ستة أشهر على رئاسة ترامب: رقم قياسي بالعزلة والهبوط

6 أشهر على رئاسة ترامب: رقم قياسي في العزلة والهبوط

20 يوليو 2017
شعبية ترامب في تدني غير مسبوق (شين غالوب/ Getty)
+ الخط -
مضى اليوم الخميس نصف سنة من ولاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ميزتها حصيلة مقلقة وفريدة بفقر نوعيتها. وحسب المؤرخين، لا يجاري الرئيس الأميركي أحد ممن سبقوه في المنصب خلال العقود الثمانية الماضية، بحجم أعطاب رئاسته.

وانتقل ترامب بسرعة من مرشح متفوق إلى رئيس محاط بالعزلة والشكوك والانكشافات المحرجة التي لا تتوقف حلقاتها. فممارساته الفردية الغريبة في خروجها على الثوابت والمألوف، مثل تعويله على نشر تغريدات على موقع "تويتر"، زادت من تآكل صورته ورصيده الذي ضرب الرقم القياسي في الهبوط: حوالي 36 بالمائة.

أما وعوده الانتخابية، التي تعهد بتنفيذ بعض بنودها الرئيسية في اليوم أو الأسبوع الأول من رئاسته، فما زالت حبراً على ورق، والكونغرس المتمرد عليه، يرفض تمريرها. لا حظوة له حتى عند أغلبيته من الجمهوريين المحسوب على خندقهم. وحتى إدارته منقسمة على نفسها، والعلاقة بينه وبين أركانها مهتزة. وحده وزير الدفاع، جيمس ماتيس، تمكّن من تحييد نفسه.

بعض الخلافات طفت على السطح، ومنها مع من يفترض أنهم في خانة أقرب المقربين إليه، مثل وزير العدل جيف سيشينز؛ الذي أعرب الرئيس أمس ما يشبه الندم على اختياره لهذا المنصب. وبذلك، تقلّص فريق الرئيس وبات يقتصر على محيط ضيق من أفراد عائلته وقلة قليلة من معاونيه الذين يثق بهم حتى الآن، مثل مستشاريه ستيف بانون وستيفن ميللر اللذين يتقنان ممارسة فنون اللعبة السياسية ولكن ليس رسم السياسات والاسترتيجيات الملائمة لقوة عظمى. بنتيجة ذلك حصل خلل في صياغة القرار، التي تتم عادة بالتشاور الموسع ضمن الإدارة وبالتفاهم ولو بحد أدنى مع الفريق الآخر في المشهد السياسي. فكان أن التفرد أدى إلى التخبط والشطط، خاصة في السياسة الخارجية وبما أثار الكثير من الصدمات والمخاوف.

كل ذلك ربما كان من الممكن ضبطه وتقليل خسائره، لولا تفاعلات قضية التدخل الروسي في الانتخابات والتحقيقات الجارية بشأنها. فهذا الملف صار محور الدورة السياسية في واشنطن، يؤثر في كل قرار وموقف وتكتيك ويقف وراء كل مناورات البيت الأبيض الذي لا يكف عن محاولات طمسه أو إزاحته من وسط دائرة الضوء. لكن من غير جدوى.

فما أن تتكشف منه حلقة مثيره حتى تتلوها أخرى أكثر إثارة وبما يعزز الشبهات بوجود علاقة ما بين حملة ترامب الانتخابية وعملية القرصنة الروسية. والمسلسل مفتوح على المزيد من ذات البضاعة التي شملت مؤخراً ابن الرئيس دونالد وصهره، جاريد كوشنر، حيث تكشف المزيد من المحجوب حول لقاءاتهما قبل سنة مع الروس والتي لم يذكرها كوشنر في إفادته الأمنية وبما يشكل مخالفة قانونية صريحة. وقد جرى استدعاؤه مع نجل الرئيس للمثول في الأسبوع القادم أمام إحدى لجان الكونغرس ولأول مرة، للتحقيق معه واستيضاحه حول اللقاء.

كما تكشف أمر اجتماع الرئيس ترامب مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، خلال قمة مجموعة العشرين بهامبورغ بألمانيا، وبما صبّ الزيت على نار الاشتباه بعلاقة ترامب مع بوتين.

استمرار حضور هذا الكابوس وبصورة طاغية على المشهد السياسي والإعلامي اليومي في واشنطن، رفع من منسوب التوتر والتخبط في آن، خاصة في صفوف الجمهوريين في الكونغرس، الذين لا تخلو ردودهم من تعبيرات التأفف والضيق من نهج البيت الأبيض في التعامل مع هذا الملف والذي عزز الاعتقاد المتزايد بأن تراكم الدخان لا بدّ وراءه نار.

والمؤرق بالنسبة للمتخوفين أن الرئيس مصرّ على السباحة ضد التيار، في وقت تزحف فيه التحقيقات خاصة تلك التي يقوم بها المحقق الخاص روبرت موللر، باتجاه نبش حقائق هذه القضية مع كل ما قد يترتب على ذلك من عواقب.

وتلويح الرئيس، أمس في مقابلته مع "نيويورك تايمز"، باحتمال إقدامه على إقالة موللر، يشي بتخوفه من النتائج وبما حمله على توجيه ما يشبه التحذير المبطن للمحقق "من ألا يتجاوز الخطوط الحمراء". لكن ثمة من يحذر الرئيس غير مباشرة من مغبة أخذ مثل هذه الخطوة التي قد تحرك الكونغرس باتجاه الحسم ضده.


المساهمون