تونس: التقارب بين "النهضة" و"النداء" يثير حفيظة الأحزاب المعارضة

تونس: التقارب بين "النهضة" و"النداء" يثير حفيظة الأحزاب المعارضة

08 يونيو 2017
مصالح مشتركة بين النداء والنهضة(Getty)
+ الخط -
أثار قرار توسيع مجالات التقارب والتنسيق بين حزبي حركة "النهضة" و"نداء تونس" التونسيين، في إطار هيئة تنسيقية عليا، حفيظة أحزاب سياسية منافسة إلى جانب الانتقادات الموجهة من داخل الحزبين.

ورافق قرار تطوير العلاقة بين الحزبين الحاكمين، صاحبي الأغلبية في البرلمان، جدلٌ وانتقادات من الأحزاب المعارضة والمنافسة لهما وحتى من داخل هياكل حزبي "نداء تونس" وحركة "النهضة".

وعلى الرغم من أن تطوير مستوى التنسيق والعمل على المستوى الحزبي والبرلماني يخدم صالح كلا الطرفين وسيساهم في إضفاء نجاعة أكبر على عمل الحكومة بهيكلة التشاور وإحكام التنسيق وتوحيد المواقف في مؤسسة دائمة، إلا أن أحزاباً وكتلاً برلمانية معارضة ومنافسة انتقدت بشدة هذا التقارب.

ولم تفوت كتلة "الحرة"، التابعة لحزب "مشروع تونس" المنشق عن حزب "نداء تونس"، فرصة التعليق على الاجتماع الذي عُقد قبل يومين، وجمع زعيم حزب "النهضة" الشيخ راشد الغنوشي، بالمدير التنفيذي لحزب "نداء تونس" ونجل رئيس الجمهورية حافظ قائد السبسي، داخل مقر البرلمان التونسي وسط مجموعة من كتلتي الحزبين.

ومثل البيان المشترك بين الحزبين فرصة للتندر، في تدوينات وصفت تقارب "النداء" و"النهضة"، بزواج "المتعة" و"بخيانة" مبادىء التأسيس وبالضحك على ذقون الناخبين والمنخرطين.

ويرى مراقبون أن تحالف حركة "النهضة" التي تحوز غالبية المقاعد بـ69 عضواً، و"نداء تونس" بـ58 عضواً يمثل ثقلاً برلمانياً بـ127 صوتاً، وهو ما يتجاوز عملياً الأغلبية المطلقة (109 أصوات) أي أنه بإمكانهما تمرير القوانين الأساسية والاتفاقيات والمعاهدات بأغلبية مريحة مما يزيد من مخاوف قوى المعارضة البرلمانية التي يسكنها هاجس تجاوز الحزبين لاختلافاتها لفائدة القرارات والبرامج المقبلة من الحكومة.

وفي سياق متصل، كتب القيادي في حزب "المشروع"، صلاح البرقاوي ومساعد رئيس البرلمان المكلف بالعلاقة مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية تدوينة على صفحته في فيسبوك، "لم يكتف الخطان المتوازيان بالالتقاء. بل تداعيا لعناقٍ أبدي لن ينفصلا بعده إلا بموت...! سقطت ورقة التوت.. وكان ما أراده الحوت.. سقط التوازي في قبضة الخلافي الموازي..!مبروك لسعيد وسعيدة.. ولكن.. لماذا تركتم الحكومة وحيدة...!؟".

بدوره، وصف قيادي "الجبهة الشعبية" عمار عمروسية في تصريح، لـ"العربي الجديد"، اللقاء وتوقيع البيان المشترك، بحفل "توقيع رسوم زواج المتعة بين الحزبين ومهرها حماية مصالح كلا الطرفين"، معتبراً أن البيان المشترك بين الحزبين "أكبر تكذيب لشعار مؤسس حزب نداء تونس، الباجي قائد السبسي، حول الخطين المتوازيين اللذين لن يلتقيا"، قائلاً "لقد أصبح الخطان خطاً واحداً يقود البلاد نحو الخراب"، على حد قوله.

في سياق متصل، بيّن النائب في حزب "نداء تونس"، منجي الحرباوي، الذي حضر الاجتماع التنسيقي بين الكتلتين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الهدف من الاجتماع هو مزيد تقريب وجهات النظر بين الحزبين وكتلتيهما البرلمانيتين وتدعيم التوافق الحاصل بينهما وقد تقرر تشكيل هيئة تنسيقية عليا لتوحيد المواقف واتخاذ القرارات المشتركة تجتمع بصفة دورية، مشيراً إلى أن الهدف من إحداث هذه الهيئة توفير الحاضنة السياسية لحفظ الاستقرار في البلاد.

وانعكست آثار التقارب بين الطرفين على البيت الداخلي لحزب "نداء تونس" بالخصوص وعلى حركة "النهضة" بدرجة أقل، حيث تلقى الجانبان انتقادات في شكل نيران صديقة لهذا الخيار الاستراتيجي.

وأعلنت النائبة فاطمة المسدي استقالتها من كتلة "نداء تونس" على خلفية هذا القرار، وقالت في تصريح لـ"العربي الجديد"، أعبّر عن رفضي الشديد واعتراضي الصريح للتحالف الاستراتيجي بين كتلتي "نداء تونس" و"النهضة"، كما أعترض على هذه السياسة المتبعة وأعتبر أن هذه الهيئة التنسيقية هي عبارة عن "هيئة عليا لحماية الذئاب" على حد قولها، وهي "لا تمثلني ولا تمثل الكثير من مناضلي نداء تونس".

وتبقى استمرارية هذا التحالف بين "النداء" و"النهضة" وديمومة الاتفاق بينهما رهين المصالح المشتركة والصعوبات المرحلية التي يعرفها الحزبان غير أن تطوره إلى تحالف استراتيجي أمر وارد رغم تنامي الرفض لدى بعض القواعد الحزبية للطرفين.