الجزائر... بينغ بونغ

الجزائر... بينغ بونغ

25 يوليو 2017
تعمل السلطة على التحضير لرئاسيات 2019 (Getty)
+ الخط -

أمران لا تغفرهما السلطة في الجزائر: رفع السلاح في وجه الدولة، وأن يحاول طرف ما مشاركتها شرعية الحكم. غير أنها تغفر ما دون ذلك كثيراً، تحديداً في الصراع الدائر في الفترة الأخيرة بين لوبي الحكم والكارتل المالي في الجزائر.

في اللحظة التي كان الكارتل يغمس في صحن العسل ويستولي على العقارات والأراضي الزراعية والمصانع ويطوّع القوانين لصالحه، صياغة وتعديلاً عبر البرلمان، لم يكن للسلطة به من مشكلة، لكن في اللحظة التي أراد فيها الكارتل أن يصبح شريكاً في صناعة القرار، وطرفاً في صياغة مستقبل مؤسسات الدولة العليا، ورسم مخرجات الاستحقاق الرئاسي المقبل، لبست الحكومة ثوب الدولة الحازم، ورفعت عصا القانون، وتكاثرت القرارات في حق رجال الأعمال المتمردين على سلطة الدولة، وفتحت باب الإعذار والإنذار والقضاء والمحاسبة في حقهم.

لم يحدث خلال 60 سنة من وجود الدولة الحديثة في الجزائر، بما فيها فترة الأزمة الأمنية في التسعينات والتي كانت تتهدد وجود كيان الدولة بالكامل وتعلن فيها الجماعات المسلحة نفسها بديلاً للدولة، لم يحدث أن وجدت المؤسسة السياسية الرسمية نفسها مضطرة، للتذكير في بيانات رسمية بكونها المصدر الوحيد للشرعية، وأن مؤسسة الرئاسة هي التي تمثل هذه الشرعية. لا يحدث هذا إلا في دولة تعيش حالة حرب طاحنة أو حالة صراع على السلطة، حتى الفترة الأخيرة حين شعرت المؤسسة السياسية، أن كيانات دخيلة على دائرة صناعة القرار، بدأت تفكك شفرة الحكم وتشكك في السلطة وبصدد أن تمسك بقبضتها على مسارات الحكومة وخياراتها الاقتصادية.

كان جهاز الاستخبارات في الجزائر قبل 13 سبتمبر/أيلول 2015، يمثل وحده كيان الدولة العميقة التي تتحكم خلف الستار وتتدبر في الخفاء والغرف المظلمة المخرجات السياسية والاقتصادية، وتوفر مناخات تنفيذ التحولات الحاسمة في البلاد. وبعد تفكيك الجهاز انتقل دور الدولة العميقة المؤثرة في المسارات والخيارات إلى الكارتل المالي، وبرز دوره في المشهد بشكل فاضح، وتمدّد نفوذه السياسي إلى حد اقتراح تعيين الوزراء والسفراء والمحافظين. بات الكارتل أقرب إلى الشراكة في صناعة القرار، منه إلى مجرد تكتل لرجال الأعمال. عند حدود ذلك كان على السلطة أن تضع نقطة لتعود إلى السطر، ليس لتصحيح الوضع غير السليم الذي انتهت إليه البلاد بسبب الفساد السياسي، فالسلطة أبعد ما تكون عن أهلية الإصلاح ولا تستطيع معالجته، بل لتنفرد بترتيبات رئاسيات 2019 ليس إلا.

دلالات

المساهمون