الجزائر والمغرب... المذبوحة تضحك على المسلوخة

الجزائر والمغرب... المذبوحة تضحك على المسلوخة

23 مايو 2017
الحدود الجزائرية ـ المغربية (فاضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -
بين اللكمة والتحرش، كان الحدث الأسبوع الماضي مغربياً وجزائرياً في حضرة الأمم المتحدة، لم يغطّ عليه سوى حدث نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سحب عشرات المليارات من الدولارات في زيارته السعودية. فخلال اجتماع لجنة الـ 24 التابعة للأمم المتحدة المكلفة بتصفية الاستعمار بسان فنسان وغرينادين، لمناقشة قضية الصحراء الغربية، تقول الرواية الجزائرية إن "الوفد المغربي تحرّش بدبلوماسية جزائرية"، بينما تقول الرواية المغربية إن "دبلوماسياً جزائرياً وجّه لكمة عنيفة إلى أحد دبلوماسييها".

وبين الروايتين، هناك رواية باتت سرديتها مقرفة، فعادة لا يقترن اسم الجزائر والمغرب في الحدث الدولي، إلا بأزمة وتبادل السباب السياسي. فقبل أقل من شهر كان الحدث الدولي مغربياً وجزائرياً أيضاً، وكان الضحايا لاجئين سوريين وجدوا أنفسهم عالقين على الحدود بين البلدين. وبدلاً من أن تعمل الروح الإنسانية ويسمو الوازع الأخلاقي تجاههم، تحول اللاجئون إلى ملف للمزايدة السياسية بين البلدين، وعمل إعلام البلدين في توجيه التهم إلى الجار وصدها عن البلد الأم.

وللإعلام في المغرب والجزائر قصة أخرى في التماهي مع قصري الملك والرئيس. الأغرب في تفاصيلها أن وسائل الإعلام الجزائرية الموالية للحكومة، ظلت خلال أسبوع تدير كاميراتها عن الاحتجاجات الصاخبة لجنود مكافحة الإرهاب في التسعينيات وتجاهلت مسيرتهم المركزية في العاصمة، لكنها كانت شديدة التركيز على احتجاجات تحدث بعيداً عنها بآلاف الكيلومترات في الحسيمة في الريف المغربي. في المقابل، مارست وسائل الإعلام المغربية المقرّبة من القصر ما أمكن من التعتيم على احتجاجات الحسيمة، لكنها عملت بجدّ وجهد في تغطية احتجاجات في بومرداس الجزائرية.

تحرّش بلكمة، ولقطة بلقطة واحتجاج باحتجاج، وتستمر الأزمة بين الجزائر والمغرب. وحتى الآن نشأ جيل كامل في البلدين في ظل القطيعة، وخلال عقود من القطيعة ضاعت مصالح وفرص جدية لتحويل الترابط الجغرافي والاجتماعي الى ثروة اقتصادية وتنموية. وأبقت الدول الغربية المغرب والجزائر ضمن لعبة المصالح، كلما اشتد الصراع بين البلدين أكثر كانت مصالح أوروبا الاقتصادية والسياسية سالكة، وكلما تعقدت الأزمة بين البلدين كان الابتزاز الغربي للبلدين أيسر.

لا تصنع الجزائر والمغرب الحدث على صعيد التنمية أو منجزات التحول السياسي والاقتصادي، بقدر ما يشترك البلدان في تخمة من الفقر والعطب الاقتصادي والكسل في تحويل المقدرات إلى قيمة تنموية مضافة، وبقدر ما يخطئ البلدان فرص تصحيح الأوضاع واحترام قدر الجغرافيا، بحيث لا الجزائر ستغيّر موقعها، ولا المغرب سيرحل من الخريطة، بقدر ما يجتهدان في كشف عيوب الآخر. تماماً كما الدجاجة المذبوحة التي تضحك على الدجاجة المسلوخة، أو الناقة التي تضحك على حدبة ناقة أخرى ونسيت حدبتها التي على ظهرها.