هل يتخطى رئيس الحكومة التونسية خلافه مع حزبه "النداء"؟

هل يتخطى رئيس الحكومة التونسية خلافه مع حزبه "النداء"؟

06 يوليو 2017
تظاهرة تدعم حرب الشاهد للفساد - مايو2017 (ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -
مرت خمس سنوات على تأسيس حزب نداء تونس، في 16 يونيو/حزيران الماضي، وذلك في أوج الحملة التي جمّعت عدة أحزاب بهدف إسقاط الترويكا الحاكمة وقتها، "النهضة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل". وكان يفترض أن يحتفل الحزب بهذه الذكرى، اليوم الخميس، لكن تقرر تأجيلها إلى الخميس 13 يوليو. ومن المتوقع أن يحضر الاحتفالات رئيس الجمهورية ومؤسس الحزب، الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة، يوسف الشاهد، ورئيس البرلمان، محمد الناصر، على أساس انتمائهم السابق إلى "النداء".

وتروِّج بعض الأوساط أن قرار التأجيل قد يكون حيلة لتجنب حضور الشاهد هذه الاحتفالات، بسبب تواجده في أميركا في هذا التاريخ في زيارة رسمية. وتعكس هذه التأويلات، بغض النظر عن صحتها من عدمه، حالة من القطيعة بين الحزب ورئيس حكومته، والتي يصفها بعضهم بالحرب الخفية بين الشاهد وعدد من قيادات الحزب البارزة، أهمهم نجل الرئيس والمدير التنفيذي للحزب، حافظ قائد السبسي، الذي نجح في إقصاء كل خصومه الذين اعترضوا مسيرته طيلة هذه السنوات الخمس، وهم مدير حملة السبسي الرئاسية ومدير الحزب، محسن مرزوق، الذي أسس حزب "مشروع تونس" بعدد من الندائيين الغاضبين، ومدير الديوان الرئاسي الثاني ومدير الحزب السابق، رضا بلحاج، الذي سيعلن عن حزب جديد أيضاً، ورئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، وكل البقية من نواب وقيادات تفرقت بين عدد من الأحزاب والكتل، مع ضرورة التنويه أن هذه الإقصاءات والاستقالات عكست في الغالب صراعاً حول السيطرة على الحزب، وكانت تستهدف أيضاً إبعاد السبسي الابن عن دائرة القرار الأول.

ولم يعد خفياً على أحد في تونس، الصراع بين السبسي الابن والشاهد، برغم سعي كثير من قيادات "النداء" إلى التقليل من حدة هذه الخلافات، التي خرجت إلى العلن بعيد التسريبات الصوتية التي أكد فيها السبسي الابن أن الشاهد لم يعد يستشير الحزب في قراراته، ما يعني أنه أصبح يعمل لحسابه الخاص، وبما يفيد أيضاً أنه يسلك نفس سلوك سلفه، الحبيب الصيد. وبمجرد هدوء تلك العاصفة، خرجت قيادات ندائية كبيرة، منها السبسي الابن وخالد شوكات، توجه تحذيرات للشاهد بخصوص التعديل الوزاري المقبل. وقال حافظ السبسي، على صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "العرف الديمقراطي يفرض أن تعكس تركيبة الحكومة نتيجة الانتخابات، وأن يكون لنداء تونس دور صلب في الحكومة، بقدر ثقة الناخبين الذين صوتوا له وحجمهم". واعتبر أن "أنجع طريقة للالتفاف على نتائج الانتخابات، وتعطيل أداء الحزب الأغلبي في إدارة الشأن العام، هي اعتماد بعضهم على استراتيجية الإيهام بتغول حركة نداء تونس ومحاولة سيطرتها على الحكومة... والدليل القاطع على ضعف حجة من يدعي ذلك هو النسبة الكبيرة من الفريق الاستشاري والحكومي لرئيس الحكومة من غير المنتمين لحزبنا، ما خلق نوعاً من الإحساس بالحرمان السياسي، حتى لدى بعض إطاراتنا. لكننا نحرص دائماً على إعطاء الحرية لرئيس الحكومة لاختيار فريق عمله وتوفير الظروف الملائمة لنجاح مهمته". ويشدد السبسي الابن على "الالتزام باختيارات الشعب التونسي، التي عبر عنها في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول العام 2014، وأعطت ثقتها لحركة نداء تونس كحزب أول فائز في الانتخابات، بما يقتضي احترام هذه الإرادة الشعبية واحترام العملية الديمقراطية وعدم القفز عليها تحت أي مسمى من المسميات".



لكن القيادي البارز خالد شوكات، يصرح بوضوح بما تهمس بعض القيادات في الحزب، إذ يؤكد على أنه "من مصلحة رئيس الحكومة الآن أن يكون على توافق وانسجام تام مع حزبه، الذي دعمه، ويواصل دعمه في حربه ضد الفساد، ويدعم مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة في البرلمان". ويضيف شوكات، في حوار مع إذاعة "شمس"، أن "أطرافاً في محيط رئيس الحكومة تعادي نداء تونس... وأن هناك مشاريع سياسية أخرى تتم باستعمال مرافق الدولة، وحزب نداء تونس لن يسمح أن يستمروا، ولن يخضع إلى أي من محاولات الابتزاز والخروج عن الخط الحكومي". ويشدد على أن حزب نداء تونس معطى سياسي أساسي، وبدونه لا تخدم حكومة ولا يقوم برلمان، وهو من سيخضع لتقييم التونسيين في الانتخابات المقبلة، وهو مسؤول عن تبعات ونتائج العمل الحكومي وسيتحمل وزرها أو ثمارها.

ويعكس حديث شوكات مخاوف من وجود انزياح بالحكومة للحساب الخاص، ما معناه أن الشاهد، وبعض المحيطين به من وزراء من خارج "النداء"، يفكرون في مشروع سياسي مختلف للعام 2019 بعيداً عن "النداء"، وهو ما تؤكده قيادات في الحزب تحدثت إلى "العربي الجديد"، بل تذهب أكثر من ذلك، وتؤكد أن الرئيس المؤسس نفسه، الباجي قائد السبسي، قد أحيط علماً بهذا الموضوع. وقالت مصادر حزبية، لـ"العربي الجديد"، إن الشاهد قد أنقذ نفسه بالحرب على الفساد التي رفّعت من شعبيته بشكل غير مسبوق، وأصبح من الصعب استبعاده في الوقت الحالي، كما ترغب في ذلك قيادات من "النداء"، إذ بدأت بالفعل تعمل على ذلك وتسوّق له، تماماً كما حدث مع الحبيب الصيد، لكن الشاهد نجح بامتياز في هذا الاختبار، مع أنه سيكون باستمرار تحت ضغط "النداء" الذي كثّف قصفه أخيراً. من ناحية أخرى، يشير شوكات، الذي يعتبر من أبرز المدافعين عن التوافق مع "النهضة"، في الحديث مع الإذاعة، إلى أن التحالف مع "النهضة" مستمر لغاية 2019 وأنه ينبغي تقييم مشاركة من سمّاها بالأحزاب الصغيرة في الحكومة، موجهاً انتقادات واضحة إلى وزيري "آفاق" و"الجمهوري" ومستشاري الشاهد، مؤكداً أن التعديل الوزاري ينبغي أن يكون واسعاً لا شكلياً، ملمحاً، بما لا يدعو للشك، إلى أن الشاهد سيكون موضع اختبار شديد في هذا التعديل، ما يعني أن العلاقات بينهما ليست في أفضل حالاتها.