المحمدان و"التشبيب" والتوريث في اليمن: نجلا هادي وصالح نموذجاً

المحمدان و"التشبيب" والتوريث في اليمن: نجلا هادي وصالح نموذجاً

29 يونيو 2017
بات أحمد صالح أحد أركان "المرحلة المقبلة" (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -


في وقتٍ تتواصل حربهما في اليمن بغارات جوية تصل يومياً إلى العشرات، تتداول الأوساط السياسية اليمنية على نطاق محدود، أنباء عن تسوية أو تصور ما يُطبخ بين الرياض وأبو ظبي، بالتشاور بين المحمدين (ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي تقود بلاده التحالف، وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد) مع شخصيات يمنية، بما يؤدي إلى إعادة ترتيب "بيت الشرعية"، أو عمل تغيير ما في الحكومة اليمنية، على نحو قد يؤدي لإيقاف الحرب أو ترسيخها.

في هذا السياق، أفادت مصادر يمنية لـ"العربي الجديد"، أن "الإمارات، التي تمثل واجهة قيادة التحالف في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، بدأت أخيراً بتقريب جلال عبدربه منصور هادي، نجل الرئيس، والذي ارتبط اسمه خلال الفترة الماضية بصراعات على النفوذ داخل عدن، مع الشخصيات المحسوبة على أبو ظبي، بعد أن كان للأخيرة دور كبير في تحجيم دور والده بعدن ومحيطها، خلال الأشهر الماضية".

وأضافت المصادر أنه "على الرغم من الخلافات المعروفة بين هادي والإماراتيين، فإن أبو ظبي، على الأرجح بتنسيق مع الرياض، تتولى تقريب نجل هادي، جنباً إلى جانب، مع إجراءات لتهميش دور والده في القرار". وأشارت المصادر إلى أن "جلال هادي قد يسند إليه منصب معتبر في أي ترتيبات مقبلة في هرم الشرعية، مع الأنباء التي تحدثت عن توجه من التحالف لإعادة خالد بحاح لمنصب رفيع في الشرعية (نائب على الأرجح)، يُسند إليه صلاحيات الرئيس اللازمة".

وفي الوقت الذي لم تكشف فيه المصادر طبيعة الدور الذي من الممكن إسناده إلى نجل هادي، يأتي التطور مترافقاً مع التسريبات المتداولة، عن تفاهمات بين الرياض وأبو ظبي قد تُسمح أو تهيئ لإعادة أحمد علي عبدالله صالح النجل الأكبر للرئيس السابق، لتأدية دور في مقابل اعتزال والده من رئاسة حزب "المؤتمر الشعبي العام". ومن المتوقع، في حال صحة التسريبات، أن يُسند لنجله منصب قيادي في الحزب، إذا ما كان هناك اتفاق، فإنه قد يتولى أيضاً منصباً مهماً في الحكومة.

ووصفت المصادر هذا التوجه، بأنه "في حال مضى إلى التنفيذ، فإنه قد يعكس رغبة المحمدين، بتعميم فكرة (التشبيب) في المناصب مع درجة من التوريث، كما هو حاصل في السعودية، التي صعد فيها بن سلمان البالغ من العمر 31 عاماً وأزاح ابن عمه الخمسيني محمد بن نايف، وسط حديث في الأوساط السعودية عن التشبيب، باعتباره عنواناً للتغييرات في المناصب الحكومية. لكن نقل الفكرة إلى اليمن الغارق بالحرب منذ أكثر من عامين، قد يعكس مزاجية القرار ولا يتناغم مع طبيعة البلاد باعتبار أنها نظام جمهوري لم يبق منه إلا بقايا بلاد مزقتها الحرب والصراعات الداخلية، ولطالما كان الوقوف ضد "التوريث" معركة المعارضة خلال سنوات طويلة وصولاً إلى الثورة عام 2011.



وكان اسم جلال هادي، برز في السنوات الأخيرة بعد صعود والده من موقع نائب الرئيس قبل عام 2012، إلى موقع الرئيس التوافقي (منذ فبراير/شباط 2012)، إذ عُرف بتدخلاته الواسعة في إدارة الدولة بالاستفادة من موقع أبيه. ما أثار انتقادات سياسيين كان بعضهم يتحدث عن أن جلال هادي يتدخل بقرار أبيه ويستفيد منه بتعيينات وإبرام صفقات تجارية. كما أن لجلال هادي بصمة سلبية عبر المساهمة بإفساد الصحافة الإلكترونية من خلال دعم إنشاء مواقع إخبارية تهتم بالإثارة والشائعات. وبعد "عاصفة الحزم"، وخروج والده إلى خارج البلاد، عاد اسم جلال في عدن من خلال صراعات النفوذ مع السلطة المحلية (محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي تحديداً).

من جانبه، يعتبر أحمد علي صالح، شخصية جرى تداول اسمها في اليمن طويلاً، حين كان الحديث يتم عن توجه أبيه نحو التوريث، فأحمد هو النجل الأكبر لصالح، وأسند إليه قيادة أكبر قوة عسكرية في الجيش اليمني (الحرس الجمهوري). وبعد إقالته من قبل الرئيس هادي، عام 2013 عُين سفيراً لليمن في الإمارات، واستمر فيها حتى بدء "عاصفة الحزم"، قام الرئيس هادي بإقالته من منصبه، واتهمه بالمشاركة في الانقلاب، وأضيف اسمه في قائمة عقوبات قرار مجلس الأمن 2216، والتي شملت إجراءات بينها المنع من السفر. وبقي أحمد علي عبدالله صالح في أبو ظبي تحت الإقامة الجبرية خلال الحرب، قبل أن تتحدث تسريبات أخيراً عن أن أبو ظبي وبتنسيق مع الرياض، تسعى لإعادته لدور سياسي في اليمن. وهو دور، في حال تم، فسيكون أساساً متعلقاً بالمناطق الواقعة تحت نفوذ حزبه وجماعة الحوثيين، ومنها العاصمة صنعاء.

الجدير بالذكر، أن الأوساط السياسية اليمنية تتداول في الآونة الأخيرة أنباء عن احتمال أن يدفع التحالف نحو تسوية أو تغيير ما، الفترة المقبلة، بما من شأنه تحريك الجمود السياسي في البلاد، وعلى ضوء التطورات التي شهدتها مدينة عدن جنوبي البلاد، في مايو/أيار الماضي، وتمثلت بتشكيل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، كإطار يمثل المشروع المنادي بفصل الجنوب عن الشمال، ومن ضمن ما يتم تداوله في السياق، الحديث عن تحضيرات لإعادة نائب الرئيس ورئيس الحكومة (سابقاً)، خالد بحاح، المعروف بقربه من أبوظبي، والذي أقاله هادي في أبريل/نيسان 2016، بعد خلافات شديدة بين الرجلين (هادي وبحاح)، ويجري الحديث عن احتمال أن يتم تعيين الأخير نائباً بصلاحيات واسعة، تهمش دور هادي، وتسعى لإرضاء نجله.

المساهمون