سورية: الغوطة الشرقية تنضم لمناطق خفض التصعيد

سورية: الغوطة الشرقية تنضم لمناطق خفض التصعيد

23 يوليو 2017
بدأ تطبيق اتفاق الغوطة أمس (عبد المنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -

خطت روسيا خطوة واسعة باتجاه تعميق وجودها، وتأكيد سطوتها في سورية، إثر إعلانها التوصل لاتفاق جديد يشمل الغوطة الشرقية، أهم معاقل المعارضة في محيط العاصمة دمشق، لوضع حد لصراع دام بين المعارضة والنظام على مدى سنوات، لم يستطع الأخير حسمه على الرغم من ارتكابه عشرات المجازر بحق المدنيين. وأكدت فصائل المعارضة في الغوطة ترحيبها بأي جهد يوقف هجمات قوات النظام على المدنيين، متوقعة ألا يلتزم النظام وإيران بالاتفاق، في وقت لا يزال الاتفاق مبهماً، تحديداً لجهة شموله كامل الغوطة، وحي جوبر المتاخم لها.

في هذا السياق، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف، أمس السبت، أنه "تمّ إبرام اتفاق تنظيم منطقة (خفض التصعيد) في الغوطة الشرقية، شرقي العاصمة دمشق"، مشيراً في تصريحات صحافية إلى أنه "تمّ التوقيع على الاتفاق في العاصمة المصرية القاهرة". ولفت إلى أن "الاتفاق سيكون كفيلاً برسم حدود المنطقة وصلاحيات قوى السيطرة"، مؤكداً أن "الاتفاق يستثني جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً)". وأضاف أنه "سيتم تسيير أول قافلة إنسانية إلى الغوطة الشرقية، وإجلاء أول دفعة من المصابين والجرحى فوراً".

وأوضح كوناشينكوف أنه "تم تحديد مواقع انتشار قوات الفصل والرقابة، وتم تحديد صلاحياتها، وتم رسم خطوط إيصال المساعدات الإنسانية، وممرات عبور المدنيين"، من دون الخوض في تفاصيل تتعلق بماهية هذه القوات. ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر في وزارة الدفاع الروسية، تأكيدها أن "اتفاق الغوطة الشرقية جاء نتاجاً للمفاوضات التي أجريت في القاهرة أخيراً بين ممثلين عن وزارة الدفاع الروسية والمعارضة السورية المعتدلة".

من جهتها، أعلنت القاعدة الروسية في مطار حميميم العسكري في الساحل السوري، أنه "ستكون جميع مناطق الغوطة الشرقية مشمولة في الاتفاق المبرم مع استثناء تنظيم جبهة النصرة"، مشيرة على صفحتها على موقع التواصل "فيسبوك" إلى أن "لدى التنظيم المتشدد فرصة لتقرير المصير ضمن فترة زمنية قصيرة". وجاء الاتفاق بعد أيام من اتفاق شمل درعا والسويداء والقنيطرة في الجنوب السوري، أعلن عنه بعد اجتماع عُقد في مدينة هامبورغ الألمانية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة "مجموعة العشرين". وفي هذا الصدد، أعلنت قوات النظام بدء "تطبيق وقف الأعمال القتالية" في مناطق من الغوطة الشرقية في ريف دمشق، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "سانا".



وجاء اتفاق الجنوب نتيجة اجتماعات مكثفة عقدها خبراء روس وأميركيون وأردنيون في عمّان، لم تكن إسرائيل بعيدة عنها، لإرساء ترتيبات أمنية تجنب جنوب سورية فوضى ربما تؤدي إلى خلط الأوراق، وهو ما يشكل مساساً بأمن الأردن وإسرائيل. وطالبت المعارضة السورية في حينه أن يشمل الغوطة الشرقية، واعتبارها جزءاً منه يعيد الاستقرار ويسمح بوصول المساعدات الإنسانية للمحاصرين من قبل قوات النظام. وتعد الغوطة الشرقية أبرز معاقل المعارضة السورية المسلحة في محيط العاصمة السورية دمشق منذ أواخر عام 2012، وتتعرض منذ ذاك الوقت الى حصار محكم، وقصف مستمر، ما أدى الى مقتل آلاف المدنيين، وخلق مأساة إنسانية طاولت أكثر من نصف مليون مدني محاصر في مدن وبلدات الغوطة الشرقية. وارتكب النظام في منتصف عام 2013 مجزرة مروعة بالسلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية، أدت إلى مقتل آلاف المدنيين.

ويعد "جيش الإسلام"، و"فيلق الرحمن"، من أبرز الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية، ويسيطر الأول على مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة، إضافة إلى مسرابا، والشفونية، وقسم من مرج السلطان، فيما يسيطر الثاني على عربين، وبيت سوى، وزملكا، وعين ترما، والاشعري. أما "حركة أحرار الشام" فتحتفظ بوجود لها في مدينة حرستا، وفق مصادر محلية أوضحت لـ "العربي الجديد" أنه "لم يعد لجبهة فتح الشام أي تأثير في الغوطة إثر الحملة التي قام بها جيش الإسلام أخيراً، وشتت شمال الجبهة في الغوطة". وأضافت بأنه "لم يبق من الجبهة إلا بضع مئات من العناصر الذين لا تأثير لهم، ومن ثم فلا حجة للنظام، وحلفائه في استهداف الغوطة أو شمول الاتفاق كامل مدنها وبلداتها".

من جانبه، قال المتحدث باسم "فيلق الرحمن"، وائل علون، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إعلان الروس توسيع اتفاق خفض التصعيد ليشمل الغوطة الشرقية، يأتي نتاج حركة الاتصالات الدائرة حالياً بين روسيا والولايات المتحدة والأردن"، مضيفاً بأن "الأمر هو امتداد لاتفاق وقف إطلاق النار في جنوب غربي سورية، والذي أعلن عنه أخيراً".



وأثنى علوان على موقف فصائل "الجبهة الجنوبية" العاملة في حوران، والتي "ضغطت خلال الأيام الماضية ليشمل اتفاق وقف إطلاق النار المعمول به في جنوب سورية، منطقة الغوطة الشرقية، والتي تتعرّض لمحاولات متكررة من قوات الأسد ومليشيات لاجتياحها".

وأوضح أن "فيلق الرحمن لم يتواصل مع أحد في خصوص ذلك. ولم نوقع أو نشارك في أي اتفاق"، مستدركاً بالقول: "نرحب بأي جهد إقليمي أو دولي يوقف الهجمات العنيفة المتواصلة لأكثر من شهر من قوات الأسد على الغوطة الشرقية، والتي استخدم فيها الغازات السامة، والغارات الجوية، وراح ضحيتها عشرات المدنيين". وتوقع علوان "أن يلتزم نظام الأسد وإيران بالاتفاق الجديد"، مشيراً إلى أنه "سبق أن أعلنت اتفاقات دولية عدة سابقة شملت الغوطة، ولم تلتزم بها قوات الأسد ومليشيات إيران".

من جهته، أكد المجلس العسكري لمدينة دمشق وريفها، أنه "لم يوقع أو يشارك في أي اتفاق حول خفض التصعيد في الغوطة الشرقية"، إلا أنه أشار في بيان "ترحيبه بأي جهود دولية أو إقليمية توقف العملية العسكرية المتواصلة التي يشنها النظام وحلفاؤه منذ 33 يوماً على الغوطة". واعتبر المجلس أن "الاتفاق هو من طرف واحد"، متوقعاً "عدم التزام النظام وحلفائه به"، مشيراً إلى أن "فصائل الجبهة الجنوبية ضغطت ليشمل اتفاق الجنوب منطقة الغوطة الشرقية".

وقال قيادي في المجلس العسكري في الغوطة الشرقية لـ "العربي الجديد"، إن "المعارضة السورية المسلحة، حريصة على المحافظة على مواقعها، ومكتسباتها في الغوطة قبل تطبيق الاتفاق"، مشيراً إلى أن "قوات النظام تحشد باتجاه حي جوبر في وقت لم يهدأ القصف الجوي والمدفعي على مدن وبلدات الغوطة رغم الإعلان عن الاتفاق من الجانب الروسي".

في هذا الإطار، أعلنت فصائل تابعة للمعارضة السورية في الجنوب السوري، أمس السبت، عن "اندماجها الكامل في جسم عسكري وسياسي واحد يحمل اسم (الجبهة الوطنية لتحرير سورية)"، مشيرة في بيان إلى أن "هذه الخطوة تأتي بهدف العمل على إعادة الثورة السورية للاتجاه الصحيح الذي خرجت من أجله، والخلاص من نظام الظلم والقهر والاستبداد".

ويضمّ التشكيل الجديد كلاً من: "جبهة أنصار الإسلام، ولواء الشهيد مجد الخطيب، ولواء صقور بيت سحم، وكتيبة جند العاصمة، وفرقة التوحيد، والفرقة 16 قوات خاصة، ولواء صقور الجولان، ولواء صقور البادية، ولواء شهداء السبطين، وفرقة صلاح الدين، ولواء توحيد كتائب حوران".