قرار ترسيم حدود فلسطين البحرية: جدل بين المسؤولين والخبراء

قرار ترسيم حدود فلسطين البحرية: جدل بين المسؤولين والخبراء

06 يوليو 2017
القرار يُثير تساؤلات (محمود همس/ فرانس برس)
+ الخط -

أبدى عدد من المسؤولين والخبراء الفلسطينيين آراء متفاوتة إزاء قرار الحكومة الفلسطينية في جلستها التي عقدتها يوم أمس الثلاثاء، تشكيل فريق وطني للبدء بما سمته بـ"ترسيم الحدود البحرية لفلسطين"، وهو القرار الذي أثار تساؤلات لدى الفلسطينيين حول طبيعة هذه الخطوة وأبعادها.


وفي الوقت الذي أكد فيه خبير الاستيطان، خليل تفكجي، في حديث لـ"العربي الجديد"، عدم معرفته بطبيعة هذا القرار، وماذا يقصد منه، وكيف ستطبق الحكومة ترسيمها للحدود البحرية، قال القيادي في حركة فتح، حاتم عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إن "الأولوية التي يجب أن تقوم بها الحكومة هي كيفية الحفاظ على ما تبقى من الأرض في وجه عمليات النهب الاستيطاني الكولونيالي لها".

أما الخبير المختص في شؤون القدس والاستيطان، جمال عمرو، فاعتبر خلال حديث لـ"العربي الجديد"، القرار خطوة جيدة، في طريق الحفاظ على الحقوق المائية للشعب الفلسطيني في مياهه، حتى لو كان ذلك في حدود ما منحه اتفاق أوسلو من حقوق للفلسطينيين في هذا المجال.

وفي هذا الإطار، قال تفكجي: "لا أعرف بالضبط ماذا يقصدون من ترسيم الحدود البحرية لفلسطين. نحن لدينا منطقتا حدود بحرية فقط، الأولى على البحر الأبيض المتوسط، وعلى هذه المنطقة تسيطر حماس الآن على نطاق محدود. أما الثانية: فعلى البحر الميت، والسيطرة على هذا البحر ومياهه وشواطئه بيد إسرائيل. إذن كيف سيتم ترسيم حدودنا البحرية؟ إلا إذا كان يقصد بذلك قناة البحرين، والمقرر أن تربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وفي هذه الحالة ليس لنا سيطرة أو حضور".

أما عبد القادر، القيادي في حركة فتح، فعلق على القرار بقوله: "هذه ليست أولوية أمام الشعب الفلسطيني على أهميتها لاحقاً، في ظل التحديات الخطيرة جدا التي يواجهها شعبنا في هذه المرحلة. وكان الأولى بالحكومة أن تعمل على تحديد وترسيم حدودنا البرية والحفاظ على أرضنا التي تتآكل بفعل الاستيطان، بينما القدس تتهود كل يوم. ثم ما فائدة هذه الحدود إذا سربت الأرض؟ بينما نواجه وضعاً خطيراً وغير مسبوق، ونواجه حكومة عنصرية غير مسبوقة تعمل على تفكيك ميكانيكي لحل الدولتين".

وأضاف عبد القادر: "في رأيي ما تقرر هو قفزة في الهواء لا معنى لها حاليا، إذا علمنا أن البحر المتوسط الآن هو إقليم يخضع لحركة حماس، وبالتالي من العبث ترسيم الحدود هناك في ظل الواقع القائم، وهو ما يستدعي بالضرورة إنهاء الانقسام".

في المقابل، وصف جمال عمرو القرار بأنه خطوة جيدة، وقال: "القانون الدولي وضع حدودا بحرية للدول، وبالتالي لا يجوز تقسيم حقوقنا على الإطلاق. لكن الخلاف الوحيد بين شعبنا الفلسطيني في موضوع ترسيم الحدود البحرية، هل يتم الترسيم على حدود كامل فلسطين التاريخية؟ أم على حدود الـ20 ٪ التي منحنا إياها اتفاق أوسلو، الممتدة من أقصى شمال الضفة إلى أقصى جنوبها".

وأضاف: "وفقا لاتفاق أوسلو، فقد منحنا حدودا بحرية بطول 12 ميلاً بحرياً على طول شواطئ غزة غير قابلة للمساومة. في حين أن حدودنا البحرية لفلسطين التاريخية تصل إلى مشارف قبرص، حيث توجد في البحر المتوسط آبار نفط وغاز بكميات هائلة جداً، وهو ما تطمع به إسرائيل، وقد بدا ذلك في أطماعها في المياه الإقليمية اللبنانية، وسيطرتها على الغاز المصري".

وفي شرحه لإيجابية القرار بالترسيم، قال عمرو: "بموجب عملية الترسيم، إن تمت، فإننا كفلسطينيين نستطيع أن نمنح شركات عالمية حق استخراج الغاز الموجود بكميات كبيرة في بحر غزة، كما يمكن ذلك الصيادين الفلسطينيين من الدخول إلى المياه الإقليمية الفلسطينية بحرية، وهذا حقنا الشرعي، بالإضافة إلى الاستفادة من حقوقنا المائية من نهر الأردن، ومن كميات الملح الضخمة في البحر الميت".

وكان مجلس الوزراء الفلسطيني قد صادق في جلسته الأسبوعية أمس الثلاثاء، على تشكيل الفريق الوطني لترسيم حدود فلسطين البحرية، وذلك للتواصل مع الدول المجاورة، والتي تربط فلسطين بها حدود بحرية، استناداً إلى حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإلى عضوية فلسطين في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ووفقاً للأحكام والأعراف الدولية، وإلى الإعلان الذي قدمه الرئيس الفلسطيني إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 10 أغسطس/ آب 2015 حول تحديد الحدود البحرية لدولة فلسطين، استناداً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

ودعا مجلس الوزراء الفلسطيني كافة الدول والمؤسسات والشركات إلى عدم العمل، بشكل مباشر أو غير مباشر، داخل الحدود البحرية لدولة فلسطين بما فيها المنطقة الصناعية الخالصة (EEZ) لدولة فلسطين، من دون التنسيق والحصول على الموافقات القانونية اللازمة من المؤسسات الفلسطينية ذات الصلة، تحت طائلة المسؤولية القانونية، معتبراً مخالفة ذلك انتهاكاً لحقوق الشعب الفلسطيني، وسيادته الدائمة على موارده، وانتهاكاً للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016، والذي شدد على ضرورة تمييز الدول في معاملاتها بين إقليم إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، والأرض الفلسطينية المحتلة، وهذا ينطبق على المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الأبيض المتوسط والموارد فيها.