محاولة الانقلاب التركية... بوابة تقارب بين أنقرة وموسكو

محاولة الانقلاب التركية... بوابة تقارب بين أنقرة وموسكو

16 يوليو 2017
تقارب بوتين وأردوغان كثيراً بعد المحاولة الانقلابية (ميخائيل ميتزل/Getty)
+ الخط -


شكّلت محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو/ تموز من العام الماضي، محطة مفصلية في مسيرة العلاقات الروسية التركية، لتشهد انطلاقة مفاجئة في المجالات السياسي والاقتصادي والعسكري بعد أشهر معدودة على وصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، القيادة التركية بـ"أعوان الإرهاب" وتوجيه تركيا اتهامات إلى روسيا باختراق مجالها الجوي عند حادثة إسقاط قاذفة "سوخوي-24" الروسية في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.

وخلال عام فقط على اعتذار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن واقعة إسقاط الطائرة الحربية، ومحاولة الانقلاب، لم يتمكن البلدان من تطبيع العلاقات التجارية فحسب، بل شرعا في تحقيق مشاريع عملاقة مثل "السيل التركي" لنقل الغاز الروسي عبر قاع البحر الأسود، وينسقان مواقفهما في الملف السوري، حتى إنهما اتفقا على توريد منظومات صواريخ "اس 400" الروسية للدفاع الجوي إلى تركيا على الرغم من عضويتها في حلف الأطلسي.

في هذا السياق، أعاد الباحث في الشؤون التركية بمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، مدير مركز دراسات تركيا الحديثة في موسكو، آمور غادجييف، التذكير بأن "محاولة الانقلاب تزامنت مع استئناف الاتصالات الثنائية وبدء تطبيع العلاقات الروسية التركية بعد احتواء أزمة إسقاط الطائرة الحربية".

وأضاف غادجييف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "روسيا كانت من أول الدول التي أعربت عن دعمها للحكومة الشرعية، والتي وصلت إلى سدة الحكم بطريقة ديمقراطية. وما كان لأنقرة أن تتجاهل ذلك. في المقابل، من البديهي أنه ما كان لمدبري الانقلاب الإقدام على مثل هذه المغامرة من دون دعم من الخارج، تحديداً من الأجهزة الاستخباراتية الغربية. ما أثّر سلباً على علاقات أنقرة مع بروكسل وواشنطن".

ولفت إلى أنه "بدأت بعد ذلك المرحلة النشيطة من التعاون الأميركي مع قوات سورية الديمقراطية المشكلة نواتها من الوحدات الكردية، ليتضح تماماً من تدعمه الولايات المتحدة في المواجهة بين تركيا والأكراد. وأصبح ذلك عاملاً إضافياً للتقارب الروسي التركي".



وحول وضع علاقات تركيا مع بروكسل، رأى أن "الاتحاد الأوروبي يتأنى كثيراً في النظر في قضايا مشاركة أنقرة في شؤون أوروبا، لتتجه تركيا نحو التقارب مع المنظمات الأوراسية التي تضم روسيا والصين وبلدان ما يعرف بالعالم التركي التي استنكرت محاولة الانقلاب".

وأضاف غادجييف بأن "هذه العوامل دفعت بأنقرة للإسراع في استعادة علاقاتها مع موسكو وتطويرها وتعميقها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية". وبعد محاولة الانقلاب، ذكرت بعض وسائل الإعلام أن "روسيا هي التي أبلغت أردوغان بأن هناك تخطيطاً للإطاحة به".

إلا أن غادجييف قلّل من هذا الاحتمال، مشيراً إلى أن "هذه الفرضية تعود إلى أن العالم السياسي الروسي البارز، ألكسندر دوغين، زار تركيا عشية الانقلاب، وبصفته خبيراً أدلى بتصريحات تنبأ فيها بإمكانية وقوع أحداث كبرى في أي لحظة في هذا البلد".

وفور وقوع محاولة الانقلاب، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى "تسوية كافة المشكلات في إطار دستوري"، بينما سارع بوتين لإجراء اتصال هاتفي مع أردوغان، مؤكداً له "رفض روسيا القاطع للأعمال غير الدستورية والعنف في حياة الدولة". من جانبه، اختار الرئيس التركي مدينة سانت بطرسبورغ العاصمة الشمالية الروسية وجهة لأول زيارة خارجية له بعد الانقلاب الفاشل، وعقد أول لقاء مع بوتين منذ حادثة إسقاط الطائرة.

ومنذ ذلك الحين، عقد بوتين وأردوغان عدداً من اللقاءات الثنائية بين موسكو وإسطنبول وعلى هامش قمم دولية، أسفرت عن استئناف المشاريع الكبرى ورفع القيود عن معظمهم الإمدادات الزراعية التركية إلى السوق الروسية، والتنسيق السياسي والعسكري في سورية.

وخلال تلك الفترة لم تتأثر عملية تطبيع العلاقات حتى بصدمة اغتيال السفير الروسي لدى تركيا، أندريه كارلوف، أثناء افتتاحه معرضاً للصور الفوتوغرافية في أنقرة في نهاية العام الماضي. وعلى الرغم من أن منصب السفير الروسي لدى تركيا ظل شاغراً لأكثر من نصف عام، إلا أن بوتين قرر أخيراً تعيين رئيس مركز معالجة الأزمات التابع لوزارة الخارجية الروسية، أليكسي يرخوف، والذي سبق له أن عمل قنصلاً عاماً روسياً في إسطنبول، سفيراً جديداً لبلاده في أنقرة. وفي حوار مع صحيفة "إزفيستيا" نشر قبل أيام، رأى يرخوف قبيل توجهه إلى أنقرة، أن روسيا وتركيا "شريكتان وصديقتان وجارتان"، مؤكداً أن هناك "رؤى مشتركة" و"تفاهماً" في الملف السوري.



المساهمون