الأردن: ملاحظات بشأن تصاعد احتجاجات قبيلة الحويطات

الأردن: ملاحظات بشأن تصاعد احتجاجات قبيلة الحويطات

23 يوليو 2017
تصعّد القبيلة من احتجاجاتها بشكل تدريجي (العربي الجديد)
+ الخط -
في 24 مارس/آذار 2011، يوم بلغت الاحتجاجات الأردنية المتأثرة بموجة الانتفاضات العربية ذروتها، فُتحت العاصمة الأردنية عمّان بمباركة وتوجيه رسمي، أمام حشود قبيلة الحويطات، التي حضرت من الجنوب لمناهضة اعتصام يطالب بإصلاح النظام. لكن العاصمة أغلقت يوم الأربعاء الماضي، بوجه حشود القبيلة نفسها التي قصدتها للمطالبة "بدفع الظلم الواقع على القبيلة".

مقارنة وثقتها صفحة قبيلة الحويطات على موقع فيسبوك، مرفقة بفيديو يعبر عن غضبهم. ووسط سيل من تعليقات التضامن مع القبيلة والجندي معارك أبو تايه، الذين دانته في 17 يوليو/تموز، محكمة عسكرية بتهمة القتل المتعمد لثلاثة جنود أميركيين في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أمام قاعدة الملك فيصل بن عبد العزيز الجوية، الواقعة في الجفر (230 كيلومتراً جنوب عمّان)، وجدت تعليقات تعتذر عن دور العشائر في مناهضة الاحتجاجات الإصلاحية آنذاك وترهيب المشاركين فيها.

أدت العشائر الأردنية دوراً رئيسياً في تأسيس الدولة الحديثة، وتثبيت الحكم الهاشمي، وواصلت الدفاع عن نظام الحكم في مختلف المنعطفات التاريخية التي هددت وجوده، وهو دور واصلته رغم حديث أبنائها المستمر عن الإقصاء والتهميش الواقع على العشائر عموماً، وعشائر الجنوب خصوصاً، حيث يقيمون في مناطق تركز الثروات الأردنية، من دون أن تنعكس تلك الثروات على واقعهم التنموي.

ويشعر أفراد من العشيرة بالخذلان بعد أن شاركت أعداد منهم في مناهضة الاحتجاجات التي انطفأت مطلع عام 2013. يقول أحدهم "إحنا يومها طلعنا ندافع عن البلد، وعن الملك (عبد الله الثاني)، مطالبات الإصلاح التي انطلقت في الدول العربية شفنا كيف تحولت لإسقاط وفوضى".

المسيرة التي أغلقت أمامها أبواب عمّان، أعقبت اجتماعاً عقدته القبيلة، لبحث سبل الدفاع عن ابنها الجندي برتبة رقيب أول معارك أبو تايه، الذين دانته محكمة عسكرية بتهمة القتل المتعمد لثلاثة جنود أميركيين أمام قاعدة الملك فيصل بن عبد العزيز الجوية، الواقعة في الجفر (230 كيلومتراً جنوب عمّان)، وتبعد بوابتها الرئيسية أقل من 5 كيلومترات عن مضارب القبيلة، ومنزل الجندي معارك، حيث تستمر الاحتجاجات الغاضبة على الحكم الذي يصفونه بـ"السياسي".

وأجج الإغلاق غضب القبيلة ووسّع قاعدة التضامن العشائري مع قضيتها، فتقاطرت العشائر الأردنية من مختلف مناطق المملكة، الجمعة الماضية، إلى الجفر للمشاركة في الاجتماع الثاني الذي دعت إليه القبيلة، ويصفه مراقبون بـ"حدث كبير" لناحية المشاركين الذين زاد عددهم عن سبعة آلاف شخص، وتمثيلهم لجميع العشائر الأردنية تقريباً، والانضباط والترتيب، والتطور في لغة الخطاب، وقبل ذلك حرق العلم الأميركي والتعبير عن عداء غير مسبوق للوجود الأميركي في الأردن.

وانتهى الاجتماع الثاني بالتأكيد على المطلب الرئيسي للاجتماع الأول، وهو "الإفراج عن معارك أبو تايه، وإعادة محاكمته بتوفر شروط وضمانات المحاكمة العادلة". كما جرى التوافق على عدم العودة إلى عمّان لعرض قضيتهم. وفي السياق، يقول لافي أبو تايه، في حديث مع "العربي الجديد" من يريد الحديث معنا عليه أن يأتي إلى الجفر، لن نذهب من جديد إلى عمّان التي أغلقوها أمامنا".

ويضيف "في حال لم يأتوا إلينا سيكون هناك تصعيد نعلن عنه في وقتها، مشيراً أن من بين الخطوات المقترحة عقد سلسلة من الاجتماعات في مضارب العشائر الأردنية من الشمال إلى الجنوب حول قضية معارك أبو تايه، وواقع ما تعانيه العشائر الأردنية من تهميش.

ومنذ الحكم على الجندي، الذي يؤكد شقيقه غازي وعموم القبيلة أنه "دافع عن عقيدة الجيش"، تأخذ الاحتجاجات منحى تصاعدياً وتتوسع إلى أبعد من مجرد الدفاع عن معارك، إذ يقول شقيقه غازي "نحن بدفاعنا عن معارك ندافع عن الجيش وعن القبيلة وعن كل العشائر الأردنية".

وأبعد من ذلك، يحيي أبناء القبيلة، خلال دفاعهم عن معارك أو تايه، شعارات الاحتجاجات الإصلاحية الأردنية التي توقفت مطلع عام 2013، والتي ناهض الكثير منهم المنخرطين فيها.

في الجفر، التي يتوزع سكانها البالغ عددهم نحو 15 آلفاً، بين العمل في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، والوظائف الحكومية أو الزراعة والرعي، وتوثق جمعية جوهرة الجفر (جمعية أهلية) نسبة فقر فيها تبلغ 70 في المائة، لا يتوقف الحديث عن الفساد والمفسدين، وغياب التنمية، والتهميش والإقصاء، ومن يتهمون بنهب ثروات البلد.

وتتركز غالبية ثروات البلد الطبيعية كالفوسفات والبوتاس، والسليكا، والنحاس، في جنوب الأردن، في وقت تقع فيه غالبية التجمعات السكانية ضمن جيوب الفقر، وتغيب التنمية عن مدنه وباديته، وهو ما تطالب عشائر الجنوب اليوم بإعادة النظر فيه.

واقع حرك عضو مجلس النواب الأردني عن بدو الجنوب، شاهه أبو شوشة، لوصف الجنوب/ الصحراء بـ"وطن المظلومين"، الذين يجلسون تحت لهيب الشمس بعيداً عن التنمية وفرص العمل رغم قربهم من الثروة.

يسعى لافي أبو تايه لدحض صورة نمطية ارتبطت بالبدو والحويطات، يقول "أحنا مضروبين بحجر كبير، الناس مفكرينا أثرياء، يمكن اسم القبيلة ودورها في استقلال الأردن أعطتنا ميزة، خلت الناس تأخذ هذا الانطباع، يمكن ملامحنا وملابسنا البدوية القريبة من الملامح والملابس السعودية، خلتهم يفكروا إنا مبسوطين"، ولا يخجل من القول "في ناس منا ساكنة بزرائب المواشي من الفقر"، واقع يرفض لافي أبو تايه، كما أبناء القبيلة وغيرها من القبائل والعشائر الأردنية استمراره، في معرض دفاعهم عن رفض استمرار "الظلم الواقع على معارك"، كما يؤكدون. 

   

 

دلالات