الانقسام حول اللاجئين يشغل اللبنانيين عن 22 ضريبة

الانقسام حول اللاجئين يشغل اللبنانيين عن قضية إقرار مجلس النواب 22 ضريبة

17 يوليو 2017
مجلس النواب في جلسة تشريعية غداً الثلاثاء (Getty)
+ الخط -
انقسم الرأي العام اللبناني بين مؤيد للجيش اللبناني ومؤيد للاجئين السوريين على خلفية مقتل لاجئين موقوفين تحت التعذيب، وذلك بالتزامن مع انعقاد مجلس النواب لإقرار 22 ضريبة جديدة بهدف تمويل سلسلة الرتب والرواتب المُعدلة لموظفي القطاع العام. 

ويلتئم مجلس النواب اللبناني، غداً الثلاثاء، في جلسة تشريعية، أبرز بنودها إقرار سلسلة الرتب والرواتب المُعدلة لموظفي القطاع العام (مدنيون وعسكريون) البالغة كلفتها حوالى مليار دولار أميركي، ومعها وجبة ضرائب جديدة تطاول الحياة اليومية للمواطنين. 

ومن المتوقع أن يغيب المشهد الاحتجاجي، الخجول أساساً، الذي واكب محاولة إقرار السلسلة تحت قبة البرلمان في مارس/آذار الماضي. وتظاهر يومها مئات المواطنين قرب مقر البرلمان رفضاً لإقرار الضرائب الجديدة، بينما اتهمت مُختلف القوى السياسية في السلطتين التشريعية والتنفيذية كتلة "حزب الكتائب اللبنانية" والمؤلفة من 5 أعضاء فقط، بعرقلة الجلسة وافتعال إشكالات فيها. 

تتنوع الضرائب الجديدة التي تقول القوى السياسية، إنها ضرورية لتمويل السلسلة وحماية رواتب موظفي القطاع العام، بين تحصيل غرامات إشغال الأملاك العامة البحرية ورفع الطوابع المالية لفواتير الهاتف والكهرباء وغيرها، ورفع الضريبة على القيمة المضافة التي تطاول كثيراً من السلع اليومية التي يشتريها المواطنون بنسبة واحد في المائة، ورفع الضرائب على أرباح الشركات، وعلى الأرباح العقارية وفوائد الودائع، وزيادة الرسوم على مواد البناء والمشروبات الروحية، وفرض رسوم على المسافرين براً وجواً.

وتستمر حالة التجاهل الرسمي لمطالب بعض السياسيين والجمعيات الأهلية ببحث تمويل السلسلة من خلال جُملة موارد مهدورة، كمكافحة التهرب الضريبي، وخصوصاً في قطاع الجمارك، ومعالجة العجز في مؤسسة كهرباء لبنان، ومعالجة ملف الأبنية التي تستأجرها الدولة بمبالغ باهظة رغم وجود بدائل، كالمباني المملوكة للدولة والمُهملة. 

لم تتبدل هذه المعطيات بين الجلستين التشريعتين، بل على العكس، فقد زاد تمسك القوى السياسية المُشاركة في تسوية انتخاب ميشال عون رئيساً مقابل عودة الرئيس سعد الحريري بالسلسلة. وساهمت سلسلة لقاءات جمعت الرئيس الحريري برئيس مجلس النواب، نبيه بري، وبري برئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي"، وليد جنبلاط، لبحث مالية الدولة. 

كما خاضت الكتل النيابية التابعة للقوى السياسية في النقاش التقني، وفي بحث إمكانية رفع أرقام السلسلة لتغطي مطالب المُتقاعدين العسكريين، وطبعاً على حساب المواطنين، من خلال زيادة كمية الضرائب التي سيتم إقرارها غداً الثلاثاء. 

دعوات متعارضة للتضامن

وضاعت هذه التفاصيل المالية التي تطاول معيشة المواطنين تحت ضباب النقاش المُصطنع حول التضامن مع الجيش اللبناني "بوجه اللاجئين السوريين"، وهو العنوان الذي تمخضت عنه دعوات أطلقتها صفحات مجهولة الإدارة على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر "ضد الجيش اللبناني" في قلب العاصمة اللبنانية بيروت، عقب وقفة دعا إليها "المنتدى الاشتراكي" للتضامن مع اللاجئين بعد "عملية عرسال" التي تخللها مقتل طفلة لاجئة وجرح 7 عسكريين وتفجير 5 انتحاريين لأنفسهم، وتبعها مقتل 10 لاجئين تحت التعذيب بعد توقيفهم من قبل الجيش في موقع العملية. 

ولم يشفع إلغاء المنتدى مظاهراته وتوضيح أهداف الدعوة في وقف تكوين رأي عام مُضاد كان تجمع "أهالي شهداء الجيش اللبناني" عماده، مع الدعوات التي تم توجهيها للتظاهر مقابل الدعوة المجهولة للتظاهر ضد الجيش، وفي الموقع نفسه: ساحة سمير قصير في منطقة سوليدير في العاصمة. 

وبلغ الأمر حد تهديد رئيس "حزب التوحيد العربي"، وئام وهاب، بـ"تكسير المشاركين في المظاهرة"، وتعميم بعض الصفحات المناطقية خبر "البحث عن أي لاجئ أو عامل سوري قرر المشاركة في التظاهرة يوم الثلاثاء". 

وتأكيداً على استمرار المطالب رغم قرار تعليق الوقفة، جدد المنتدى الاشتراكي في بيان المطالبة بـ"تحقيق شفاف ومستقل، لكشف جميع ظروف الوفاة المشبوهة، والمحاسبة العلنية الصارمة لجميع المتورطين بالتعذيب، والإيذاء والقتل، والكشف عن مصير باقي المعتقلين، تعسفيّاً، وإطلاق سراحهم، والتعويض عليهم". 

كما طالب المنتدى بوقف التعاطي الأمني مع اللاجئين، "وإلغاء كل القرارات العنصرية بحق اللاجئين، والكف عن دفعم للعودة إلى سورية، حيث تنتظرهم مقصلة نظام القتل الوحشي".

وختم المنتدى بيانه بالطلب إلى بلدية بيروت كشف سبب تسريب طلب "العلم والخبر" (إذن التظاهر الذي يُقدم سلفاً إلى محافظ بيروت) الذي تقدم به أعضاء المنتدى، مُعتبراً أنه خطوة تأتي في سياق "التحريض والتجييش القائم".

ومع تسريب أوراق "العلم والخبر" المضادة بين أهالي الجيش والمنتدى بدا وكأن السلطات المحلية تساهم في تأجيج الخلاف المُفتعل، وبعكس عادة "مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية" التابع لقوى الأمن في كشف المشرفين على الحسابات التي "تثير النعرات"، كحساب "لواء أحرار السنة" مثلاً، لم يُعلن عن إطلاق أي تحقيق لكشف الجهات التي تقف خلف صفحة "اتحاد الشعب السوري في لبنان" التي دعت للتظاهر ضد الجيش. 

ومع احتدام الخلاف بين أقطاب الثنائية (مع الجيش - مع اللاجئين)، بادر وزير الداخلية إلى الإعلان عن "عدم الموافقة على أي طلب من أي جهة للتظاهر حفظاً للسلم والأمن الأهلي"، وحذر النائب جنبلاط من استعادة الخلاف الذي واكب قضية اللجوء الفلسطيني إلى لبنان. 

وقد أعلنت وسائل إعلام محلية عن توقيف مشرف صحة "اتحاد الشعب السوري في لبنان" في مكان إقامته في مدينة صيدا جنوبي البلاد، وهو فلسطيني الجنسية.