نبض الناس

نبض الناس

18 يونيو 2017
رفع مشجعو النادي الأفريقي لافتة تضامنية مع قطر (الأناضول)
+ الخط -

خرجت جماهير رياضية في تونس عن إطار مقابلة نهائي كأس في كرة القدم، ورفعت ما بين الشوطين لافتة عملاقة كتب عليها "كرهناكم يا حكام، تحاصرون قطر وإسرائيل في سلام"... وعلى الرغم من أن جماهير فريق النادي الأفريقي العريق في تونس لم تتحصل على هذه الكأس منذ 17 سنة وكانت تنتظر هذا الموعد بفارغ الصبر، الا أن هذا لم ينسها ما يحدث حولها، وذهبت الى أصل الموضوع وجوهره الذي يهمها كجماهير عربية أنهكتها الصراعات العربية، بينما إسرائيل في سلام، على حد تعبيرها في تونس.

ولا يذهبنّ في رأي الساسة أن هذه الجماهير، في السعودية والإمارات ومصر وقطر والجزائر والمغرب وغيرها تختلف عن الجماهير التونسية، لأنها تفكر كلُّها بنفس الطريقة وتعتبر أن كل شقاق إنما يَصبّ بالضرورة في صالح إسرائيل، وهو ما ترفضه منذ عقود، أي منذ احتلّت أراضينا وزرع الآخرون كل ضروب الفرقة بيننا، ورعوها حقّ رعايتها، ولا يظننّ الحكام العرب أن شعوبهم لا تفهم، أو هي ترضى بما قسمتموه لنا، ولكن ماذا يفعل المساكين؟ وهل يظن الحكام في الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا مثلاً أن شعوبهم راضية بتشتيت المغرب العربي، وقتل آمالهم في ولادة وطن كبير وفسيح وقوي بإمكانه أن يغيّر في حياتهم الكثير؟ وهل يتصور حكام الخليج أن الشعوب هناك ترضى بهذا الشتات الجديد، مهما كانت الأسباب ومهما كانت الذرائع؟ وهل يتصورون أن ما يدور هذه الأيام من دعم على صفحات التواصل، لهذا الطرف أو ذاك، يعبّر عن كل الشعوب هناك؟ قطعا لا، وهم يعرفون ذلك جيّدا ومقتنعون أن الشعوب العربية ترفض من يقسّمها ومن يقسم ظهرها بأزمات جديدة. ولكن، مرة أخرى، لا يسمع الحكام نبض الناس، ولا يعيرون له أي أهمية، ولا ينصتون لصوت الأزقة والشوارع، ولو كان الأمر كذلك منذ عقود لاسترجعنا أرضنا ولطردنا مظاهر التخلف من أوطاننا ولكنّا بالفعل خير الأمم. لكن هذا من قبيل المستحيل، لأن أغلب الحكام العرب يعرفون أنهم متى أنصتوا لنبض الناس فسيفقدون مقوّمات حكمهم وأسباب بقائهم، وسيطردون. وفي الأثناء فإن الشعوب العربية في أغلبها، مغلوبة على أمرها، وطردت حكامها من قلوبها، وهذا ما لا يستطيع الحاكمون شيئاً تجاهه.

دلالات

المساهمون