فشل المحادثات القبرصية يريح إسرائيل

فشل المحادثات القبرصية يريح إسرائيل

14 يوليو 2017
إسرائيل طورت علاقات استراتيجية مع قبرص واليونان(ساكيس ميتروليديس/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من أنه لم يصدر أي رد فعل رسمي إسرائيلي على فشل المباحثات التي جرت في مدينة مونتانا السويسرية لحل الأزمة القبرصية، يوم الجمعة الماضي، إلا أنه يمكن القول إن تل أبيب نظرت بارتياح إلى هذه النتيجة. فتوصل القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين إلى حل تاريخي ينهي هذه الأزمة، كان سيهدد العلاقات الاستراتيجية التي تطورت خلال السنوات السبع الماضية بين إسرائيل وكل من قبرص واليونان.

وحل الأزمة القبرصية كان سيحدث تحولاً إيجابياً على العلاقة بين تركيا وكل من قبرص واليونان، بشكل كان يمكن أن يفضي إلى تقليص حماس لارنكا وأثينا لمواصلة تعزيز العلاقات مع تل أبيب. ويمكن القول إنه لو تم التوصل لحل للأزمة القبرصية، فإن صناع القرار اليونانيين والقبارصة كانوا سيعمدون إلى مراعاة المصالح التركية عند تطوير علاقاتهم مع إسرائيل، لا سيما أن أنقرة تصر على أن بعض مظاهر تطور علاقات إسرائيل بكل من قبرص واليونان جاءت على حساب المصالح التركية.

وقد رفضت تركيا الاتفاق الذي توصلت إليه قبرص وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود المائية، عام 2010، وهو الاتفاق الذي أسس لاحتكار كل من تل أبيب ولارنكا السيطرة على حقول الغاز التي تقع في هذه المياه. وحل الأزمة القبرصية كان سيهدد فرص تطبيق الاتفاق الذي توصلت إليه أخيراً، إسرائيل وكل من قبرص واليونان، والذي ينظم نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر أنبوب يمر بالمياه الإقليمية لكل من اليونان وقبرص.

ومما يمكن أن يعزز من فرص مراعاة المصالح التركية من قبل القبارصة واليونانيين حقيقة أنه في حال تم وضع حل للأزمة القبرصية، فإن أي اتفاق حول الحل سيمنح القبارصة الأتراك قدراً لا يستهان به من التأثير على عملية صنع القرار في لارنكا. وعلى الرغم من أن السفير الإسرائيلي الأسبق في أثينا، آرييه مكيل، لم يتطرق، في مقاله الذي نشره "مركز بيغن - السادات للدراسات الاستراتيجية" يوم الأربعاء على موقعه، لتأثيرات حل الأزمة القبرصية على مستقبل العلاقة بين تل أبيب وكل من لارنكا وأثينا، إلا أنه شدد على أن هذه العلاقات لم تتطور إلا بعد تدهور العلاقات مع أنقرة.


وإشارة مكيل في مكانها، إذ إن حل الأزمة القبرصية يهدد قدرة إسرائيل على مواصلة التعويض عما فقدته من عوائد استراتيجية جراء تفجر القطيعة مع تركيا في أعقاب اعتداء الجيش الإسرائيلي على "أسطول الحرية" الذي كان متجهاً لفك الحصار عن قطاع غزة، ما تسبب بمقتل تسعة من ناشطي السلام الأتراك، الذين تواجدوا على سفينة "مرمرة" مطلع يونيو/ حزيران 2010.

وقد أفضت هذه الأحداث إلى خسارة إسرائيل أحد أهم العوائد الاستراتيجية لعلاقتها مع تركيا والمتمثل بتمتع جيشها، لا سيما سلاحي الجو والبحرية، بإجراء مناورات في الأجواء والمياه التركية، إلى جانب توقف التعاون الأمني والاستخباراتي بين أنقرة وتل أبيب.

وقد رأت دولة الاحتلال الإسرائيلي أن تعويض بعض ما فقدته من عوائد إثر تدهور علاقتها مع أنقرة، يمكن أن يحصل من خلال تطوير العلاقات مع كل من قبرص واليونان على وجه الخصوص. وقد انطلقت تل أبيب من افتراض مفاده بأن إرث العداء بين القبارصة واليونانيين من جهة والأتراك من جهة أخرى، يحسّن من فرص بناء تحالف إقليمي يجمع إسرائيل بكل من قبرص واليونان. وقد عمدت حكومة الاحتلال على الفور إلى استنفاد الطاقة الكامنة في العلاقة مع قبرص واليونان من خلال التوصل لاتفاقات منحت الجيش الإسرائيلي الفرصة لإجراء مناورات عسكرية في اليونان وقبرص. فقد أجرى الجيشان اليوناني والإسرائيلي سلسلة من المناورات المشتركة في إسرائيل واليونان.

وعندما كانت إسرائيل تدرس إمكانية شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، كانت تخشى أن يتم الهجوم في الوقت الذي تكون إيران قد حصلت على منظومة الدفاع الجوية الروسية "S300"، ما كان سيقلص فرص نجاح الهجوم. من هنا، وبحسب ما كشفت وسائل إعلام الاحتلال في حينه، فقد تدرّب سلاح الجو الإسرائيلي في عام 2014 على مهاجمة منظومة "S300" التي تملكها اليونان.

وسمحت قبرص قبل حوالي شهر، للواء الكوماندوس الإسرائيلي بإجراء مناورة على جبال "ترودوس"، إذ أشار الإعلام الإسرائيلي إلى أن هذه المناورة هدفت للتدرب على شن هجوم على أهداف ومرافق وشخصيات قيادية لحزب الله في قلب لبنان، تحسباً لنشوب مواجهة جديدة.

ومما يزيد من أهمية العلاقة مع قبرص واليونان، حقيقة أن صناع القرار في تل أبيب يعتقدون أن التحسن الذي طرأ على العلاقات مع تركيا في أعقاب التوقيع على اتفاق المصالحة هو مؤقت، وأنه طالما بقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منصبه، فإن فرص استعادة تل أبيب وأنقرة الطابع الاستراتيجي لعلاقاتهما تبقى معدومة.

المساهمون