حراك حفتر الخارجي: بحث عن أثمان باهظة مقابل خدماته

حراك حفتر الخارجي: بحث عن أثمان باهظة مقابل خدماته داخل ليبيا

13 اغسطس 2017
لا يزال اتفاق باريس بلا تطبيق (فيليب وجزير/فرانس برس)
+ الخط -
في ظل الجمود الذي تشهده التسوية السياسية في ليبيا مع عدم تحقيق أي تقدّم فيها، يخوض قائد القوات الليبية التابعة لبرلمان طبرق، خليفة حفتر، حراكاً خارجياً، في ما يبدو محاولة لكسب مزيد من الدعم، وبحثاً عن أثمان طويلة الأمد، مقابل تعاونه في ملف وقف الهجرة غير النظامية، الذي يشغل الدول الأوروبية، مع تقديم نفسه على أنه المسيطر الأكبر على الأرض الليبية.

وفي وقت لا يزال فيه اتفاق باريس بين حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، من دون تنفيذ، برزت دعوة روسية للسراج لزيارة موسكو، وسط حديث عن سعي روسيا لجمع الرجلين، إلا أن مصادر ليبية نفت ذلك. وأكد مصدر مقرب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، لـ"العربي الجديد"، تلقي السراج دعوة لزيارة العاصمة الروسية، لكنه نفى أن يلبي السراج الدعوة خلال هذه الفترة، مؤكداً أن الدعوة الروسية لا علاقة لها بلقاء حفتر في روسيا.
وأوضح المصدر أن "السراج كان قد التقى حفتر مرتين ونتج عن ذلك اتفاق معلن وواضح في باريس، ولا حاجة للقاءات أخرى بقدر الحاجة لتنفيذ الاتفاق". وأشار إلى أن "السراج سيناقش خلال زيارته المرتقبة لروسيا ملفات ليبية تتعلق بالنزاع الحالي القائم في البلاد، ولكن الأمر لا يتعلق بلقاء أي شخصية ليبية تُمثّل أي طرف بما فيها حفتر"، لافتاً إلى أن من جملة الملفات التي سيناقشها السراج مع الطرف الروسي تفعيل اتفاقات عسكرية وتجارية ليبية-روسية سابقة.

كما نفى المصدر علم المجلس بتفاصيل لقاءات حفتر الحالية في موسكو، لكنه أكد قبول الأخير بعمل مؤسسة الجيش تحت سلطة مدنية ستفرزها انتخابات مقبلة، مشيراً إلى حلحلة نسبية في الأزمة الليبية. واستدرك بالقول "إعلان باريس لم يرَ النور حتى الآن لكن المجتمع الدولي يدعمه ويرى أنه يدخل في إطار الحوار لحل الأزمة بعيداً عن السلاح"، لافتاً إلى أن المجلس الرئاسي ينتظر اتفاقات ليبية تجري في الوقت الحالي من خلال ممثلي القبائل وشيوخ المصالحة الوطنية للمضي إلى انتخابات عاجلة في البلاد.
وكانت وكالة "انترفاكس" الروسية قد نقلت الجمعة عن مصادر، أنباء عن وصول حفتر والسراج إلى موسكو لإجراء لقاءات ثنائية جديدة برعاية روسية. يُذكر ان السراج التقى حفتر في أبوظبي مطلع مايو/أيار الماضي لأول مرة منذ نشوب الأزمة الليبية، قبل أن يُعلَن عن اتفاق بينهما في لقائهما الثاني في 25 من يوليو/تموز الماضي في باريس تمثّل في وقف لإطلاق النار والذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية قبل مارس/آذار من العام المقبل.

أما عن زيارة حفتر الحالية لموسكو، التي يتخللها لقاء يجمعه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف غداً الاثنين، فقد نقلت صحيفة "إزفيستيا" الروسية عن مصدر في الوفد الليبي أن حفتر سيعقد محادثات مع ممثلي وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين، ستركز على مسألة الهجرة من الساحل الليبي إلى أوروبا وغيرها من القضايا. وعلى الرغم من أن روسيا تبحث عن زيادة دورها في الوساطة بين الأطراف الليبية، إلا أنها لا تخفي رهانها على حفتر الذي زار روسيا مرتين في العام الماضي، كما ترددت أنباء عن زيارة أخرى في مارس/آذار الماضي، وذلك بالتزامن مع تسريبات إعلامية حول وجود قوات روسية على الحدود بين مصر وليبيا. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، صعد حفتر إلى متن حاملة الطائرات الروسية "الأميرال كوزنيتسوف" التي كانت في طريق عودتها من سورية، وتحدث من على متنها مع شويغو عبر مؤتمر الفيديو. وعلى الرغم من انحيازها لدعم حفتر، إلا أن موسكو ترفض بدء تسليح قواته لحين رفع الحظر الدولي على توريد الأسلحة إلى ليبيا. يُذكر أن حفتر كان قد التقى السفير الأميركي في ليبيا بيتر بودي يوم الأربعاء الماضي في العاصمة الأردنية عمّان، وفق إعلان السفارة الأميركية في ليبيا، التي أكدت أن "المحادثات الأخيرة التي جرت بين الأطراف الليبية لتحقيق المصالحة الوطنية في بلدها مشجّعة، وسيظلّ المجتمع الدولي يؤدي دوراً هاماً في دعم تلك الجهود".


في غضون ذلك، بدا أن حفتر يبحث عن أثمان للمساعدة في وقف الهجرة غير النظامية، إذ أعلن أن كلفة الجهود الأوروبية الضرورية للمساعدة في وقف تدفق اللاجئين على الحدود الجنوبية لليبيا، تُقدّر بـ"20 مليار دولار على امتداد 20 أو 25 عاماً". وقال حفتر لصحيفة "كورييري دولا سيرا"، أمس السبت، إن مشكلة المهاجرين "لا تحل على شواطئنا. إذا توقفوا عن المغادرة عبر البحر، فيتعين علينا عندئذ أن نحتفظ بهم، وهذا ليس ممكناً". وأضاف أنه "يتعيّن علينا في المقابل العمل سوية لوقف موجات تدفق اللاجئين على امتداد 4 آلاف كيلومتر من الحدود الصحراوية الليبية في الجنوب"، قائلاً: "جنودي على أهبة الاستعداد. أسيطر على أكثر من ثلاثة أرباع البلاد. لدي العناصر، لكن تنقصني الإمكانات".

وأوضح حفتر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "سألني عما نحتاج إليه، وأقوم بإعداد لائحة لإرسالها إليه". وذكر أن اللائحة تتضمن "تدريبات لخفر الحدود، وذخائر وأسلحة، وخصوصاً آليات مدرعة وسيارات جيب للرمل وطائرات من دون طيار وأجهزة كشف الألغام ومناظير للرؤية الليلية ومروحيات". واضاف أن الهدف هو إقامة معسكرات متحركة تضم 150 رجلاً كحد أدنى كل مئة كيلومتر. وقدّر كلفة هذا البرنامج الكبير بـ"حوالى 20 مليار دولار على امتداد 20 أو 25 عاماً للبلدان الأوروبية". وعلى سبيل المقارنة، قال إن تركيا، التي تستضيف قرابة 3 ملايين لاجئ سوري، "تحصل على ستة مليارات" من بروكسل "للسيطرة على عدد من اللاجئين السوريين وبعض العراقيين"، على حد وصفه. وأضاف "أما نحن في ليبيا، فيجب أن نعمل على احتواء دفعات كبيرة من الأشخاص الذين يصلون من كل انحاء افريقيا".
وانتقد حفتر مجدداً السراج الذي لم يستشره للموافقة على عملية دعم بحري لإيطاليا من أجل مساعدة خفر السواحل الليبيين على احتواء عمليات انطلاق زوارق المهاجرين. وقال في هذا الصدد إن "قراره خيار شخصي غير شرعي وغير قانوني".

المساهمون