مساعٍ صامتة للتهدئة الخليجية... وإدانة أممية للإجراءات ضد قطر

مساعٍ صامتة للتهدئة الخليجية... وإدانة أممية للإجراءات ضد قطر

15 يونيو 2017
استعادت المتاجر القطرية عافيتها بعد كسر الحصار (فرانس برس)
+ الخط -
ظهر كأنّ اليوم العاشر لحملة الحصار الذي تحاول دول المحور السعودي ــ الإماراتي فرضه على دولة قطر، كانت سمته الصمت في الاتصالات والوساطات الهادفة إلى إنهاء محاولات الحصار الذي أعلنت الحكومة القطرية نجاح خطتها لكسره. ويبدو أن المعنيين باتصالات التهدئة يفضلون العمل بعيداً عن الأضواء والتسريبات الإعلامية، على عكس حملة الشتائم التي لا تزال وسائل إعلام محسوبة على دول "المحور الرباعي" تشنها بما تحتويه من إهانات وعنصرية وكذب.


وغابت الأنباء عن نشاط المسؤولين المعنيين بالملف الخليجي ممن يزورون واشنطن حالياً، بينهم وزير الدفاع القطري خالد العطية، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير. كذلك لم يعلن أي خبر عن الاتصال الثلاثي عبر الدائرة التلفزيونية بين زعماء فرنسا وتركيا وقطر، مساء الثلاثاء، وهو صمت مشابه لما يواكب جولة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي حطّ في جدة يوم الأربعاء في ثالث مدن زيارته بعد أبو ظبي والكويت، وقبل تعريجه على الدوحة في إطار عرض الوساطة الذي تقدم به الملك محمد السادس الذي كان يستقبل، مساء الأربعاء، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أول زيارة عربية يقوم بها الرئيس الفرنسي. ومن شبه المؤكد أن يكون موضوع الحملة ضد قطر قد احتل حيزاً واسعاً من اللقاء، على ضوء الموقف المغربي والفرنسي المتشابه لناحية رفض المشاركة في الحملة ضد الدوحة، وعرض المشاركة في اتصالات التهدئة من قبل باريس والرباط. أما وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، فكان يزور بدوره الدوحة، ليجدد تأكيد تضامن أنقرة معها، في انتظار موافقة الرياض على استقباله. كما أصدرت الأمم المتحدة، ممثلة بمفوضيتها لحقوق الإنسان، حكمها حول لا قانونية الإجراءات المتخذة ضد قطر. 


وقد أعلنت الحكومة القطرية نجاح خطتها لمواجهة الحصار، وهو ما جاء في بيان صادر عن مجلس الوزراء بعد اجتماعه يوم الأربعاء برئاسة عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني في مقره بالديوان الأميري، بحسب وكالة الأنباء القطرية الرسمية. واستنكر مجلس الوزراء البيان (الرباعي) المشترك والذي تضمن قائمة بأسماء أفراد وكيانات وصفها البيان بأنها إرهابية ومرتبطة بدولة قطر. وأعرب المجلس عن "ترحيبه وبالغ تقديره للجهود والمساعي الخيرة التي يقوم بها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت لحل أزمة العلاقات بين دولة قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين داخل الإطار الخليجي وعبر الحوار بين الأشقاء". كما أعرب المجلس عن شكره "للدول الشقيقة والصديقة التي أعلنت تضامنها مع الدوحة ودعت إلى ضرورة الإسراع برفع الحصار عنها وحل هذه الأزمة عن طريق الحوار والعمل الدبلوماسي".

واستمع المجلس، بحسب البيان، إلى "تقارير من الوزراء كل في ما يخص وزارته حول سير تنفيذ الخطة الموضوعة للتعامل مع الظروف الراهنة"، في إشارة إلى الإجراءات الهادفة إلى كسر الحصار الجوي والبحري والاقتصادي. إجراءات حصار قال عنها مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين يوم الأربعاء إنها تنتهك "على ما يبدو حقوق الإنسان بالتهديد بسجن أو تغريم من يبدون تعاطفا مع قطر". وقال الأمير زيد إن الدول الأربع، التي وصمت عشرات الأفراد والكيانات بالإرهاب لمزاعم عن صلاتهم بقطر، يتعين عليها احترام حقوق مواطنيها. وأضاف في بيان: "أصبح من الواضح أن الإجراءات التي اتخذت تنفذ على نطاق واسع ويمكنها أن تعرقل بدرجة كبيرة حياة آلاف النساء والأطفال والرجال لمجرد أنهم يحملون جنسية دولة منخرطة في هذا الخلاف". وذكر أن التعليمات التي أصدرتها السعودية والإمارات والبحرين بالتعامل مع الاحتياجات الإنسانية للأسر ذات الجنسية المزدوجة "غير كافية فيما يبدو وتلقى مكتبه تقارير عن أوامر لأفراد بعينهم بالرجوع لبلادهم أو مغادرة البلاد التي يسكنون فيها". وقال الأمير زيد "من بين هؤلاء الذين من المرجح أن يتضرروا بشدة الأزواج في الزيجات المختلطة وأطفالهم.. الأشخاص الذين لهم وظائف وأعمال في دول غير الدول التي يحملون جنسياتها أو الطلاب الذين يدرسون في دول أخرى". وأضاف "أشعر أيضا بقلق شديد لسماع أن الإمارات والبحرين تهددان بسجن أو تغريم الناس الذين يعبرون عن التعاطف مع قطر أو المعارضة لتحركات حكومتيهما لأن هذا يبدو انتهاكا واضحا للحق في حرية التعبير عن الرأي".


وقد سجلت البحرين أول اعتقال على خلفية التعبير عن الرأي حيال الحملة ضد قطر على وسائل التواصل الاجماعي، فقررت النيابة البحرينية حبس محام بحريني احتياطياً على ذمة التحقيق لتعاطفه مع قطر. وفي سياق الإدانات الحقوقية الدولية للإجراءات التي اتخذتها دول محور الرياض ــ أبو ظبي ضد "التعاطف مع قطر"، بما يشبه إجراءات تتخذ في دول ككوريا الشمالية مثلاً، اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن حجب وسائل إعلام مرتبطة بقطر في بعض الدول، "صفعة لحرية التعبير".

سياسياً، حلّ جاووش أوغلو ضيفاً على مسؤولي دولة قطر، بينما لم يعرف ما إذا كانت الرياض وافقت على استقبال الوزير التركي، وسط انزعاج من دول محور السعودية ــ الإمارات من الموقف التركي الرافض للإجراءات التي وصفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ"غير الإنسانية" ضد قطر.

أما ماكرون، فكان يتناول الإفطار إلى مأدبة الملك المغربي محمد السادس، في زيارة "خاصة وعائلية" كما جاء بيان لقصر الرئاسة الفرنسية. وكان ماكرون قد أجرى اتصالين هاتفيين بأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، منذ الخامس من يونيو/حزيران الحالي، تاريخ انطلاق الحملة الرسمية من بعض الدول العربية ضد قطر. في هذا الوقت، كان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة يجتمع بالملك سلمان بن عبد العزيز في جدة، ليبلغه رسالة شفهية من الملك محمد السادس، مثلما فعل في أبو ظبي والكويت، من دون أن يتم الإفصاح عن فحوى هذه الرسالة. وتندرج زيارة الدوحة على جدول أعمال رئيس الدبلوماسية المغربية.

المساهمون