التطبيع المستحيل

التطبيع المستحيل

24 مايو 2017
من تظاهرة أردنية ضد الاحتلال (Getty)
+ الخط -
على السلطات الأردنية أن تأخذ بالحسبان الاستفتاء الشعبي "العفوي" الذي أجراه الأردنيون أخيراً حول مواقفهم من دولة الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب زيارة أربعة أردنيين ادعوا تمثيلهم للعشائر الأردنية الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين. ويُفترض بصانعي السياسة الأردنية أن يتوقفوا طويلاً أمام نتائج الاستفتاء واعتمادها محدداً رئيساً في صياغة التوجّهات السياسية لتكون معبّرة بشكل حقيقي عن الإرادة الشعبية.
قال الأردنيون كلمتهم بحق تجاه من ارتدوا العباءات الرخيصة خلال الزيارة التطبيعية، وأعلنوا أن هؤلاء لا يمثّلون إلا أنفسهم، ولم يكتفوا بذلك، بل انبروا لكيل الوعيد والتهديد للمشاركين بالزيارة، ليس فقط لفعلتهم المرفوضة، بل لتقديم أنفسهم خلال الزيارة ممثلين عن عشائرهم في مجاملة رخيصة دفعوا ثمنها غالياً.

للعشيرة في الأردن مكانة مقدرة، وعلى الرغم من كل الملاحظات والانتقادات التي طاولتها، وعلى الرغم من كل محاولات تفكيكها وتفتيتها، وعلى الرغم من الانحرافات والتغيّرات التي طاولت مسيرتها، فإنها تحافظ على دورها كأحد أهم مكوّنات المجتمع الأردني وتفاعلاته السياسية، وهو ما حاول الزائرون استغلاله لمنح شخصياتهم المغمورة قيمة اعتبارية أمام مضيفيهم المرحبين بأي اختراق شعبي لجليد مشاعر الأردنيين العصي على الذوبان تجاه إسرائيل.
حتى اليوم تواصل العشائر الأردنية التغنّي بدورها في الدفاع عن فلسطين وبشهدائها الذين سقطوا على ترابها حتى ما قبل الحروب العربية الإسرائيلية، ويعددون أسماءهم وهم يستعرضون تاريخ العشيرة وبطولة وإقدام أفرادها، وهو الأمر الذي تكرر على نحو واسع بعد الزيارة التطبيعية، وتعبيراً عن صدقهم العميق لم يتوانوا عن التبرؤ من الزائرين ونبذهم.

كذلك لم يصمت الشعب على مشاركة وفد برلماني أردني في اجتماع الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط الذي حضره وفد إسرائيلي بحكم عضويته في الاتحاد، ونجح الرفض الشعبي في إجبار البرلمانيين المشاركين على تقديم اعتذار علني وإعلان الندم على الخطيئة التي ارتكبوها والتعهد بعدم تكرارها.
ما حدث درس حقيقي سيتذكره بالضرورة كل من يفكر مستقبلاً بعمل تطبيعي، ودرس على السلطات الأردنية أن تستفيد منه وهي تصر على المضي قدماً في توسيع رقعة التطبيع للانتقال به من المستويات الرسمية إلى المستويات الشعبية، غير آبهة باستحالة المهمة وخطورتها.

المساهمون