فرنسا: انتهاء التشويق الانتخابي والمواجهة بين فالس وعمراني مستمرة

فرنسا: انتهاء التشويق الانتخابي والمواجهة بين فالس وعمراني مستمرة

19 يونيو 2017
انتهت الانتخابات التشريعية أمس الأحد(برتراند غواي/Getty)
+ الخط -

انتهت الانتخابات التشريعية الفرنسية، وانتهى معها التشويق والترقب، وظلت المفاجآت تتقاطر، شيئاً فشيئاً طيلة ليل الأحد، ومن بين أكثرها قوة، خطأ كل التوقعات واستطلاعات الرأي بحصول الرئيس إيمانويل ماكرون على 400 مقعد برلماني فما فوق.

ويبدو أن طقس يوم الأحد، والعدد المرتفع للممتنعين عن التصويت، وأيضاً تسليم الكثيرين بأن فوز أنصار الرئيس إيمانويل ماكرون مؤكد ونهائي، كان، هذه المرة، لصالح المعارضة الجديدة، بشقيها اليميني واليساري، والتي حذرت بصوت مرتفع من خطورة حصول ماكرون على برلمان من دون معارضة، وهو ما يهدد بسيادة نوع من الديكتاتورية والغرور السياسي.

وقبل منتصف الليل بقليل، اتضح المشهد تماماً، فقد انتصر الرئيس ماكرون وضمن الأغلبية المطلقة المريحة، التي ستمكنه من تطبيق إصلاحاته من دون حاجة إلى فرض القوانين بالقوة، كما اضطر لفعل ذلك الرئيس فرانسوا هولاند ورئيس حكومته مانويل فالس. كما أن وزراءه الستة من المرشحين فازوا جميعاً، وبالتالي ضمنوا حقائبهم الوزارية، من بينهم ريشار فيران، الذي يعاني ولا يزال من متاعب مع القضاء.

كما استطاع الوزير الشاب، من أصول عربية، منير محجوبي، الفوز، بعد أن أقصى في الدورة الأولى الأمين العام للحزب الاشتراكي جان كريستوف كامباديليس، الذي أعلن، أمس، استقالته من قيادة الحزب الاشتراكي، وهو ما ينذر بصراعات مقبلة.



وحسم التشويق، أيضاً، في ما يخص وزراء هولاند الذين ترشحوا، فكانت نهاية أغلبيتهم مثيرة للرثاء، حيث خسرت نجاة فالو بلقاسم ومريم الخمري وماريسول تورين وجان جاك أرفواس، ولم ينجُ إلا وزير الفلاحة السابق والناطق باسم الحكومة، ستيفان لوفول.

كما استطاع نيكولا دوبون إنيان، رئيس حزب "انهضِ فرنسا"، الحفاظ على مقعده البرلماني، رغم الآثار الجانبية السلبية لتحالفه القصير الأمد مع مارين لوبان في الدورة الثانية من الرئاسيات.

وفي ما يخص "الجبهة الوطنية"، انتهى التشويق بفوز مارين لوبان لأول مرة، ومعها سبعة من رفاقها، من بينهم زوجها، لويس أليوت، وأيضاً المحامي المثير للجدل كولار، دون نسيان إيمانويل مينار، زوجة عمدة مدينة بيزيي، روبير مينار، لكن مع خسارة الرجل الثاني في الحزب فلوريان فيليبي، للمرة الثانية.

وتميزت هذه الانتخابات أيضاً بخسارة القيادية في "الجمهوريون"، ناتالي كوسيسكو موريزي، لمقعد تاريخي كان يحتكره اليمين الباريسي، ورغم التعاطف الذي حظيت به بعد الاعتداء الذي تعرضت له من قبل عمدة يميني، عاب عليها غزلها المستمر تجاه حكومة ماكرون، إلا أنها خسرت الرهان، وهو ما سيضعف مكانتها في الحزب اليميني، الذي يتأهب لتحديد هويته السياسية والأيديولوجية الحقيقية وإعطاء موقف واضح من سياسة ماكرون وإصلاحاته المعلنة، التي أضحت تغري عدداً متزايداً من أطر اليمين.

كما تميزت الانتخابات بإعادة انتخاب إيريك سيوتي، عن حزب "الجمهوريون"، وهو المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة من الهجرة ومن اللجوء السياسي وبقربه من إسرائيل والدوائر الصهيونية.

ولا يقل عنه في هذا الاتجاه، رفيقه النائب عن فرنسيي الخارج عن حزب "الاتحاد الديمقراطي المستقل"، مايير حبيب، الذي نجح، للمرة الثانية، بعد أن دعت أغلبية حاسمة من سياسيين ورجال دين يهود في إسرائيل للتصويت لصالحه في الدورة الثانية، وهو ما ظهر في النتائج الكبيرة التي حصل عليها في إسرائيل.



ولا يخفي هذا السياسي الفرنسي - الإسرائيلي انحيازه اللامشروط لإسرائيل، ولا علاقاته الحميمة مع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ويحرص أحياناً على ارتداء "القلنسوة" في البرلمان الفرنسي.

وشدّد هذا النائب أيضاً، الذي انتقد الطبقة السياسية الفرنسية بعد تصويت منظمة اليونسكو الأخير على عروبة وإسلامية القدس الشرقية وحائط البراق، بعد فوزه، أمس، على أنه سيواصل "العمل على تعزيز العلاقات الفرنسية الإسرائيلية، من أجل مكافحة الإرهاب"، وأكد وقوفه إلى "جانب دولة إسرائيل في كامل حدودها، وعلى اعتبار القدس عاصمتها الأبدية وغير القابلة للتقسيم".

فالس وعمراني: التشويق السياسي مستمر

لا يبدو أن الإثارة التي ترافق حياة رئيس الحكومة الفرنسي السابق مانويل فالس السياسية ستتوقف قريباً. فبعد صمت وترقب وانتظار طويل خرج فالس، مساء أمس، ليعلن أمام أنصاره عن فوزه على مرشحة "فرنسا غير الخاضعة"، فريدة عمراني.

ما الذي حدث في دائرة "إيسون"؟ فور إعلان وزارة الداخلية عن فوز مانويل فالس بنسبة 50.3 في المائة، وبفارق 139 صوتًا عن منافسته، هاجم أنصار فريدة عمراني بلدية إيفري حيث كان فالس يوجه خطاب الشكر لأنصاره.



من جهتها، شككت المرشحة عمراني في النتائج، معلنة أنها هي الفائزة عن هذه الدائرة الانتخابية. وكشفت عن حدوث تزوير للنتائج في أربعة مكاتب في مدينة إيفري، خاصة في أحد المكاتب الذي لم يكن يتواجد فيه أي مراقب من حركة "فرنسا غير الخاضعة".

وأكدت اللجوء إلى القضاء للطعن في النتائج المعلنة، والأمل في إجراء إحصاء جديد للأصوات المعبر عنها، وتحدثت بشكل فضفاض عن "رؤيتها لأشياء خطيرة حدثت في أحد المكاتب الانتخابية، وعن صُوَر وفيديوهات وشهادات عن حالات تزوير". وذكّرت بأنها طالبت قبل يومين من التصويت بحضور مراقبين من منظمة العفو الدولية.

وأما فالس، الذي كان يعتبر أي هزيمة له بمثابة قضاء نهائي مبرم على مستقبله السياسي، فقد أكد في تغريدة له، صباح اليوم الاثنين، أنه "لا توجد أية قاعدة للتشكيك في انتخابي. وسأكون، اليوم، حاضراً في الجمعية الوطنية، وسأواظب على مقعدي البرلماني ابتداءً من يوم 27 يونيو/حزيران".




وقد شوهد فالس قبل منتصف النهار في الجمعية الوطنية، ولم يخف غضبه على الصحافيين الذين وجهوا له أسئلة بخصوص اتهامات منافسته، فريدة عمراني، وتساءل: "باسم ماذا، لا يحق لي أن أكون هنا، باكرا؟".