الإمارات والسعودية... حلف غير مقدس تهدده طموحات "المحمدين"

الإمارات والسعودية... حلف غير مقدس تهدده طموحات "المحمدين" الكبيرة

13 اغسطس 2017
يطمح "المحمدان" لبناء مجد شخصي لهما (بندر الجلود/الأناضول)
+ الخط -

يتزعم كل من ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، حلفاً تشكل منذ وصول الثاني إلى سدة القيادة في الرياض، عقب تولي والده الملك سلمان مقاليد الحكم في البلاد قبل عامين. وقاد هذا الحلف بين الأمير السعودي، الذي سعى طويلاً للحصول على منصب ولاية العهد، وبين محمد بن زايد، الذي يسعى لأن يكون الرجل الأقوى في المنطقة، حرباً ضد اليمن، في مارس/ آذار 2015، في محاولة لوقف ما سمياه النفوذ الإيراني وتصحيح أخطاء حكومة الملك السعودي الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز، الذي قام بدعم الحوثيين والرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، للحد من نفوذ حزب "الإصلاح" الموالي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن. كما شن الحلف، الذي ضم البحرين ومصر، حرباً باردة ضد قطر، وصل خلال توالي فصولها محمد بن سلمان إلى ولاية العهد بعد تنحيته لمحمد بن نايف، وفرض الإقامة الجبرية عليه، أواخر يونيو/ حزيران الماضي، بحسب مصادر إعلامية أميركية وبريطانية. لكن هذا الحلف يبدو هشاً، وخصوصاً أن كلا "المحمدين" يُمنّيان النفس بالسيطرة على المنطقة وبناء المجد الشخصي الخاص بكل منهما، وهو ما قد يؤدي إلى صدام بينهما في جبهات عدة يخوضان فيها معاركهما السياسية والإعلامية والعسكرية، أبرزها سورية واليمن.

خلافات تاريخية وشخصية

بحسب وثائق "ويكيليكس" المسربة، فإن ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات، محمد بن زايد، يحمل كراهية شديدة للسعودية، ويأمل بتأدية دورها التاريخي في المنطقة، والذي بدأ بعد اجتماع "كوينسي" بالسويس في العام 1945، بين الملك المؤسس عبد العزيز بن سعود والرئيس الأميركي ثيودور روزفلت، والذي نص على أن توفر الولايات المتحدة الحماية اللامشروطة لعائلة آل سعود الحاكمة مقابل ضمان الرياض لإمدادات الطاقة للولايات المتحدة. ووصف بن زايد، بحسب وثيقة مسربة، ولي العهد السعودي الراحل، نايف بن عبدالعزيز، بـ"القرد"، مشيراً إلى أن الإمارات والسعودية خاضتا 57 معركة على مدار الـ250 سنة الماضية، رداً على المحاولات السعودية لاحتلال الإمارات. وأضاف "السعوديون ليسوا أصدقائي الأعزاء، لكننا بحاجة إلى التعايش". فعلى الصعيد الجغرافي، اعترضت الإمارات بشكل متكرر على معاهدة جدة عام 1974 والتي تضمنت اقتطاع "خور العديد" من الإمارات ونحو 80 في المائة من آبار الشيبة النفطية، وتصاعد هذا الخلاف بشكل كبير في العام 2009 قبل أن تتدخل الوساطات الخليجية لوقفه.

خلافات استراتيجية

يعد اليمن، الذي شنت السعودية برفقة الإمارات حرباً عنيفة فيه ضد تحالف ميلشيا "أنصار الله" الحوثية، المتحالفة مع صالح، ثاني ساحات الخلاف السعودي الإماراتي المرتقب وأشرسها، بعد أن اختارت الإمارات دعم انفصال جنوب اليمن والتوغل في مناطق جنوبه لأسباب استراتيجية واقتصادية، تمكنها من السيطرة على أهم الموانئ البحرية في البلاد خصوصاً عدن، بالإضافة إلى مضيق باب المندب، تاركة لحليفها السعودي شمال اليمن الفقير والمدمر، ما يعني أن السعوديين في حال نهاية الحرب سيدفعون فاتورة الحرب، خارجين حتى في حال انتصارهم العسكري بهزيمة سياسية.

واستغلت الإمارات هوس وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بالوصول إلى منصب ولاية العهد، في السنتين الماضيتين، لتقوم بما وصف بأنه قصقصة أجنحة النفوذ السعودي في جنوب اليمن، إذ بدأت بمنع الكتب "الوهابية"، وهي تعاليم محمد بن عبد الوهاب، والتي تقوم عليها السعودية منذ ثلاثة قرون، وتستمد جزءاً كبيراً من نفوذها عبرها. كما قامت بإنشاء قوات خاصة موالية لها في محافظات الجنوب، وقامت عبر إعلامها بالهجوم على الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ما أدى لقيام الرئيس اليمني، الذي يعيش في الرياض، بإقالة محافظ عدن الموالي للإمارات، عيدروس الزبيدي، لترد أبوظبي بإنشاء ما سمي "المجلس الانتقالي الجنوبي"، والذي يهدف بشكل علني إلى تقسيم اليمن. لكن حصول بن سلمان على منصب ولاية العهد، وقيامه بتهدئة الجبهة الداخلية المعارضة له داخل الأسرة الملكية، يعني أنه سيلتفت بشكل أكثر تحرراً هذه المرة للمصالح السعودية الآخذة في التقلص داخل اليمن، ما قد يسبب خلافاً شديداً بين السعودية والإمارات، وخصوصاً أن السعوديين ينظرون بعين الحذر والتوجس لإقامة ابن الرئيس علي عبدالله صالح، أحمد، في الإمارات والاتصالات السرية التي تجريها الإمارات مع أحزاب سياسية في شمال اليمن.

خلافات دينية

رغم انتهاج السعودية سياسة أكثر تحرراً بما يخص مظاهر الدولة الدينية، عبر تقييد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإنشاء هيئة الترفيه، إلا أن القيادة السعودية تعلم جيداً المشاعر الدينية التي تتمتع بها السعودية، كونها موطن "الحرمين الشريفين"، بالإضافة إلى احتضانها للحركة "الوهابية" السلفية التي ينتشر نفوذها في أماكن عدة حول العالم. وعلى العكس من الرياض تدعم أبوظبي التوجهات "الصوفية الأشعرية" المخالفة للوهابية بشكل صريح، إذ أنشأت الإمارات ما سمي بمجلس حكماء المسلمين، تحت رئاسة شيخ الأزهر الأشعري، أحمد الطيب، في محاولة لسحب بساط النفوذ من رابطة العالم الإسلامي وهيئة كبار العلماء السعوديتين، اللتين تتمتعان بحضور كبير في العالم الإسلامي. وقامت الإمارات، في العام 2016، بتنظيم مؤتمر الشيشان، الذي هاجم بشدة "السلفية" و"الوهابية"، ووصفهما بفرقتين خارجتين عن دائرة أهل السنة، وهاجم بشكل مبطن الدولة السعودية الداعمة لهما، ما أدى إلى غضب دوائر صناعة القرار السعودية وإصدار هيئة كبار العلماء السعودية بياناً هاجمت فيه المؤتمر، وطالبت فيه "بعدم توظيف المآسي والأزمات لتوجهات سياسية، وانتماءات فكرية، ورفع الشعارات والمزايدات والاتهامات والتجريح".

المساهمون