روسيا تروّج لمركزية أستانة السوري... وسواتر فاصلة في حماة

روسيا تروّج لمركزية مباحثات أستانة السوري... والنظام يبني سواتر فاصلة في حماة

26 مايو 2017
استمرّ القصف في مناطق عدة جنوباً وشمالاً (فرانس برس)
+ الخط -
يعمل النظام السوري، بدعم مباشر من إيران، على المزيد من التصعيد العسكري، في الوقت الذي تتكفل فيه روسيا، بشكل مستمر، في تأكيد توجهها لتقويض مسار جنيف التفاوضي والعمل على تعزيز محادثات أستانة، التي تتحكم بمخرجاتها إلى حد بعيد. 
بينما تراقب المعارضة السورية التطورات السياسية والعسكرية وتداعياتها على الملف السوري بما في ذلك قرار حلف شمال الأطلسي المشاركة الجوية ضد "داعش" في سورية والعراق، جاء عقب الاتفاق الذي تمّ التوصل له، في القمة الأميركية ـ الإسلامية، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، يوم الأحد الماضي، على تشكيل قوة عسكرية من 30 ألف مقاتل لمحاربة الارهاب في العراق وسورية. وهو ما أشار إليه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبيرغ، في مؤتمر صحافي له، أمس الخميس، الذي أعلن أن "الحلف سينضم إلى عمليات التحالف الدولي ضد داعش جوياً، من دون المشاركة في عمليات برية ضد التنظيم".


سواتر هندسية فاصلة 

ولم تكن زيارة رئيس حكومة النظام عماد خميس، يوم الأحد، ووفده الوزاري إلى محافظة حماة "زيارة وديّة لمتابعة شؤون الأهالي في حماة وإكمال المشاريع الخدمية فيها"، بل كانت ذات أبعاد سياسية بحتة.

وأفاد المتحدث الرسمي باسم مركز حماة، الإعلامي حسن العمري، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن "القيادات الأمنية في محافظة حماة وقيادات عسكرية برتب عالية في جيش النظام، بالإضافة لرئيس الحكومة ووزير الداخلية وعشرة وزراء آخرين، عقدوا اجتماعات عالية المستوى، لرفع جاهزية النظام وقواته ومليشياته إلى أعلى درجة، وبناء سواتر هندسية الشكل شديدة التحصين مزودة بتقنيات هندسية عالية، ومزوّدة من إيران، وذلك لتأمين خط جبهات ريف حماة الملاصقة لمحافظة إدلب وجبل الزاوية معقل المعارضة شمالي سورية". وأضاف أن "تلك التحصينات ستمتد من منطقة خناصر شرقي حماة حتى الغرب إلى معسكر جورين أحد أكبر معاقل النظام في ريف حماة. وهدف التحصينات هو تأمين خطوط التماس بين كلا الطرفين من النظام والمعارضة لفصل مناطق سيطرة كلّ منهما، أي فصل الشمال السوري الواقع تحت كنف المعارضة السورية عن الريف الشمالي لحماة، والواقع بغالبيته تحت سيطرة النظام حتى أبواب مدينة حماة". 

وأفادت مصادر لـ"العربي الجديد"، بأن "مشروع تأمين الحدود الفاصلة بين مناطق المعارضة والنظام سيقام أيضاً في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، لفصل مناطق المعارضة كمدينة الرستن وتلبيسة وغيرها عن مناطق النظام بحدود وحواجز مؤمنة كما التي ستقام بريف حماة الشمالي، كذلك في محافظة درعا وفي ريف حلب"، فيما لم يؤكد أي مصدر عسكري من قبل المعارضة السورية في إدلب وريفها لـ "العربي الجديد" وصول أي بلاغ تجاه تأمين الخطوط الفاصلة مع مناطق النظام أو وصول أجهزة المراقبة أو أجهزة تأمين الحدود كما التي وصلت للنظام السوري.

وتترافق هذه التطورات مع استمرار التصعيد العسكري في سورية، على أكثر من جبهة وسط ترقب لتأثير التحركات العسكرية في البادية، لا سيما مع تقدم القوات النظامية والمليشيات المدعومة إيرانياً باتجاه الفصائل المسلحة المدعومة أميركياً في البادية السورية، حيث يوجد أيضاً قواعد تدريب عسكري يتواجد بها خبراء أميركيون وبريطانيون.




مؤشرات تصعيد في الشمال السوري

كذلك تتجه الأنظار إلى الشمال السوري في ظل استمرار المعارك التي تقوم بها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، والتلميحات الروسية إلى احتمال حدوث تصعيد عسكري، وهو ما أشارت إليه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أمس الخميس. وبينما تحدثت عن تحقيق التهدئة في العديد من مناطق سورية، لفتت إلى "إمكانية تصعيد الوضع في شمال سورية، بعد تهديدات أنقرة ضد قوات سورية الديمقراطية". وقالت زاخاروفا، في مؤتمر صحافي، أمس الخميس، إنه "أخذاً في الاعتبار التهديدات التي تطلق من قبل أنقرة ببدء حملة واسعة ضد قوات سورية الديمقراطية، والاشتباكات المستمرة بين الأكراد والتشكيلات المسلحة غير القانونية الموالية لتركيا، تبقى هناك إمكانية عالية لتصعيد الوضع في شمال سورية".

التفاف روسي على مفاوضات جنيف
في موازاة ذلك، تصرّ روسيا على إضعاف مباحثات جنيف لصالح مباحثات أستانة. 
وفي السياق قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية إن "موسكو تشير عموماً إلى تعزيز الديناميكية الإيجابية لتطور الوضع السياسي والعسكري في سورية"، موضحة أن "ذلك مرتبط بشكل مباشر بتنفيذ بنود المذكرة الخاصة بإقامة مناطق وقف التصعيد في سورية". ونوّهت إلى أن "الوضع هدأ كثيراً في محافظات حلب وإدلب وحمص ودرعا".

بدوره، حدّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في كلمة له أمام مجلس الاتحاد الروسي، يوم الأربعاء، بحسب تقارير إعلامية، أن "الخطوات المقبلة في جنيف أو أستانة، متعلقة بتثبيت الهدنة وصياغة الدستور"، معتبراً أن "المفاوضات في جنيف قد حققت أقصى ما يمكن في سياقها الحالي". وشدّد على "ضرورة بدء العمل إما في جنيف أو في أستانة، لصياغة الدستور السوري الجديد وتحديد مستقبل البلاد، عبر بحث مبادئ الدستور نفسه، وكذلك آلية تبنيه، بالإضافة إلى آلية لانتخاب البرلمان وقيادة البلد".



وبشأن الجولة المقبلة من المفاوضات في أستانة، والمقررة مطلع يونيو/حزيران المقبل، قال وزير الدفاع الروسي إنه "سيتعين على المشاركين في المفاوضات، المصادقة على الوثيقة الخاصة بالممرات الآمنة، التي يجب توسيعها حتى حدود مناطق تخفيف التوتر". وذكر بأن "عمق هذه الممرات الآمنة يجب أن يبلغ، حسب المقترحات الروسية، كيلومتراً واحداً".

في موازاة ذلك، كانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قد كشفت، أمس، أن "روسيا لم تقطع خط التواصل العسكري مع الولايات المتحدة في سورية، على الرغم من الهجوم الذي نفذته واشنطن ضد مطار الشعيرات التابع للنظام السوري، قبل نحو ستة أسابيع، إثر شنّ النظام غارة بأسلحة كيميائية على بلدة خان شيخون". ونقلت الصحيفة عن قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، اللفتنانت الجنرال جيفري هاريجيان، أن "الخط الساخن لتجنّب الصراعات الجوية في سورية لم ينقطع بين موسكو وواشنطن".


في غضون ذلك، تراقب المعارضة السورية مختلف التطورات السياسية والعسكرية في الوقت الذي تواصل فيه مشاوراتها من أجل تحديد رؤيتها للمرحلة المقبلة. 
وفي السياق، قال المستشار في "الهيئة العليا للمفاوضات" و"الوفد العسكري التفاوضي في أستانة"، يحيى العريضي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك قرارا بمحاربة الإرهاب، وهذا يستدعي تحديد الاصطفاف، إما على ضفة العالم المتحضر المستقر، أو في الضفة الأخرى لتحقيق المشاريع العبثية، وينطبق هذا على إيران، في حين ما زال الخيار متروكا للروس في اختيار مكانها. وأعتقد من هنا أن وزير الدفاع الروسي قد يكون يرغب في لملمة الأمور لمحاربة الإرهاب، بعد أن التقطوا الرسائل الدولية، عبر فعل استراتيجي وليس تكتيكيا".

ميدانياً، قصف تنظيم "داعش"، صباح أمس، منطقة خاضعة لسيطرة النظام شرق حماة، فيما أعلن النظام سيطرته على مواقع في ريف حمص الشرقي، كان قد انتزعها منه مقاتلو التنظيم في وقت سابق. واستهدف "داعش" قرية المسعودية الخاضعة لسيطرة النظام، في ريف حماة الشرقي، بقذائف المدفعية والصواريخ، واقتصرت الأضرار على المادية. وفي غضون ذلك، ذكر تلفزيون النظام السوري أنّ "الجيش والقوات الرديفة استعادا السيطرة على قرية ومنطقة الباردة شرق القريتين، بريف حمص الشرقي، بعد اشتباكات مع داعش"، مشيراً إلى أنّ "العشرات من مقاتلي التنظيم سقطوا بين قتيل وجريح". وأوضح أنّ "قوات النظام تقدّمت شرق القرية، وأحكمت السيطرة على جبل زقاقية خليل، وسيطرت نارياً على قرية البصيري جنوبي الباردة بنحو ثمانية كيلومترات. كما تقدّمت قوات النظام في منطقة الصوانة جنوب مدينة تدمر شرقاً، على خلفية اشتباكات مع مسلحي داعش".

وأفادت مصادر محلية بأن "مناطق المعارضة في مدينة درعا، لا تزال تتعرض إلى قصف جوي، بعد أن شنّ الطيران الحربي 9 غارات جوية على أحياء درعا البلد، إضافة إلى قصف عبر البراميل المتفجرة، في حين حافظت الفصائل المعارضة على تقدمها".

كما ذكرت مصادر متابعة أن "قوات سورية الديمقراطية استهدفت بصاروخ موجه سيارة تقلّ نازحين، أثناء خروجهم من قرية كديران (32 كيلومتراً غرب مدينة الرقة)، باتجاه سد الرشيد، ما أسفر عن مقتل سبعة مدنيين من عائلة واحدة. والنازحون هم من قرية إعيوج، شمال غرب مدينة الرقة". وقُتل خمسة مدنيين وجرح ثمانية آخرون في حي الدرعية، كما قتل اثنان في حي الرومانية، بينهم طفل وامرأة، جراء قصف لطائرات حربية يرجح أنها للتحالف الدولي، استهدف مباني سكنية غربي الرقة.


المساهمون