عقبات لوجستية بتبادل حزب الله والنصرة... ومعركة "داعش" تنتظر

عقبات لوجستية بتبادل حزب الله والنصرة... ومعركة "داعش" تنتظر

30 يوليو 2017
الأطراف المعنية تحاول تجاوز العراقيل اللوجستية (راتب الصفدي/ الأناضول)
+ الخط -
انطلقت اليوم الأحد أولى خطوات بنود التفاهم الذي رعاه المدير العام لجهاز الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، بين "حزب الله" و"جبهة فتح الشام" (النصرة)، مع بدء عملية تبادل التنظيمين لجثامين عناصرهما الذين سقطوا خلال المعارك التي دارت في الجرود المتداخلة بين لبنان وسورية، خلال الأعوام القليلة الماضية وحتى الأسبوع الماضي. ولأن قيمة الجثامين النفسية والدينية لا تقل أهمية عن الأسرى الأحياء بالنسبة للتنظيمين، ستكون استعادة كامل الجثامين، بعد الانتهاء من التدقيق بهوياتها، بداية التنفيذ الفعلي للصفقة التي تنص على انسحاب عناصر "فتح الشام" مع أسرهم من جرود بلدة عرسال إلى محافظة إدلب السورية، بالسلاح الخفيف فقط، ومعهم كل اللاجئين الذين يرغبون في مغادرة لبنان، وإعادة جثامين 9 مقاتلين لـ"فتح الشام"، وإطلاق سيدة سورية مُحتجزة في سجن رومية المركزي شمالي بيروت، مقابل إطلاق سراح 8 أسرى أحياء لـ"حزب الله" إضافةً إلى جثامين 5 من عناصره.


ونشر "فتح الشام" اليوم صورا لثلاثة من أسرى الحزب الذين ضلوا طريقهم قبل أيام، ووصلوا إلى مواقع "فتح الشام" المتبقية في جرد عرسال، وتم ضمهم إلى صفقة التبادل الكاملة التي كانت تشمل تسليم التنظيم 5 أسرى للحزب أُسروا على مراحل في الشمال السوري (أصبح مجموع أسرى الحزب 8 حاليا)، مقابل انتقال أمير "فتح الشام" في منطقة القلمون، أبو مالك التلي، ومعه عناصره وأسرهم ومن يرغب من اللاجئين المُقيمين في بلدة عرسال وفي جردها، إلى مدينة إدلب شمالي سورية.


وأدت إجراءات التأكد من هوية الجثامين التي مضى على مقتل بعضها عامين وكانت موضبة بطريقة بدائية ومحفوظة في مغاور باردة في الجرود أو في برادات الموتى في المستشفيات اللبنانية العائدة إلى "حزب الله"، إلى تأخير إنجاز عملية التبادل. فبسبب حالة التحلل التي عانت منها بعض جثامين مقاتلي "فتح الشام"، تم نقلها من موقع التبادل المُتفق عليه في مقر قيادة اللواء الثامن التابع للجيش اللبناني في بلدة اللبوة القريبة من عرسال إلى مستشفى قريب لحفظها في البرادات حتى يتم استكمال خطوات التأكد من هويات جثامين قتلى "حزب الله" التي سلمها تنظيم "جبهة فتح الشام" في جرود عرسال. وهناك، أعلن "جهاز الإعلام الحربي" التابع للحزب عن رفع نُصب لـ"شهداء جرود عرسال"، وهو عبارة عن مجسم إسمنتي يرتفع فوقه العلم اللبناني وعلم الحزب، في خطوةٍ تهدف إلى تثبيت المشهدية التي أراد "حزب الله" تقديمها حول المعارك، حين رفع مقاتلوه العلمين معاً بعد إزالة راية "فتح الشام" عن إحدى النقاط في جرود عرسال قبل إعلان وقف إطلاق النار.

كما أعلن الجهاز العثور على ملالة عسكرية أميركية الصنع تابعة للجيش اللبناني من نوع "M 113" صادرها عناصر "فتح الشام" من مواقع الجيش في بلدة عرسال خلال اجتياحهم البلدة عام 2014 مع مقاتلي تنظيم "داعش". ومن المُنتظر أن تُستكمل خطوات التبادل بدءاً من غد الإثنين لنقل حوالى 10 آلاف شخص (بينهم عدد قليل من مسلحي فتح الشام لا يتجاوز المئتين)، من بلدة عرسال وجرودها إلى مدينة إدلب في الشمال السوري.

وأوضح مصدر في "حزب الله"، تحدث مع "العربي الجديد"، أنه "تم الاتفاق على تأمين مسار يمر من قلب الأراضي السورية فقط، من دون مرور الحافلات ضمن الأراضي اللبنانية". ويأتي هذا التوضيح بعدما تحدثت مصادر إعلامية عن إمكانية نقل الجميع عبر طريق بعلبك-حمص نحو إدلب، وهو مسار يمر في بلدة اللبوة المؤيدة بمعظمها لـ"حزب الله"، وفي بلدات الفاكهة ورأس بعلبك والقاع. لكن في النهاية، اتُّفق على مسار ينطلق من جرود عرسال إلى جرد فليطة السورية في القلمون الغربي، ومنها إلى ريف حمص فريف حماة، قبل أن تصل الحافلات الكبيرة إلى إدلب.

ونفى المصدر في الحزب "كل ما قيل عن نقل أمير جبهة فتح الشام، أبو مالك التلي، جواً إلى تركيا عبر مطار بيروت الدولي أو نقل مقاتلي الحزب من إدلب إلى لبنان عبر الأجواء التركية". وسيتم تسليم أسير واحد لـ"حزب الله" مقابل عبور مجموعة حافلات إلى داخل إدلب، إلى أن يتم تسليم الأسير الخامس مع عبور آخر دفعة من الحافلات. ويتولى الصليب الأحمر اللبناني ترتيب الإجراءات اللوجستية كافة لإنجاز عملية النقل، مع مواصلة مندوبين من "هيئة تحرير الشام" تسجيل أسماء اللاجئين الذين يودون مغادرة عرسال. وهي خطوة تهدف لإفساح المجال أمام العدد الأكبر من اللاجئين لحزم أمرهم بالمغادرة أو البقاء، مع تأكيد مصادر إغاثية محلية في عرسال، تحدثت مع "العربي الجديد"، وجود نقاشات حادة داخل عدد كبير من الأسر السورية اللاجئة في عرسال ووجود انقسامات كبيرة في الآراء بين من يود البقاء ومن يود المغادرة.

"سرايا الشام" و"داعش" لاحقاً
ومع محاولة كل الأطراف المعنية تجاوز العراقيل اللوجستية وإنجاز الصفقة بشكل كامل وسريع، ينتظر حوالى 100 مقاتل من "سرايا أهل الشام" في منطقة وادي الحميد، عند أطراف بلدة عرسال، انتهاء تنفيذ الصفقة بين "حزب الله" و"فتح الشام" لإنجاز مفاوضات انتقالهم بشكل منفصل إلى الداخل السوري. وقد حرص عناصر "سرايا أهل الشام" على التمايز في القرار عن "فتح الشام" بعدما تجاورا في الجرود لسنوات، فانسحب مقاتلو "أهل الشام" من المعركة الأخيرة بين "الحزب" و"فتح الشام" منذ اليوم الأول ليتهمهم عناصر "فتح الشام" بـ"خذلان المجاهدين". ويشار إلى أن مقاتلي "السرايا" كانوا يخوضون مفاوضات مباشرة مع "حزب الله" لإعادة لاجئي مدن وبلدات منطقة القلمون السورية مقابل السماح لهم بتأدية دور الشرطة العسكرية في هذه المناطق. وبالفعل تم إنجاز انتقال عشرات العائلات إلى بلدة عسال الورد السورية قبل انطلاق المعركة في جرود عرسال بأيام.

كما تنتظر المعركة التي يُعد الجيش اللبناني لخوضها ضد "داعش" المُنتشر في جرود لبنانية وسورية متداخلة شمالي بلدة عرسال، انتهاء ملف جرود عرسال بالكامل. وقد استكمل الجيش نشر وحدات من فوج "المغاوير"، أحد "أفواج النخبة"، وأفواج التدخل عند أطراف بلدات الفاكهة ورأس بعلبك والقاع، مع استهداف مواقع "داعش" في جرود هذه البلدات بالقصف المدفعي خلال الأيام القليلة الماضية. ولا يزال مصير 9 عسكريين خطفهم "داعش" خلال اجتياح عرسال عام 2014 مجهولاً.