رجال أبوظبي ويوسف العتيبة في مراكز التحليل الأميركية (3/3)

رجال أبوظبي ويوسف العتيبة في مراكز التحليل الأميركية (3/3)

07 يوليو 2017
العتيبة في احتفال في نيويورك (ديميتريوس كامبوريس/Getty)
+ الخط -

خلال السنوات الماضية، تبنّى السفير الإماراتي يوسف العتيبة مجموعة من الباحثين الشباب في مراكز التحليل السياسي بواشنطن، وتمكن بوسائله الخاصة استقطابهم ما جعلهم يعملون وفق أجندته السياسية. وفي الوقت الذي يحاول فيه بعض هؤلاء الباحثين الاختباء خلف مناصبهم البحثية، إلا أنهم في الحقيقة مجرد أذرع للإمارات داخل مراكزهم ويعملون وفقاً لأجندتها. ولعل أبرز هؤلاء الباحثين هم:






إريك تراغر
يعمل إريك تراغر باحثاً في "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" منذ عام 2010. وقد كان في البداية مجرد متدرّب هناك قبل أن يلفت الأنظار إليه، حين كتب مجموعة مقالات يهاجم فيها جماعة "الإخوان المسلمين" عقب ثورة يناير 2011 في مصر. وهو ما جعله من المؤثرين داخل المعهد خلال سنوات قليلة، فقام العتيبة بالتقاط الشاب النيويوركي ووظّفه وجعله رأس حربة في تنفيذ أجندته التي تقوم على مهاجمة الإسلاميين، خصوصاً جماعة "الإخوان المسلمين" والرئيس المعزول محمد مرسي. وحسب أحد المصادر المطلّعة، فإن العتيبة قام بتنظيم رحلات تراغر إلى القاهرة وتركيا وبريطانيا من أجل كتابة مقالات نقدية عن الجماعة وأعضائها.

وفي كثير من المقابلات التي أجراها تراغر مع أعضاء الإخوان، لم يكشف فيها عن هويته الحقيقية كباحث في "معهد واشنطن"، وإنما كان يدّعي بأنه صحافي يعمل لوسائل إعلام أميركية. وبعد سنوات قليلة، أصبح من أهم الخبراء في الجماعة، ليس انطلاقاً من فهمه لها، وإنما انطلاقاً من عدائه الشديد لها وتحريضه عليها. وقد كان خلف الكثير من القصص المفبركة والملفقة حول استخدام الإخوان للعنف منذ أحداث الاتحادية أواخر عام 2012. وقد نجح تراغر في تجنيد بعض الشباب المصريين للعمل معه في المعهد، منهم الشاب عادل العدوي، ابن أحد الدبلوماسيين المصريين العاملين في وزارة الخارجية المصرية، الذي يكن عداء شديداً للإخوان، ويدعم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشكل دائم وقوي، كما تدل على ذلك تغريداته على "تويتر". وأخيراً قام العتيبة بتنظيم حفل إطلاق كتاب تراغر حول سقوط جماعة الإخوان من السلطة. وحسب أحد المصادر التي حضرت الحفل، فقد قال العتيبة لتراغر إن "الأموال التي صرفتها عليك لم تذهب هباء" في إشارة إلى تمويله لرحلات تراغر إلى المنطقة، تحديداً مصر. لا يخفي تراغر عداءه الشديد لجماعة "الإخوان المسلمين". وهاجمها بشراسة عندما كانت في السلطة، ولا يزال الآن يراقبها عن كثب، محاولاً تأليب الإدارة الأميركية عليها لإعلانها "جماعة إرهابية". وفي بحثٍ سريع على الإنترنت، سيكتشف القارئ عشرات المقالات التي يهاجم فيها تراغر ليس فقط جماعة "الإخوان المسلمين"، وإنما أيضاً يستهزئ بالثورة المصرية، في حين يدافع دفاعاً شرساً عن حكم السيسي وشراكته الحميمة مع إسرائيل.



بلال صعب
يُعدّ الباحث اللبناني الصاعد بلال صعب، أحد الأذرع الرئيسية للعتيبة وولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، في واشنطن. بدأ صعب رحلته في دروب واشنطن من خلال العمل كباحث متدرب في معهد بروكينغز للأبحاث، وذلك في السنة نفسها التي وصل فيها العتيبة إلى واشنطن. وقد بدأ الشاب رحلة الصعود في عالم البحث من خلال التركيز على القضايا الأمنية وسباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط. بعد سنوات قليلة ذهب صعب لاستكمال دراسة الدكتوراه في جامعة ميريلاند تحت إشراف البروفيسور المعروف شبلي تلحمي، في جامعة ميريلاند - كولج بارك، ولكنه انقطع عن الدراسة بعد عامين فقط بسبب العرض المغري الذي جاءه من الإماراتيين والسعوديين للعمل في المجلس الأطلسي. وحسب أحد المصادر العليمة، فقد عُرض على الشاب الذي لم يكن قد أكمل الثلاثين من عمره وقتها، أن يصبح باحثاً مقيماً في مجلس الأطلسي بمرتب كبير، قبل أن تتم ترقيته كي يصبح مديراً لمبادرة "الشرق الأوسط الأمنية" والتي يتم تمويلها مباشرة من قبل محمد بن زايد ومحمد بن سلمان. وقد كتب صعب عشرات المقالات التي يدافع فيها عن السعودية والإمارات، كان آخرها مقالان أحدهما عن محمد بن سلمان نُشر على الموقع الإلكتروني لدورية "فورين أفيرز" المعروفة في الخامس من يناير/ كانون الثاني الماضي، والمقال الثاني يقدم فيه توصيات لإنجاح زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية في الدورية نفسها. وتكشف تسريبات العتيبة، أن بلال أرسل بريداً إلكترونياً ليوسف العتيبة منتصف يوليو/ تموز 2015، يقترح عليه إنجاز فيلم وثائقي يهاجم قطر، ويحرّض الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" عليها من أجل سحب تنظيمها لكأس العالم 2022، ليرد عليه العتيبة بالقول إن "قطر والفيفا هم أبناء الفساد". ولا يتوقف صعب عن تقديم المشورة للعتيبة حول كيفية تعزيز النفوذ الإماراتي في المنطقة، خصوصاً في اليمن وليبيا ومصر. وقد احتفل العتيبة وصعب أخيراً بترقية بن سلمان ووصوله لولاية العهد في السعودية.



مختار عوض
يُعدّ مختار عوض أحد الأشخاص الذين رعاهم العتيبة منذ كان باحثاً متدرباً مع براين كالتوس في معهد التقدم الديمقراطي. لم يكن عوض معروفاً على نطاق واسع قبل سنوات قليلة، قبل أن يلمع نجمه معتمداً على الورقة نفسها التي اعتمد عليها تراغر، وهي مهاجمة الإخوان والتحريض عليهم إعلامياً. بدأ الشاب المولود في ولاية تكساس الأميركية لأبوين مصريين رحلة البحث عن الأضواء من خلال الاشتغال على السلفيين في مصر، وخصوصاً حزب النور، منذ أواخر عام 2013، ونشر دراسته عنهم في مجلة "تيارات حالية في الإيديولوجية الإسلامية" التي تصدر عن معهد هدسون. وبعد أشهر قليلة أدرك عوض أن مهاجمة الإخوان هي العملة الرائجة في واشنطن، فقام بالتركيز على الجماعة رغم عدم معرفته بها كي يصبح الآن "خبيراً" في شؤون التطرف، حسبما يسمي نفسه. وقد سار عوض على خطى أستاذه وقدوته تراغر في رصد القنوات الإخبارية التي تبث من تركيا ومحسوبة على الجماعة من أجل التحريض عليها وترصّد أخطائها. وقد كتب عوض مقالات كثيرة يهاجم فيها الإخوان ويصفها بأنها جماعة عنيفة باستخدام لغة تحريضية. وقد كانت المكافأة كبيرة، وتم تعيينه في برنامج التطرف الذي تم تدشينه قبل عام ونصف بجامعة "جورج واشنطن" ويترأسه الباحث من أصول إيطالية لورينزو فيدينو، الذي عمل مستشاراً لدى الاستخبارات البريطانية قبل أن يتوجه إلى العاصمة واشنطن ويعمل لصالح العتيبة أيضاً. وفي المؤتمر الذي نظمته "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية" التي يمولها العتيبة، والذي سبق اندلاع الأزمة الخليجية الراهنة، تمّت استضافة ثلاثة باحثين من رجال العتيبة للهجوم على قطر، وهم إريك تراغر ومختار عوض وصامويل تادروس. وقد وضع أجندة المؤتمر العتيبة بالتعاون مع كبير مستشاري المؤسسة جون هانا، كما جاء في التسريبات الشهيرة للعتيبة.



سيباستيان غوركا
يُعدّ سيباستيان غوركا من أهم رجال العتيبة المتنفذين الآن داخل إدارة ترامب، التي يعمل فيها كمستشار لشؤون الأمن القومي. وقد عمل غوركا قبل انتقاله إلى البيت الأبيض كباحث في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطية"، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع العتيبة. وينتمي غوركا، الذي يتحدر من أصول مجرية، للتيار اليميني المتطرف الذي يعادي الإسلام والمسلمين بشكل صريح ومن دون مواربة، وهو عضو بارز في الشبكة التي يتهمها البعض بالنازية، المعروفة باسم "فيتز". لذلك فهو من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في الأوساط البحثية الأميركية نتيجة لآرائه تجاه الإسلام والمسلمين. وهو هنا يلتقي في أفكاره مع تراغر الذي يرى أن الإسلام دين شمولي يحض على الكراهية والعنف. يرتبط غوركا بعلاقات وثيقة مع العتيبة الذي موّل رحلاته للقاهرة عقب انقلاب يوليو/ تموز 2013 والتقى خلالها السيسي وغيره من جنرالات الاستخبارات الحربية. ويُعدّ غوركا صديقاً شخصياً لعباس كامل، مدير مكتب السيسي وكاتم أسراره. ويؤدي غوركا دوراً مهماً في الحملة على قطر من خلال تحريض ترامب وإدارته عليها. ويُعتقد بأنه الشخص المسؤول عن كتابة الجزء الخاص الذي ألقاه ترامب في مؤتمره الصحافي مع رئيس وزراء رومانيا سورين غرينديانو بعد أيام من الأزمة الخليجية، والذي اتهم فيه قطر بتمويل الإرهاب.