعد اعتقال زوجها. كما تجري منذ أيام عمليات دهم واعتقال واسعة، فضلاً عن تجريف بساتين وهدم منازل".



وأفاد عضو مجلس عشائر أبو غريب، جلال عبدالله، بأن "قوات الجيش والشرطة والمليشيات تواصل عمليات الدعم والاعتقال والتفتيش لليوم الثامن على التوالي". وأوضح في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "عمليات الاعتقال طاولت العشرات، إذ يتم نقل الشباب بحافلات كبيرة إلى أماكن مجهولة"، مؤكداً أن "عمليات تجريف بساتين ومناطق زراعية مستمرّة في المنطقة، كما هو الحال بالنسبة لجارتها الشمالية (الطارمية)".

كما أصدر نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي، بياناً وصف فيه ما يجري في تلك المناطق بـ"الجريمة"، موضحاً أن "هذه المرة ليست المليشيات الموالية لإيران بل الجيش العراقي نفسه" من يفعلها. وأضاف أنه "يفترض بالجيش أن يكون سوراً للوطن لا مُجَرّفاً للبساتين، ولا قاطعاً للأرزاق، ولا مهدّماً للبيوت، ولا قاتلاً لعابري سبيل، ولا مروّعاً لمواطنين أبرياء".

وأوضح أن "ذلك يحصل منذ أيام بمشاركة اللواء 22، في قرى طريق الشط التابع للطارمية، والتغيير الديموغرافي الطائفي آتٍ"، مشيراً إلى أن "الحكومات ما وُجدت إلا لخدمة الناس وحماية أرواحهم وأعراضهم ومصالحهم، إلا في العراق فالعكس دائماً هو الشائع".

القيادي في جبهة "الحراك الشعبي" محمد عبد الله، اعتبر في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "ما يجري منذ أيام في حزام بغداد هو تغيير ديموغرافي عبر إجبار السكان على المغادرة وتدمير مصادر أرزاقهم المتمثلة بالحقول والبساتين، إلا أن الجيش العراقي ينفي ذلك، ويؤكد أن آخر ضحايا البساتين هو آمر برتبة مقدم، قُتل من قبل مسلحين داخل بساتين الطارمية. كما أن الهجمات التي تستهدف القوات العراقية في محيط بغداد تخرج من بساتين نخيل أبو غريب أيضاً". ووفقاً للعقيد الركن ماجد الغانمي، فإن "الجيش لا يريد طرد أحد من منزله أو منطقته، بل يريد أن يمنع وقوع هجمات عليه وتجفيف البؤر التي يتواجد بها داعش ومنها البساتين". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "العملية فُسّرت طائفية واستهدافاً لمكون دون آخر، لكنها ليست كذلك بل هي أمنية بحتة". وحول الانتهاكات التي رافقت عمليات حرق وتجريف البساتين، قال إن "الجيش يحاول منعها وهي انتهاكات فردية".


المساهمون