الرئيس الفرنسي في مواجهة معضلة "الإرهاب" عشية الانتخابات

الرئيس الفرنسي في مواجهة معضلة "الإرهاب" عشية الانتخابات التشريعية

05 يونيو 2017
ماكرون أعلن حزمة من التدابير لتعزيز مكافحة الإرهاب (Getty)
+ الخط -
غداة اعتداء لندن الذي أسفر عن مقتل سبعة أشخاص من بينهم فرنسي وجرح 48 من بينهم سبعة فرنسيين، فرضت معضلة "الإرهاب" نفسها على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأجندته السياسية، على بُعد ستة أيام من انتخابات تشريعية حاسمة بالنسبة لمستقبل ولايته الرئاسية.

وفور الإعلان عن اعتداء لندن، ليلة السبت الماضي، حرص ماكرون على متابعة الحدث ساعة بساعة، خاصة أنها المرة الأولى منذ انتخابه في 7 مايو/ أيار الماضي التي يواجه فيها اعتداء "إرهابياً طاول مواطنين فرنسيين".

وكان ماكرون أول رئيس أجنبي يعلّق على اعتداء لندن، وبعد أن مَدّته الخلية الدبلوماسية في قصر الإليزيه بالمعلومات الأولية عن الاعتداء وحجمه وطبيعته الإرهابية نشر ماكرون تغريدة على موقع "تويتر"، أمس الأحد، في الثالثة صباحاً، قال فيها "فرنسا تقف أكثر من أي وقت مضى إلى جانب بريطانيا في مواجهة هذه المأساة الجديدة، فكري مع الضحايا وأقاربهم".

وفي الثامنة صباحاً بعث قصر الإليزيه بياناً صحافياً حول الاعتداء إلى وسائل الإعلام، بعد أن وقّع عليه ماكرون شخصياً. وفي منتصف النهار تحادث ماكرون عبر الهاتف مع عائلات الضحايا الفرنسيين في الاعتداء و"عبّر لهم عن وقوفه إلى جانبهم في هذه المحنة"، كما جاء في بيان للرئاسة الذي أكّد أن ماكرون "أراد بهذا الاتصال أن يُظهر قربه من عائلات الضحايا ومساندته القوية لهم".



وحسب مصادر مقرّبة من الرئاسة فإن ماكرون تحدّث إلى مديري أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية، من أجل التحضير لاجتماع المجلس الوطني للدفاع الذي سيعقد تحت رئاسته بعد غد الأربعاء، والذي سيتمحور حول التدابير الجديدة التي ينوي ماكرون اتخاذها من أجل محاربة "الإرهاب" خلال ولايته الرئاسية.

وحرص ماكرون أيضاً على استنفار الحكومة ورئيس وزرائها إداور فيليب الذي التحق بقصر ماتينيون، ليلة السبت الماضي، فور الإعلان عن اعتداء لندن، لمتابعة مجرياته وتداعياته ومتابعة أخبار الضحايا الفرنسيين، بالتنسيق مع الخلية الدبلوماسية التابعة للقصر الرئاسي.

وبطلب من ماكرون، زار رئيس الوزراء، أمس، مقرّ وزارة الخارجية وتفقّد خلية الأزمة التي تُشرف على الاتصال مع السلطات البريطانية وعائلات ضحايا الاعتداء الفرنسيين. كذلك طلب ماكرون من وزير الخارجية جان ايف لودريان التوجّه، اليوم الإثنين، إلى لندن، لزيارة الجرحى الفرنسيين ولقاء المسؤولين البريطانيين.

ويحاول ماكرون من خلال هذه التحرّكات المكثفة أن يعزّز حضوره كرئيس في مواجهة "التهديدات الإرهابية"، ويثبت أنه في مستوى هذه التهديدات وضامن لأمن الفرنسيين وسلامتهم، على الرغم من أن فوزه بالرئاسيات لم يتأسّس على شعار "مواجهة الإرهاب" بقدر ما تأسّس على فكرة التجديد السياسي لمواجهة التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية.

غير أن اعتداءي مانشستر ولندن فرضا على ماكرون العودة بقوة إلى دوره في حماية الفرنسيين، وبما أن "محاربة الإرهاب" تقتضي في الأساس اللجوء إلى الخبرة والمراس فقد وضع ماكرون وزيرَ خارجيته ووزير الدفاع السابق لودريان، المعروف بقيادته الحرب الفرنسية ضد الإرهاب، في الواجهة.

وكان ماكرون قد أعلن في أول اجتماع يترأسه لمجلس الدفاع الوطني في 24 مايو/ أيار الماضي حزمة من التدابير لتعزيز مكافحة الإرهاب، وطلب من البرلمان تمديد حالة الطوارئ حتى نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.



ومن المنتظر أن يدرس الاجتماع المقبل آليات إنشاء خلية لمحاربة تنظيم "داعش" تتكوّن من حوالي مائة عنصر وتضم ممثلين عن أجهزة الاستخبارات والجيش والشرطة والعدل، تشتغل بشكل يومي تحت إمرة الرئيس مباشرة في قصر الإليزيه، ويشرف عليها الأمين العام لقصر الرئاسة ألكسيس كولر، وهو الذراع اليمنى للرئيس وأقرب مقرّبيه.

ويعوّل ماكرون على هذه الخلية الرئاسية لتكون بمثابة (Task Force) أميركية على الطريقة الفرنسية ورأس الحربة في مواجهة التهديدات الإرهابية التي يمثّلها تنظيم "داعش" للمصالح الفرنسية في الداخل والخارج.

ويحاول ماكرون أن ينجح في تحصين فرنسا ضد اعتداءات إرهابية محتملة في الأيام القليلة المقبلة تعكّر سير الانتخابات التشريعية التي ستُعقَد دورتها الأولى الأحد المقبل، وقد تضعف مرشحي حركته "الجمهورية إلى الأمام" وتقوّض مسعاه إلى الحصول على غالبية رئاسية تسهّل عليه الحكم في السنوات الخمس المقبلة.

المساهمون