عنزة ولو طارت

عنزة ولو طارت

05 مايو 2017
عباس خلال لقائه ترامب في البيت الأبيض (الأناضول)
+ الخط -

في الموروث الفلسطيني، أن رجلاً شاهد كائناً لم يتبين حقيقته، طائراً في السماء، فسأل صاحبه عن هذا الكائن فأجابه بأنه عنزة، فاستغرب الرجل الجواب، وأعاد الكرّة مبيّناً لصاحبه أن الكائن يطير في السماء وهو ما ليس من صفات العنز، لكن الرجل أصر على موقفه بل وزاد على ذلك قائلاً "عنزة ولو طارت"، وذهب هذا القول مثلاً في العناد الذي لا يرتكز لأبسط الحقائق.

يبدو أن حال الشعب الفلسطيني اليوم، بات شبيهاً بحالة الرجل المتسائل عن كنه الكائن الطائر في السماء، فيما تصر قيادته، ممثلة بالرئيس محمود عباس على إجابة غير منطقية وغير معقولة لا ترتكز إلى أساس. فلا يمكن لأي عاقل اليوم، أن يفهم سبب إصرار الرئيس عباس على إبداء التفاؤل بعد لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحلٍّ للمسألة الفلسطينية، مع أن ترامب أكد في بيان، أنه لن يكون هناك أي فرض لأي حل (والمراد هنا طبعاً حل الدولتين) على أي من الطرفين، (والمقصود هذه المرة أيضاً على دولة الاحتلال).

وإذا كان هذا الموقف المعلن والصريح غير كاف، فإن الرئيس عباس، يزيد على ذلك في لقائه مع وسائل إعلام عربية أنه والشعب الفلسطيني يريد أن يفهم المجتمع الإسرائيلي المواقف الفلسطينية الحقيقية وكأن الشعب الإسرائيلي، لا يعرف الحقيقة، وفي حال أدرك حقيقة الموقف الفلسطيني، سيضغط على حكومته من أجل أن تمضي في طريق السلام.

هذه التصريحات للرئيس عباس، تزيد من عمق اليأس العام الفلسطيني من فرص التحرر من نير الاحتلال، خصوصاً في ظل إصرار القيادة الفلسطينية الحالية على "استراتيجيتها" بالتفاوض ولا شيء غير التفاوض، وفي ظل إصرارها على مزيد من التنسيق الأمني مع الاحتلال، الذي يتيح يومياً لوسائل الإعلام الإسرائيلية، الإعلان عن تنفيذ عدد من الاعتقالات في صفوف فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، حتى بين من يعيشون في مناطق (أ) الخاضعة للسيطرة الفلسطينية كلياً.

إنها عقيدة "عنزة ولو طارت" إذاً هي المسيطرة على عقلية القيادة الفلسطينية الحالية، وهي تشبه إلى حد بعيد موقف من يصر على أن ما ينهال عليه من بصاق هو مطر وليس بصاقاً، وذلك لتبرير خوفه، أو عجزه عن الردّ، عبر الاختباء وراء تشويه الواقع والتنكر له وبناء واقع "بديل" أو واقع زائف.