عندما يموت الراعي

عندما يموت الراعي

04 يونيو 2017
قوات من الجيش التونسي في منطقة تونين(فتحي نصري/فرانس برس)
+ الخط -
مرّ رمضان العام الماضي هادئاً جداً، ولم يتمكن الإرهابيون في تونس من تنفيذ أي عملية مثلما تعوّدوا على ذلك منذ سنوات.
وفي أولى أيام هذا الشهر، تمكنت قوات الجيش والدرك من قتل أحدهم وإصابة آخرين وحجز عدد من أسلحتهم. لكن سلاح الاٍرهاب غادر وجبان، فأمام هذه الهزائم المتتالية التي تكبّدوها في تونس لم يجدوا أمامهم غير راعٍ بسيط كان يرعى غنمه مثلما تعوّد في الجبال القريبة من بيته وسط تونس، اختطفوه وقتلوه ببشاعة، ليتبنى "داعش" الجبان مسؤولية العملية.
هكذا دفعت عائلة السلطاني مرة أخرى أحد أبنائها في الحرب مع الاٍرهاب، فقد تمكن الجبناء أنفسهم من شقيقه مبروك منذ سنتين لينكّلوا بجثته أيضاً، ما أثار حزناً شديداً لدى التونسيين وخلّف مأساة أخرى في قلب هذه العائلة المسكينة.
لكن هذه العملية لا تخلو من رموز وأسئلة، أولها أن هذا التنظيم الاٍرهابي أصبح يتباهى بقتل راعٍ بسيط، ما يعني أنه خسر أشواطاً في معركته مع التونسيين، وأن الحصار الذي يطوّقه بفعل كشف شبكات المساندة له قد أعطى أكله، وأن ما تبقّى لحسم معركة الجبل أقلّ بكثير مما فات، لكن قتل السلطاني يستوجب في كل الحالات رداً سريعاً يعيد موازين الحرب النفسية إلى ما كانت عليه، ونحن ننتظر في تونس بالمناسبة وصول الطائرات الأميركية المتطورة التي أنفقنا من أجلها الغالي والنفيس لتطهير الجبل.
لكن العملية في كل الحالات لا تخفي إخفاقاً واضحاً في حماية العائلات التي تعيش في سفح الجبال، مع أن الدولة التونسية قد وعدت بذلك والتزمت به، في حين برزت أصوات تتحدث عن تشتيت الجيش في مهمات متعددة ومتباعدة جغرافياً، ما أثر في معركتها مع إرهابيي الجبال، على الرغم من عدم وجاهة الأمر.
لكن من يقنع الأم المسكينة التي فقدت راعييها الاثنين؟ ومن يقدر على صبرها؟ ومن يعيد الطمأنينة إلى ساكني سفوح الجبال الذين يعانون الأمرّين من تسلل بعض الإرهابيين وسرقة مواشيهم وإرهابهم وتهديدهم في كل مرة؟ وأخيراً متى تنتهي معركة الجبل التي تباطأت فيها الدولة كثيراً، وأجّلت حسمها مرات عديدة لقلة ذات اليد؟