كردستان العراق يستغل حركات قومية لكسب الشارع بمشروع الانفصال

كردستان العراق يستغل حركات قومية لكسب الشارع في مشروع الانفصال

28 يونيو 2017
أوراق نقدية جديدة (العربي الجديد)
+ الخط -



تزامن إعلان حكومة إقليم كردستان العراق عن تنظيم استفتاء شعبي لطرح فكرة الانفصال عن العراق، نهاية العام الجاري، مع ظهور حركات قومية كردية داخل المجتمع الكردي، بعضها يتسم بطابع العنصرية، تدعو لتأييد فكرة الانفصال تحت عناوين مختلفة.

وتقول مصادر سياسية في السليمانية ودهوك إن تلك الحركات مدفوعة من قبل حكومة الإقليم و"الحزب الديمقراطي الكردستاني"، والذي يعتبر العرّاب الأول لفكرة الانفصال عن العراق، ويحظى بدعم إماراتي وإسرائيلي واسع في ذلك.

وبدأ عدد من المنظمات والجمعيات القومية، فضلًا عن كوادر الحزب الديمقراطي، بزعامة مسعود البارزاني، بحملات مختلفة في هذا الصدد، من بينها حملة لتصميم عملات نقدية وميداليات، وتنظيم أشعار قومية كردية.

وعلى الرغم من الرفض الدولي الواسع لفكرة انفصال كردستان، والذي يعتبر تقسيمًا للعراق؛ فإن أربيل تصر على تنظيمه نهاية هذا العام، بينما اعتبرت بغداد مشروع الاستفتاء بأنه غير شرعي.

المصمم الكردي آسو مام زاده، 45 عامًا، يقول إنه صمم نماذج لأوراق نقدية وميداليات كردية مع عدد كبير من المتطوعين المؤيدين لانفصال إقليم كردستان عن العراق، يشجعهم في ذلك إصرار حكومة الإقليم على تنظيم الاستفتاء الشعبي الخاص بالانفصال نهاية العام الجاري.

وتقوم جماعات قومية كردية في الإقليم بتشجيع مثل تلك الخطوات، والتي من شأنها تهيئة الشارع الكردي لمشروع "الدولة الكردية"، على الرغم من الرفض الدولي المسبق للخطوة، متمثّلًا بتصريحات مسؤولين أميركيين وأوربيين، فضلًا عن دول إقليمية، مثل إيران وتركيا، وبغداد نفسها التي تعارض المشروع من أساسه.

ويقول مام زاده لـ"العربي الجديد"، إن "نماذج الأوراق المالية التي قمت بتصميمها تتضمن عدة فئات من الأوراق النقدية، وتحمل رموزًا تجسّد تاريخ كردستان، ومكوناته الدينية والقومية، وآثار واقتصاد وطبيعة إقليم كردستان".

ويشير إلى أنه بالتزامن مع إعلان إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان، لقيت هذه التصاميم إقبالًا ملحوظًا من قبل المواطنين للاطلاع عليها، وتداولها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ.

وأكد أنه بالإضافة إلى تصميم الأوراق المالية، فقد نفّذ أيضًا تصاميم أخرى، كالميداليات والأوسمة الرسمية، ونماذج لجوازات السفر والجنسية الكردية، معربًا عن "أمله بتحقيق حلمه في تحويل تلك النماذج إلى عملات وأوسمة ووثائق حقيقية في المستقبل".

ويقول عضو "حزب الاتحاد" (الذي يتزعمه جلال الطالباني)، شيخ حاجي أمين، إن الأعلام والشعارات واليافطات التي تملأ شوارع أربيل "غالبيتها قومية، وتحمل عبارات عاطفية تلامس الشارع الكردي".

ويضيف أمين لـ"العربي الجديد" أن "الشارع الكردي منقسم، واستغلال عواطف الناس غير صحيح، ونخشى أن يؤدي مشروع الاستفتاء إلى تهديد لأمن الإقليم"، مبينًا أن "مغازلة الشعب الكردي بالصور والتصاميم والعبارات اللطيفة لمستقبلهم من دون وجود ضمان لذلك يعتبر استهتارًا".

وفي المقابل، يوضح سعيد محمد، أحد المنتمين لجماعة قومية كردية تطالب بالانفصال، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "يكافح من أجل وطن مستقل للأكراد".

ويضيف "لقد ظُلمنا كثيرًا، وسايكس بيكو كانت سببًا في دمار الأكراد، كما كان وعد بلفور سببًا في احتلال فلسطين حتى هذا اليوم". ويتابع: "نحن نطالب بحق تقرير مصيرنا لا أكثر، وهو ما نعمل عليه"، وفقًا لقوله.

مقابل ذلك، يعبّر المواطن شوان طه (42 عامًا) عن خشيته من مشروع الانفصال، بقوله: "كلنا نتمنى ذلك، لكن أخشى أن يؤدي الانفصال إلى تهديد أمن المحافظات الثلاث: أربيل والسليمانية ودهوك، وأن تؤدي إيران دورًا سلبيًّا في زعزعة أمننا، والمنطقة مشتعلة أصلًا بالمشاكل"، مبينًا أن "مثل تلك التصاميم يمكن اعتبارها أحلامًا لكن من الخطر تحققها الآن".

والجمعة الماضية، قال المتحدث باسم رئاسة الوزراء، سعد الحديثي، إن "أي موقف أو خطوة تتخذ من أي طرف في العراق يجب أن تكون مستندة إلى الدستور، وأي قرار يخص مستقبل العراق المُعرَّف دستوريًّا بأنه بلد ديمقراطي اتحادي واحد ذو سيادة وطنية كاملة يجب أن يراعي النصوص الدستورية ذات الصلة".

وأضاف أن "مستقبل العراق ليس خاصًّا بطرف واحد دون غيره؛ بل هو قرار عراقي وكل العراقيين معنيون به"، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن لأي طرف وحده أن يحدد مصير العراق بمعزل عن الأطراف الأخرى".

فيما اعتبر القيادي في التحالف الوطني الحاكم علي الأديب مشروع الاستفتاء عن الانفصال بأنه غير واقعي، مبينًا في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الأجواء السياسية العراقية الداخلية وحتى الإقليمية والدولية لا تسمح بانفصال كردستان عن العراق"، مشيرًا إلى أن "مسألة الانفصال محاولة لتصدير أزمات القوى الكردية إلى الخارج".