تسويق التطبيع

تسويق التطبيع

28 يونيو 2017
تعرّضت "حماس" لحملة شعواء (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

خلال الأسابيع السابقة للحملة ضد قطر، المفتعلة في سياقات رئاسية أميركية أوسع، تبرز قضية تسويق التطبيع بالقطّارة. تتدرج المسألة، خليجياً، بما لم يفاجئ متابعي مسيرة تحويل القضية إلى شأن أضيق حتى من قضية "إنسانية" وحصار غزة وتفتت الواقع الفلسطيني.

أي مراقب لنهج تسويق التطبيع مع دولة الاحتلال يمكنه العودة إلى فترة ما بعد غزو الكويت ومحاولات جايمس بيكر فرض "مسار مدريد" بما أرادته تل أبيب، ليتضح الآن أن شعار "تقليع الشوك" لم يكن سورياً بامتياز. وما كشفته تحركات "أكاديمية" وأمنية - استخباراتية سابقة لفرض حالة حصار قطر، هو تتويج لما لمسه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في ساعات مفاوضات "كامب دافيد" من شبه تخل عربي.

وفي السياقات ذاتها، وقبل بروز تسويق التطبيع بهذه الوقاحة، يدرك كل من يعرف ألف باء أهداف الإعلام الموجه ما كان يراد من الرسائل "الإعلامية" التي شاهدناه للأسف على قنوات مصرية انقلابية عن "طبيعة شعب إسرائيل"، مقابل "همجية حماس".

في الواقع، ليس المقصود هنا "حماس" على الإطلاق بل الشعب الفلسطيني ربما. بدأت مع حالة الحصار الأخير نغمة جديدة، وكان اللواء السعودي أنور عشقي، قبل عام من الحصار، عبر عنها في 23 يوليو/تموز من تل أبيب، قائلاً إن "المقاومة الفلسطينية لم تقتل ذبابة... هؤلاء يتاجرون بالدماء الفلسطينية". ويوم بيان الحصار، في 5 يونيو/حزيران الحالي، لم يكن مصادفة بث قناة تلفزيونية صهيونية لقاء مباشراً من جدة مع عبد الحميد حكيم، الذي بشرّنا بما ستؤول إليه العلاقات والجهود في "تجفيف منابع الإرهاب".

ويبدو أن المطلوب هو "تعزيز وتمرير" فكرة التطبيع، ولا يمكن اعتبار ضجيج "الأزمة الخليجية" الأخيرة سوى محاولة لجعل المواطن العربي في الخليج يعتاد على تقبل خطاب التطبيع، وإن كانت ردود الفعل، الهاربة من الحظر وقمع التعبير، تشير إلى وعي آخر رافض لجهود تكريس تطبيع وترويض عقله للقبول بما يطرح عليه. الأمر ليس جديداً، فهذه ليست المرة الأولى التي تمارس فيها أطراف عربية تتبُّع اتجاهات بوصلة اللوبيات الصهيونية في واشنطن وغيرها. الجديد الوحيد هنا علنية التعبير والاندفاع، بمبررات خطيرة. وتبدو تلك القوى، الباحثة عن مصالح ضيقة جداً، مندفعة لتصفية القضية الفلسطينية كمدخل لنيل رضا ودعم اللوبيات. بعض العرب، الملتزمون فولاذياً بما يسمى "المبادرة العربية"، كغطاء لقصة عجز طويلة، يرون في وضع العربة أمام الحصان مصدر فوائد لهم، مما نشتم في الأفق عن "صفقة القرن".