الخليل ضمن قائمة "يونسكو"... انتصار فلسطيني في وجه الاحتلال

انتصار فلسطيني في وجه الاحتلال: الخليل القديمة والحرم الإبراهيمي بلائحة التراث العالمي

رام الله

نائلة خليل

نائلة خليل
08 يوليو 2017
+ الخط -
حققت فلسطين انتصاراً جديداً في ساحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، بعد قرار لجنة التراث العالمي التابعة للمنظمة، إدراج المدينة القديمة في الخليل والحرم الإبراهيمي على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، على الرغم من المحاولات الإسرائيلية المستميتة، والمدعومة بدولة عربية وفق تسريبات إسرائيلية، فضلاً عن الولايات المتحدة، لتخريب التصويت على القرار. وأعلنت "يونسكو"، أمس الجمعة، البلدة القديمة في الخليل "منطقة محمية" بصفتها موقعاً "يتمتع بقيمة عالمية استثنائية"، وأدرجت البلدة القديمة على لائحتين، هما لائحة التراث العالمي ولائحة التراث المهدد. ويعني ذلك اعترافاً بأن المدينة القديمة والحرم الإبراهيمي هما من مواقع التراث الفلسطيني، وسيتم تسجيلهما على هذا النحو في قائمة "يونسكو" للتراث العالمي، كذلك يشكّل القرار اعترافاً بأن الموقعين معرضان للخطر، وهذا يعني أن لجنة "يونسكو" للتراث العالمي ستجتمع كل عام لمناقشة قضيتهما.

وتتمثّل أبرز المكتسبات التي تترتّب على هذا الإعلان الأممي، في إصدار تقرير سنوي يفصّل كافة الانتهاكات والتشوّهات التي تمسّ ببنية المدينة، في ظل إغلاق السلطات الإسرائيلية أكثر من ألف محل تجاري في البلدة القديمة منذ عقدين، وإعاقتها أي مشروع لإعادة تأهيل الحرم الإبراهيمي والبيوت والأسواق القديمة في الخليل، إذ جرت آخر عمليات الترميم في تسعينيات القرن الماضي.

وجاء القرار بموافقة 12 من أعضاء اللجنة المجتمعة في كراكوفا جنوبي بولندا، مقابل امتناع ستة عن التصويت على القرار ومعارضة ثلاثة، وذلك على الرغم من محاولات السفير الإسرائيلي في "يونسكو" كارميل كوهين تخريب التصويت السري. وطلبت بولندا أن يكون التصويت سرياً على القرار، وهو أمر غير اعتيادي، وكانت إسرائيل من مؤيدي التصويت السري على أمل أن يؤدي إلى فشل القرار من دون الإضرار بالدول التي تقوم بالتصويت، إلا أن آمال الاحتلال سرعان ما خابت أمام النتيجة.

واعتلى كوهين المنصة وحاول التأثير على سكرتاريا اللجنة بكلام استفزازي، ووصل الأمر حداً دفع المسؤولين إلى دعوة حراس الأمن لإعادته إلى مكانه. كذلك قال كوهين إن عليه الذهاب "لإصلاح دورة المياه في بيته وهذا أمر أكثر جدوى من هذا الاجتماع". هذه الوقاحة زادت من حجم تأييد الدول لإدراج مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي في قائمة التراث، خصوصاً بفضل جهود المندوب الفلسطيني الياس صنبر، والذي لقي تصفيقاً حاداً في اختتام الاجتماع، وفق مسؤول الإعلام في "يونسكو" بسام منصور.

وشرح مسؤول ملف التراث العالمي في وزارة السياحة الفلسطينية، أحمد الرجوب، الموجود حالياً في بولندا، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "سفير الاحتلال حاول إعاقة كل الخطوات حتى التصويت السري الذي طلبته بولندا، وكان سلوكه عدوانياً مستفزاً وتعدى كل الحدود الدبلوماسية، بشكل أظهر لكل الدول الأعضاء أنه نقل عقلية احتلاله لفلسطين إلى يونسكو بشكل سافر". واعتبر الرجوب أن "السفير الإسرائيلي كان يسعى بسلوكه لأن يحتل قرار يونسكو، الأمر الذي خلق تعاطفاً مع الفلسطينيين"، مضيفاً: "على سبيل المثال عن سلوك سفير الاحتلال، اعتلاؤه منصة يونسكو، خلال قيام سكرتاريا اللجنة بالتجهيز للتصويت على مشروع القرار، في الوقت الذي يُمنع فيه أي أحد من ذلك، وتوجّه إلى سكرتير اللجنة، بشكل غير قانوني وبعيداً عن أبسط قواعد الدبلوماسية، بهدف إلغاء التصويت، على الرغم من أن هذا الطلب ليس من صلاحياته ولا من حقه بالأساس".

وأوضح الرجوب أن "الدول التي دعمت التصويت السري هي الدول الداعمة للاحتلال لأن الأصل أن يكون التصويت علنياً، وكانت إسرائيل مع التصويت السري لأنها كانت تعوّل على أن تصوّت بعض الدول ضد القرار من دون أن تحرج نفسها وعلاقاتها مع فلسطين، لكن النتيجة كانت عكسية". وفي السياق، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنّ دولة عربية (لم تكشف عنها) تعهدت لإسرائيل بعدم قبول الاقتراح الفلسطيني وعدم التصويت معه إن جرت عملية التصويت بشكل سرّي.



من جهتها، أكدت وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة، لـ"العربي الجديد"، أن "نص القرار الذي قدّمته دولة فلسطين باعتبار المدينة في الخليل تراثاً عالمياً فلسطينياً، مطابق تماماً لقرار يونسكو الذي تم التصويت عليه". وقالت معايعة إن "مسؤولية يونسكو والعالم اليوم الحفاظ على البلدة القديمة في الخليل ضد الاعتداءات وعمليات التهويد القصرية المستمرة التي تقوم بها دولة الاحتلال ومستوطنوها"، مشيرة إلى أن "الملف التالي بعد الخليل الذي استغرق إعداده سنوات، وتم تقديمه ليونسكو مطلع هذا العام، هي مدينة أريحا، وتعمل الوزارة على إدراج أجزاء معينة من المدينة كتراث عالمي".

وأثنى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي يزور تونس، على التصويت، معتبراً أن القرار جاء "بفضل الدبلوماسية الفلسطينية الهادئة، على الرغم من الضغوط التي مورست على العديد من الدول من قبل إسرائيل وأميركا". من جهته، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في بيان: "على الرغم من الحملة الإسرائيلية المحمومة وإشاعة الأكاذيب وتشويه وتزييف الحقائق حول الحق الفلسطيني، إلا أن العالم أقر بحقنا في تسجيل الخليل والحرم الإبراهيمي تحت السيادة الفلسطينية".
كذلك رحب الأردن بالقرار، وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، لوكالة "فرانس برس" إن "القرار يؤكد عدم شرعية الإجراءات والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة الخليل، ويشكل مواجهة لمحاولات إسرائيل فرض وقائع جديدة في مدينة الخليل القديمة".

الضغوط التي مارسها الاحتلال خلال التصويت على القرار استكملها لاحقاً، إذ لم يتأخر لإعلان وقف تعاونه مع "يونسكو". وقال وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بنيت، في تصريح: "بصفتي رئيس اللجنة الإسرائيلية للتعاون مع يونسكو، أعلن أننا لن نجدد التعاون مع المنظمة حتى تتوقف عن كونها أداة سياسية لمكافحة إسرائيل".
من جهته، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التصويت بـ"القرار السخيف". فيما كتب المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية ايمانويل نحشون في "تغريدة" بعيد التصويت إن القرار "وصمة عار". كذلك رفض وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في بيان، القرار، واتهم "يونسكو" بأنها "منظمة منحازة سياسياً ومخجلة ومعادية للسامية". وقال إن "القرارات التي اتخذتها مشينة ومن شأنها أن تضر بحقنا التاريخي على الحرم الإبراهيمي وحقنا بالأرض".

ذات صلة

الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة
طفل مصاب بالسرطان ووالدته من غزة في مستشفى المطلع في القدس في 17 أكتوبر 2023 (أحمد غرابلي/ فرانس برس)

مجتمع

قرّرت المؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال الإسرائيلي إعادة 20 مريضاً فلسطينياً مصاباً بالسرطان، من بينهم أطفال، إلى قطاع غزة المحاصر رغم تهديد حياتهم بالخطر.

المساهمون