13 جزيرة نيلية مهددة بمصير الوراق

13 جزيرة نيلية مهددة بمصير الوراق... والجيش يدخل على خط الاستثمار

20 يوليو 2017
داخل جزيرة الدهب المصرية (Getty)
+ الخط -
يؤكد مصدر حكومي مصري على صلة بملف استغلال الجزر النيلية أن الخطة الحكومية لإعادة استغلال الجزر التي كانت تعتبر منذ عام 1998 محميات طبيعية في أنشطة الاستثمار العقاري هي "خطة نهائية ولا رجعة فيها، ويتبقى فقط اختيار أفضل العروض المصرية والخليجية لاستغلالها"، مشيراً إلى أن الخطة تتضمن تعويض الأهالي المقيمين على أراضي الجزر التي سيتم استغلالها بمساكن جديدة ستقيمها الدولة بالمداخيل الأولية التي ستجنيها من عملية الاستثمار العقاري.

ويوضح المصدر، الذي يعمل في وزارة البيئة لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء شريف إسماعيل شكل مجموعة أزمة من ممثلين للجيش ووزارات الإسكان والبيئة والزراعة والري لبحث الطبيعة الجغرافية والمرفقية لـ14 جزيرة نيلية تابعة لمحافظتي القاهرة والجيزة هي: الوراق، القرصاية، الدهب، أم دينار، الشوبك البحري، وردان الكبرى، وردان الصغرى، القيراطيين، أبو غالب، أبو عوض، كفر الرفاعي، الديسمي، والكريمات.


وكان مسؤولون في وزارة الزراعة قد كشفوا أمس الأول في تصريحات لصحف مصرية عن صدور قرار من رئيس الوزراء بإخراج 17 جزيرة، من بينها الـ14 جزيرة المذكورة سلفاً والتي من بينها الوراق، من قائمة المحميات الطبيعية الصادرة بقرار رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري رقم 1969 لسنة 1998 تمهيداً للتصرف فيها، وبحجة أنها لم تعد صالحة كمحميات طبيعية بعد انتشار الأبنية الخرسانية عليها، وذلك تأكيداً لما انفرد به "العربي الجديد" في التقرير الموسع الذي نشره في 13 يونيو/ حزيران الماضي عن اتجاه الحكومة لتغيير معالم هذه الجزر وتخفيف القيود الإنشائية بها وإخلاء أهاليها لتسويقها بين المستثمرين من الإمارات والسعودية، وهو ما تحقق عملياً بمحاولة إخلاء جزء من جزيرة الوراق الأحد الماضي.

ويقول المصدر الحكومي إنه تم استبعاد 3 جزر فقط هي الرقة وحلوان البلد والعياط نتيجة عدم صلاحيتها للاستغلال الاستثماري، مشيراً إلى أنه من المحتمل أن يتم استبعاد جزر أخرى وفق تقارير اللجنة المذكورة، لكن الجزر الثلاث الأبرز وهي الوراق والقرصاية والدهب التابعة جميعاً لمحافظة الجيزة "فليس هناك شك في قرب تسويقها في أكثر من 6 مشروعات استثمارية".

وبحسب المصدر نفسه فإن فكرة إنشاء "مانهاتن مصرية" في عرض النيل تسيطر على الدائرة المحيطة بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لكن التسويق لن يتم بالطريقة التي كانت مقررة في عهد حكومة رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، من خلال إسناد جزيرة بالكامل إلى مستثمر واحد، بل هناك أفكار لتسويق كل جزيرة لأكثر من مستمر لتعظيم الدخل.

ووفقاً لحديث المصدر فإن الفترة المقبلة ستشهد "انهياراً متعمداً في المرافق المتردية أصلاً بهذه الجزر، لإجبار الأهالي على قبول تسكينهم في مناطق مختلفة، لا سيما أن جميع الجزر الـ14 التي يتم بحث طرق استغلالها تعاني من مشاكل مرفقية جمة، إلى حد انعزال بعضها عن محيطه الجغرافي، ولجوء أهالي بعضها إلى مناطق أخرى لإحضار المياه الصالحة للشرب وأنابيب البوتاغاز ووسائل التدفئة".

وفي سياق قريب يكشف مصدر في مجلس الوزراء مفاجأة مفادها بأن وزارة الدفاع قامت في عام 2010 بتسجيل مساحات شاسعة من أراضي هذه الجزر في الشهر العقاري كأراض تحت سيطرة الجيش باعتبارها "مناطق عسكرية ذات أهمية استراتيجية" بحجة تطبيق قرار رئيس الجمهورية 152 لسنة 2001، بشأن تحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، وذلك على الرغم من أن هذا القرار كان مقتصراً على الأراضي الصحراوية فقط، بحسب ما نصت مادته الأولى.

ويوضح المصدر أن الجيش لم يكن قد وضع يده بشكل فعلي على هذه الجزر، لكنه استغل أن الأهالي والمقيمين فيها بوضع اليد ليست معهم مستندات تثبت ملكيتهم لها، لأنهم يسكنونها جميعاً بحق الانتفاع أو بالإيجار من الدولة، وكان الجيش في تلك الفترة راغباً في وضع يده على تلك المناطق لاستغلالها اقتصادياً لمصلحته، وقطع الطريق على رجال الأعمال المقربين من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك والذين كانوا يرغبون في استغلالها لمصلحتهم مع شركاء خليجيين.

ويؤكد المصدر أن الوضع الحالي أصبح مغايراً، فالجيش بات بإمكانه، وفق قانون أصدره السيسي منذ عامين، أن ينشئ شركات مساهمة للأنشطة الاستثمارية بالمشاركة مع مستثمرين محليين أو أجانب، وبالتالي فإن العقبة السياسية والقانونية التي كانت قائمة في عهد مبارك قد زالت، مما يفتح الطريق لاحتمال تكوين شركات عملاقة للتسويق العقاري بين جهاز الخدمة الوطنية التابع لوزير الدفاع وبين المستثمرين، كما يحدث حالياً في مشروعات الاستثمار العقاري المزمع إقامتها بالعاصمة الإدارية الجديدة وبهضبة الجلالة.

واتساقاً مع حديث مصدر وزارة البيئة؛ يقول مصدر مجلس الوزراء إن الفترة القادمة ستشهد ترويجاً إعلامياً لفكرة تسكين أهالي هذه القرى في مناطق جديدة على غرار حي الأسمرات الذي افتتحه السيسي العام الماضي ونفذته الهيئة الهندسية للجيش.

وسبق أن ذكر مصدر بوزارة الري لـ"العربي الجديد" أن المحليات في الجيزة والقاهرة تعمدت تخفيف قيود البناء واستغلال المرافق على أهالي الجزر المذكورة خلال العامين الماضيين، مما أدى إلى زيادة نسبة المخالفات بمختلف أنواعها، خصوصاً البناء على الأرض الزراعية وتجاوز الحد الأقصى للارتفاعات واشتراطات البناء، وهو ما ستأخذه الدولة حجة لتنفيذ خطتها بإخلاء الأراضي كجزء من حملة السيسي لاسترداد أراضي الدولة والتصدي لمخالفات المحليات.

وشهد العقد السابق لثورة 25 يناير 2011 محاولات حكومية حثيثة للتنصل من التزاماتها المرفقية التي بدأت بين عامي 1979 و1983 إزاء قاطني تلك الجزر لإجبارهم على تركها، في ظل رغبة بعض المستثمرين المصريين والعرب بالاستيلاء عليها وإنشاء مشاريع سياحية. وبلغت هذه المحاولات ذروتها عام 2007 حين تداول مجلس الوزراء برئاسة أحمد نظيف مشروعين واضحين أحدهما لإخلاء 25 في المائة من أراضي جزيرة الدهب وتحويلها لمنتجع سياحي، والثاني بإخلاء أرض جزيرة القرصاية بالكامل وتخصيصها لمشروع سياحي اقترحه أمير سعودي، وحاولت محافظة الجيزة تنفيذه إلّا أن السكان حصلوا على حكمين من مجلس الدولة ببطلان طردهم من الجزيرة.


دلالات