إعلام اليمين الإسرائيلي يستنفر للدفاع عن نتنياهو

إعلام اليمين الإسرائيلي يستنفر للدفاع عن نتنياهو

11 اغسطس 2017
نتنياهو خلال مؤتمر لدعمه الأربعاء الماضي (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -
إن كان ثمة من يبحث عن دليل على العوائد التي يكتسبها اليمين الإسرائيلي بسبب استثماره الكبير في تدشين وسائل إعلام تتبنى وجهة نظره وتدافع عن قياداته، فقد منح طابع تعاطي صحف وقنوات التلفزة اليمينية مع شبهات قضايا الفساد التي تلاحق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هذا الدليل.

فعلى الرغم من عشرات الساعات من التحقيقات المكثفة مع نتنياهو، والكثير من الأشخاص المتورطين في هذه القضايا، إلا أن وسائل الإعلام اليمينية عرضت الموضوع على أنه "محاولة يسارية لإسقاط حكومة اليمين المنتخبة". وقد تعمدت وسائل الإعلام اليمينية تجاهل الحقائق التي لا خلاف عليها، إذ إن الذي يقود جهاز الشرطة هو الجنرال روني الشيخ، المعروف بانتمائه إلى اليمين الديني المتطرف، وقد أصر نتنياهو على اختياره، رغم اعتراض الكثير من المستويات السياسية والمهنية. وقد لعبت كل من صحيفة "يسرائيل هيوم"، التي تعد أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً، وصحيفة "ميكور ريشون"، الدور الأبرز في شن حملة إعلامية دعائية ضد أجهزة حفظ القانون والقضاء ومهاجمة النخب السياسية والإعلامية التي دعت إلى استقالة نتنياهو بسبب ملفات الفساد التي تحوم فوق الرجل. ويملك هاتين الصحيفتين الملياردير اليهودي الأميركي، شيلدون أدلسون، صديق نتنياهو، الذي قام بتدشين "يسرائيل هيوم" واشترى "ميكور ريشون" فقط من أجل دعم نتنياهو وتعزيز حضور اليمين، كما كشف ذلك تحقيق موسع أعده الصحافي رفيف دروكير، وبثته قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة قبل عامين. وقد أدت قناة "20" اليمينية دوراً رئيسياً في الدفاع عن نتنياهو، إذ إنها مثل "يسرائيل هيوم" و"ميكور ريشون" اعتمدت سياسة تحريرية تفتقر إلى أدنى المستويات المهنية، وتقوم على الغوغائية. وضمن الاستراتيجيات التي اعتمدتها السياسة التحريرية لوسائل الإعلام اليمينية في الدفاع عن نتنياهو، اختيار عناوين صاخبة لتصريحاته وتصريحات المدافعين عنه. وقد أظهرت هذه الوسائل خصوصاً وصف نتنياهو للتحقيقات بتهم الفساد ضده بأنها "محاولة للقيام بانقلاب بهدف إسقاط حكومة اليمين".

وعلى الرغم من أن كبار المسؤولين الإسرائيليين درجوا على تقديم استقالاتهم بمجرد تقديم لوائح اتهام ضدهم، كما حدث مع سلف نتنياهو رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، إلا أن وسائل الإعلام اليمينية درجت على إبراز تصريحات لساسة من اليمين ورجال قانون يتبنون التوجهات اليمينية تدعو نتنياهو لمواصلة أداء مهامه وعدم تقديم استقالته. وتكمن المفارقة في أن وسائل الإعلام اليمينية، وفي خضم حماستها لنتنياهو، لم تتردد في إبراز دفاع ساسة عنه تورطوا وأدينوا في قضايا فساد خطيرة، مثل وزير الداخلية، الحاخام أرييه درعي. وضمن هؤلاء أيضاً النائب الليكودي، أورن حزان، الذي يواجه العديد من قضايا الفساد، والذي أجرت معه "ميكور ريشون"، أول من أمس، مقابلة نعت فيها النيابة العامة بألفاظ نابية وسوقية. وفي المقابل، تجاهلت هذه الوسائل الدعوات التي وجهتها شخصيات يمينية وازنة لنتنياهو بالاستقالة، مثل وزيرة التعليم السابقة، ليمور ليفنات، ووزير الحرب السابق، موشيه يعلون، ووزير القضاء الأسبق، دان مريدور.

وفي الوقت ذاته، فقد تم توجيه كبار المعلقين الذين يعملون في وسائل الإعلام اليمينية لشيطنة تحرك مؤسسات حفظ القانون ضد نتنياهو. ففي مقال نشر أمس في كل من "يسرائيل هيوم" و"ميكور ريشون"، ادعى المعلق أمنون لورد أن الذين "يعملون من أجل الإطاحة بنتنياهو يقدمون على ذلك لأن إسرائيل تحت حكمه حققت الكثير من الإنجازات الاستراتيجية". وفي مقال نشرته "يسرائيل هيوم"، الأحد الماضي، اعتبر المعلق يعكوف بايغمان حملة التحقيقات بحق نتنياهو بأنها "محاولة لاستهداف حكومة اليمين". وفي مقال نشر أمس، اعتبر الموضوع بأنه "محاولة لتصفية مستقبل نتنياهو السياسي". من ناحيتها عمدت قناة "20" للاستعانة بمطربين من ذوي التوجهات اليمينية، والذين يحظون بشعبية كبيرة في الدفاع عن نتنياهو، مثل المطرب عمير بنيون، الذي سخر من الاتهامات ضد رئيس الحكومة، بالقول "إنهم يريدون استبدال الشعب". فقط صحيفة "جيروزاليم بوست"، الصادرة بالإنكليزية، شذت عن هذا الاتجاه، على الرغم من توجهاتها اليمينية، إذ سمحت بنشر تعليقات لكتاب يطالبون بالبحث عن بديل لنتنياهو. وفي المقابل، فقد تبنت صحيفة "هآرتس"، ذات التوجه الليبرالي، خطاً نقدياً تجاه نتنياهو، إذ أجمع معلقوها على مطالبته باستخلاص العبر والاستقالة من منصبه. أما الصحف ذات الخط المستقل، مثل "يديعوت أحرونوت" و"معاريف"، فعلى الرغم من أنها نشرت مقالات لكتاب دافعوا عن حق نتنياهو في البقاء في الحكم حتى ولو تم تقديم لائحة اتهام ضده، إلا أن الاتجاه العام في تغطية هذه الصحف كان نقدياً لسلوك نتنياهو.

المساهمون