الانتخابات المحلية في الأردن اليوم: الكلمة للعشائر

الانتخابات المحلية في الأردن اليوم: الكلمة للعشائر

15 اغسطس 2017
معظم المرشحين يخوضون الانتخابات من دون برامج (العربي الجديد)
+ الخط -
غاب الجدل المصاحب لأي عملية انتخابية في الأردن، عن انتخابات البلديات واللامركزية المقررة اليوم الثلاثاء، في وقت بلغ عدد المرشحين للعمليتين الانتخابيتين 6623 مرشحاً ومرشحة، وعدد من يحق لهم الاقتراع 4 ملايين و117 ألف شخص، حسب أرقام الهيئة المستقلة للانتخاب. وأمام مئات آلاف الصور واللافتات التي علقها المرشحون في جميع مناطق المملكة، يتلمس المتابعون والمراقبون تواضع الجدل المصاحب للانتخابات، والذي يرجعونه إلى ضعف المشاركة الحزبية، ومواصلة سيطرة العشيرة على مفاصل العملية الانتخابية، من دون إغفال لغياب ثقة المواطنين بقدرة المجالس المنتخبة على إحداث تغيير. وفيما تتضح الانتخابات البلدية المستقرة في الممارسة الأردنية منذ العام 1925، لا تزال الضبابية تحيط بالانتخابات اللامركزية التي ستجرى في نسختها الأولى، وذلك رغم حملات التوعية والتثقيف الكبيرة التي نفذتها مختلف مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني. وتقوم اللامركزية على استحداث مجلسين في كل محافظة من محافظات المملكة الـ 12، أحدهما معين بالكامل ويطلق عليه "المجلس التنفيذي" والثاني منتخب ويطلق عليه "مجلس المحافظة"، ويناط بالمجلسين مهام وصلاحيات لا تتعارض مع تلك الممنوحة للبلديات التي ستحافظ على دورها الخدمي. وسيضطلع المجلسان، التنفيذي والمحافظة، بعد تفويض جزء من صلاحيات الحكومة المركزية لهما، بأدوار التنمية والتخطيط والاستثمار.

يقول مدير مركز "هوية"، محمد الحسيني: "منذ شهرين نقوم بحملات للتوعية ونشر الوعي بدور مجالس البلديات ومجالس المحافظات، لكن لا يزال هناك خلط لدى المواطنين حول أدوار المجلسين والصلاحيات الممنوحة لهما والعلاقة بينهما". لكن الحسيني يشير إلى تطور نسبي في وعي الناخبين مقارنة بالفترة الماضية. ويلفت إلى أن تفاعل المواطنين مع الانتخابات المنتظرة يتباين من منطقة إلى أخرى، ففي حين يتراجع التفاعل في المدن الرئيسية، خصوصاً في العاصمة، يتم رصد تفاعل أكبر في المحافظات، خصوصاً تلك التي لا تزال الروابط العشائرية المؤثر الأكبر في حركتها. وفيما كشفت دراسة أعدها "برنامج مراقبة الانتخابات" (راصد)، وأعلنت نتائجها في مايو/أيار الماضي، عزم 59 في المائة من الأردنيين مقاطعة الانتخابات، يتوقع الحسيني أن تشهد الانتخابات مشاركة كبيرة. ويقول إن "اهتمام المواطنين بالبلديات، التي تلامس واقعهم الخدمي بشكل مباشر، مرتفع مقارنة باللامركزية. وبسبب تزامن العمليتين الانتخابيتين، فمن المؤكد أن من سيشارك في انتخاب البلدية سيشارك في اللامركزية".


وقررت الهيئة المستقلة للانتخاب، المعنية بإدارة العملية الانتخابية والإشراف عليها، إجراء العمليتين الانتخابيتين بشكل متزامن، مبررة قرارها بالأزمة المالية التي تعيشها موازنة الدولة، ولتلافي "الكسل الانتخابي" في حال جرت الانتخابات في مواعيد مختلفة ومتقاربة. وبلغت كلفة إجراء الانتخابات 20 مليون دينار أردني، في وقت كانت ستتضاعف التكلفة لو أجريتا بشكل منفصل، حسب الهيئة المستقلة. وفيما أعلنت جميع الأحزاب الأردنية مشاركتها في الانتخابات، ترشيحاً واقتراعاً، إلا أن نسبة الحزبيين المرشحين بلغت 4 في المائة فقط، وفقاً لما تظهر بيانات "راصد"، وهو ما تعتمده لتفسير خوض 66 في المائة من المرشحين الانتخابات من دون برامج انتخابية. ويقول الحسيني إن "العشائرية صاحبة تأثير كبير في الانتخابات. يوجد تحالفات داخل العشيرة الواحدة لصالح مرشح العشيرة، ويوجد تحالفات بين عشائر مختلفة لتبادل الدعم في البلديات واللامركزية". ويرى أنه من "الممكن القبول تجاوزاً بتلك التحالفات في الانتخابات البلدية لناحية دور البلديات الخدمي وانعكاسها المجتمعي، لكن اللامركزية بحاجة إلى تحالفات برامجية، خصوصاً أن أعضاء المركزية (مجلس المحافظة) ينتظرهم دور مهم في وضع الخطط التنموية وإعداد الموازنات وغيرها من الأمور التي تتطلب الاختصاص".

وحسب دراسة "راصد" فإن 47.3 في المائة من المرشحين يرتكزون على العشائرية، فيما يرتكز 41 في المائة على المناطقية، و2.8 في المائة فقط يرتكزون على قواعدهم الحزبية. وفي الوقت الذي تعول فيه الدولة على الانتخابات، خصوصاً اللامركزية، لناحية تخفيف الضغط على الحكومة المركزية، وتعزيز المشاركة الشعبية في صناعة القرار التنموي، يثار جدل كبير حول مستقبل التجربة. وفيما يؤكد عضو البرلمان السابق، جميل النمري، أهمية تجربة اللامركزية (مجالس المحافظات) في إحداث أثر حاسم في التنمية، يتخوف من أن تتحول المجالس إلى عبء إضافي ومصدر إرباك يساهم في مزيد من الهدر وتبديد الوقت. ويقول النمري "ذلك يقرره الأداء، لكن بتقدير الواقع والأشخاص والمؤسسات والانتخابات والثقافة السائدة، فإن المرجح أن يكون المجلس سبباً في الإرباك والهدر وتبديد الوقت". وفيما يتوقع حدوث تضارب بين المجالس البلدية ومجالس المحافظات، يجزم بأن تنافساً ومماحكة ستنشأ بين مجلس المحافظة والبرلمان. ويقول النمري إن "التصدي للدور الخدمي سيبقى هاجس النواب، حتى على حساب دورهم التشريعي والرقابي". وفي مقابل ذلك، يدعو الرسميون إلى عدم التعجل في إطلاق الأحكام، وانتظار نتائج العملية الانتخابية للحكم على نجاح التجربة من خلال الممارسة.